بعد رجوعي من المولد النبوي
عبدالخالق عطشان
عبدالخالق عطشان
 

وصلنا للاحتفال بالمولد النبوي وكنت أتخيل من حجم الدعاية والجباية المهولة للاحتفال بالترغيب والترهيب وان الاحتفال برعاية رسول الله شخصيا سأجد رسول الله ينتظرنا على الأقل لتسليمنا رواتبنا او يلقي خطابا لنا يبشرنا بمقاعدنا في الجنة بعد مسيرة صبر على طغيان من ادعوا قرابته غير أني لم أجد لا رسول الله ولا آله وإنما وجدتُني وغيري نخوض مستنقعا طُحلبيا أخضرا آسنا وهتافات بالموت والتلبية لرسول غير رسول العالمين الذي نعرفه .

لم أستمر حتى انتهاء الإحتفالية ولاحتى بدايتها عُدتُ من المولد بلا حمص وحتى خفي حُنين لم أعد بها ، كنت أتلفتُ ذات اليمين واليسار حيث لايوجد جدارٌ إلا وعليه أطفالٌ قد صلبتهم عليه المليشيا بعد مقتلهم تتباهى بهلاكهم ليدوم لها احتفالهم بالمولد وليس الإحتفال بموت أمريكا أو إسرائيل .

في طريق العودة وعلى أحد الأبنية قرأت قول الله تعالى بالخط الفارسي الأخضر ( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ) غير أن البناء كان سجنا لمئات الأبرياء ضاهره الرحمة وباطنه العذاب .. سجناء بعضهم تم سجنه لإنه تساءل : أين الراتب ؟ وبعضهم تم سجنه لإنه لم يقل حين صلاته على النبي (وعلى آله) وبعض من خرج من هذا السجن بفدية مالية كبيرة وكأنه أسير إسرائيلي أسره الإماميون حين اقتحامهم تل أبيب ولم يختطفوه من بيته او مسجده وبعضهم خرج من سجن ( آل الأخضر ) مشلولا أو مجنونا أو مقتولا .

على مقربة من المسجد كان هنالك سلاليٍّ يتباهى باحتفالية المولد مدعيا أن الإحتفال يغيض دول الإستكبار ويزلزل عروشهم وهذا بفضل (الآل) الذي وصّابهم رسول الله قائلا: الله الله في آل بيتي .فقلت في نفسي : مالذي يريدونه (آلكم) بعد أن احتلوا البيت ونهبوه وشردوا أهله ونالوا منهم نيلا عظيما .. انصرفت وأن أتذكر أن أول عمل عمله رسول الله في المدينة لم يكن الإحتفال بمولده وإنما بنى مسجدا بينما مليشيا الإمامة كان أهم وأول إنجازاتهم تفجير المساجد.

قبل أن أصل إلى داري وجدتُ أمةً من الناس على محطة بترول كانوا قد خرجوا سراعا من الإحتفالية الخضراء يقفون في طابور طويل لتعبئة مركباتهم بالبترول بأسعار باهضة تذهب فوارقها إلى جيوب كهنة المعبد الإمامي الأخضر وخلفها أسواق سوداء إبتدعوها لثراء زعماء مسيرتهم الخضراء ودوام انقلابهم .

 

قبل أن ألج داري رأيت المدرسة التي تجاوره والتي بناها النظام الجمهوري للتربية والتعليم وقد أُفرِغت من محتواها وتحولت للتعبئة العنصرية والتلغيم الطائفي فالطلاب والعاملون فيها يتوجهون قسرا للسباحة في المستنقع الأخضر يحتفلون بكل المناسبات الإمامية وليس المولد الحوثي فحسب وبعضهم ذهب لجبهة أمريكا ولم يعد .

 

حينما هممتُ أن أطرق باب داري تذكرت أنه لايوجد فيه غاز ولا كهرباء ولا ماء ولاراتب فقررت الذهاب للمقبرة اخلو بنفسي قليلا أواسيها واحمد الله أني مازلت على قيد الحياة في هذا الوضع الإنقلابي الموجع فدخلتها-المقبرة- وقبل دخولي كانت قد دخلت جنازة قبلي قُتِل صاحبها وهو يحاصر تعز وبعد دخولي دخلتْ أخرى مات صاحبها من القهر على إبنه الذي مات وهو في سجون الإمامة وقبل أن أجلس مع نفسي دخلت ثالثة انتحر صاحبها لإنه لاراتب لهُ ولايجدُ مايُطعم أسرته فراتبه نهبه الأئمة الخُضر فقمت مسرعا للخروج من المقبرة لأصادف الجنازة الرابعة لمشرف في المسيرة الخضراء قتله صاحبه حين اختلفا على أموال جباية المولد حينها قلتُ الإمامة تقتلُ أمتك وتقتل بعضها في ذكرى مولدك يارسول الله .

توجهت لأدخل داري قد استبد بي الجوع لتدخل علي زوجتي واضعة بين يدي قطعا من القماش الأخضر ومصابيحا خضراء وعلبة طلاء أخضر وشعار الصرخة الأخضر .. فقلت ماهذا ياإمرة فقالت : هذاء غداؤنا في ذكرى مولد حبيبنا رسول الله 

 
في الأحد 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 06:59:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=44656