قاتلوا حتى لا يكون سيد في هذا الكون إلا الله
أحمد عايض
أحمد عايض

رغم مرور أكثر من نصف قرن على الثورة اليمنية الأم في عام 1962م التي قامت ضد حكم كهنوتي تقوده أسرة سلالية منحت لنفسها ما أسمته الحق الإلهي في حكم اليمن .

وخلال الألف العام الماضية التي حكمت فيها اليمن, مزقت النسيج الاجتماعي وتفننت في صنع الطبقات الاجتماعية وفصلت أنواعها كي تحيط نفسها بامتيازات خاصة بداية من التقديس السلالي مرورا بطابور الخدم والحشم والمقاتلين والعمال ,في حين فرغت نفسها للحكم واللهو والعبث بمصير كل الطبقات المجتمعية.

ورغم مرور هذه الحقبة الزمنية من عمر الثورة اليمنية إلا ان الفوارق الطبقية الاجتماعية التي فرضتها تلك السلالة على المجتمع مازالت ماثلة للعيان وحاضرة في الوجهه ومازلت تؤتي نتائجها ويحصد جناها اليوم "الاماميون الجدد" القادمون من كهوف الجبال .

منحوا أنفسهم هالة من القداسة , وخدعوا العامة من الناس بأنهم هم "أسلال النبوة " وبأنهم أسياد المجتمع, خدمتهم قرب وطاعتهم قربان هكذا كان التزوير على العامة من أبناء اليمن .

لم يكن المجتمع العربي يعرف هذا التفاوت الطبقي المقيت ففي الماضي كانت الحياة تنقسم إلى طبقتين " الأسياد والعبيد" لكن السلاليين عمدوا إلى تقسيم طبقة الأسياد " الأحرار " إلى طبقات ليكونوا هم على قمة الهرم" حيث صنفوا أنفسهم "سادة " يليهم القبائل " كطبقة اجتماعية تخصصت في القتال والدفاع عن مصالحهم أيام الحروب , وأيام السلم يتفرغون للعمل في مجال الزراعة لدعم خزائنهم بالمال والغذاء , وطبقة أخرى أسموها "المزاينة " أو القرار" كما يسمونهم في المناطق الشرقية وهي طبقة اجتماعية عمدوا إلى امتهان مهامهم ومهنهم وتعمدوا تقليل قدر من يمارسها "رغم أن العرب قبل الإسلام وبعد الإسلام لم يكونوا يعيبوا أي عمل أو مهنة .

 حتى المهن التي مارسها الأنبياء والمصلحون على مدار التاريخ عمدوا على امتهانها, واخفائها في مناهجهم ومذهبهم عن العامة طول سنوات حكمهم الاستبدادي وتجاهلوا "أن آدم عليه السلام كان مزارعا ونوح عليه السلام نجاراً , وإدريس عليه السلام خيّـــاطا, وإبراهيم عليه السلام كان بزازاً " يبيع القماش", وداود عليه السلام كان حداداً, والياس عليه السلام كان نسّاجاً , وسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم كان راعيا للغنم, كما كان أبو بكر الصديق تاجر أقمشة, وعمر بن الخطاب كان دلاّلاً , وعمرو بن العاص كان جزّاراً, والزبير بن العوام كان خيّاطاً ,وغيرهم كثير لا يتسع المجال لذكرهم .

حتى العلاقات الاجتماعية عمدوا إلى تمزيقها " فلا يحق للقبيلي أن يتزوج من السادة , ولا يحق للبقية الطبقات أن يتزوجوا من القبائل .

عقب الانقلاب جاهر الحوثيون السلاليون بالسخرية من بقية الطبقات الاجتماعية , وحاولوا طمس بعض معالم الاعتدال في بعض المناطق التي تخلى فيها بعض "السلالة" عن تلك النظرة الاستعلائية على المجتمع وقاموا بتزويج بعض بناتهم لبعض رجال القبائل , حيث قام الأماميون الجدد " الحوثيين " بإرغام أولئك القبائل على طلاق الهاشميات ,غير مكترثين لأي نتائج تستهدف النسيج المجتمعي .

مقابر الموت التي يفاخر الحوثيون بالتوسع فيها تكشف أرقامها احصائيات مفزعة حيث يقدر أن أكثر من 98% من القبور تابعة لرجال القبائل , والبقية للسلاليين , بل وصلت الطبقية حتى في مقاسات القبور وتشكيلاتها بين "الزنابيل والقناديل", والبعض من قناديلهم كما يطلقون على أنفسهم "لا يوضعون إلا في قبور خاصة في تمييز عرقي مقيت , تناسوا أن قبر رسول الله ملاصقا لرجل من قبائل العرب هو أبوبكر الصديق.

لقد كان الهدف الرئيسي لانقلاب 21 سبتمبر المشؤوم هوا "الحكم والسيادة " لأنفسهم, والاستحواذ على ممتلكات الدولة والمجتمع تحت بند الخمس .

سقطت الدولة اليمنية ووصلت إلى الحضيض بسبب انقضاضهم ونهبهم لكل ما استطاعوا على نهبه تحت مبرر " أنه حق إلهي لهم .

لن ينسى التاريخ وقاحة السلالي يحي بدر الدين الحوثي الذي فاخر يوما بقوله "أن ما أخذه الحوثيون طوال السنوات الماضية لا يساوي 1% من حق آل البيت الذي هو منهوب طيلة نصف القرن الماضي حسب قناعاته التي يرى فيها أن الحكم الجمهوري هو انقلاب عسكري على سلطتهم الحاكمة , وقد أعلن عن ذلك صراحة عبر أحد القنوات الفضائية الدولية .

لقد أعلن الشعب اليمني قيام ثورته مجددا وصولا إلى الجمهورية الثانية , وتمكينا للنظام والقانون بعيدا عن امتيازات الطبقة والسلالة وأوهام الحق الإلهي , كأداة دينية في اغتصاب حق الشعوب .

لقد أعلن الشعب ثورته مجددا , للوقوف أمام هذا المد الإمامي الجديد , الطامع في عودة الكهنوت, لكن هيهات لهم, فجيشنا الوطني في كل ربوع هذا الوطن يخوض معترك الحرية والكرامة , ويقاتل بكل بسالة حتى لا يكون سيد على هذه الأرض إلا الله , ولا نامت أعين الجبناء .

    
في الأحد 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2017 05:01:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=43269