الغدر والخيانة في تاريخ الحركة الحوثية 1
فتحي منجد
فتحي منجد
نقض العهود والمواثيق جزء من تاريخ الحوثيين وسجلهم الحافل بالمتناقضات, منذ بدء ظهورهم المسلح عام 2004م وحتى اليوم , وقد نقلت صحيفة القدس العربي عن مصدر حكومي أن المسلحين الحوثيين نقضوا أكثر من 23 اتفاقاً قبل سقوط صنعاء في أيديهم في 9/2014م 
ومن أوضح الأدلة على ذلك تعهد عبدالملك بدر الدين الحوثي بخط يده في تاريخ 25/5/2005م بالنزول من الجبال وترك كل عمل عسكري في حال قامت السلطات المحلية بالإفراج عن السجناء وقد تم تلبية طلبة في حينه وغادر السجناء إلى الجبال ولم يغادروا إلى منازلهم وعادت الحرب من جديد، ثم نقض تعهدات أخرى تم توقيعها خلال (2006م- 2007م ).
و في 2008م نقض الحوثيون اتفاق الدوحة الذي وقع في فبرير من العام ذاته , والذي كان يقضي بأن يسلم الحوثيون سلاحهم للدولة مقابل أن يلجأ قادتهم الرئيسيون عبد الملك وعبد الكريم الحوثي وعبد الله الرزامي إلى قطر, مقابل أن يصدر عفو حكومي عن كافة المتمردين ويفرج عن معتقليهم وجاء في البيان الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية مذيلاً باسم عبد الملك الحوثي : «استجابة للدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح من أجل حقن الدماء نعلن وقف العنف والاقتتال والالتزام بالنظام الجمهوري والدستور والقوانين في البلاد وتنفيذ الشروط التي اتفقنا عليها في إطار المساعي التي بذلتها دولة قطر الشقيقة برعاية كريمة من حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير دولة قطر».
وبعد توقيع الاتفاق من الجانبين نفذت الحكومة اليمنية ما عليها من الالتزامات وبدأت الحكومة القطرية بتنفيذ ما التزمت به من التعويض، غير أنهم فوجئوا بتعنت الحوثي وانقلابه على الاتفاق، مما جعل وفد قطر في لجنة الوساطة يغادر إلى الدوحة في 18/7/2007م معلناً تعنت عبدالملك الحوثي وعدم التزامه ببنود الاتفاق الذي حدد (20) يوماً لتنفيذه .
كما نقض الحوثيون الاتفاق الذي بموجبه توقفت الحرب السادسة في 12/2/2010 وذلك بعد إعلان عبد الملك الحوثي، القبول بالشروط التي تضمنتها النقاط الست عبر تسجيل صوتي وزعه مكتبه وحصلت «الشرق الأوسط» في حينه على نسخة منه، وكانت النقاط الست تنص على ما يلي :
1- الالتزام بوقف إطلاق النار وفتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من المرتفعات وإنهاء التمترس في المواقع وجوانب الطرق.
2- الانسحاب من المديريات وعدم التدخل في شئون السلطة المحلية.
3- إعادة المنهوبات من المعدات المدنية والعسكرية اليمنية والسعودية.
4- إطلاق المحتجزين لديه من المدنيين والعسكريين اليمنيين والسعوديين.
5- الالتزام بالدستور والنظام والقانون.
6- الالتزام بعدم الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية الشقيقة.
وكذا موافقته على الآلية التنفيذية لتلك النقاط والمسلمة إليه.
ولم ينفذ الحوثيون أي منها منذ تاريخ توقيعها ولم يفتحوا الطرقات، ولم يزيلوا الألغام، كما قاموا بإسقاط معظم مديريات محافظة صعدة بعد التوقيع عليها , أما النقطة السادسة والتي تفرض عليه عدم الاعتداء على أراضي المملكة فلم يلتزموا بها تنفيذاً للاتفاق وإنما نتيجة للضربات الموجعة التي تلقوها من القوات السعودية حينها.
ومن أوضح البراهين التي لا يمكن لعاقل أن ينكرها هو انقلاب الحوثيين على مخرجات الحوار الوطني الذي انطلق في 18/3/2013م , بين كل المكونات اليمنية , و تم الاعتراف بالحوثيين من خلاله كمكون سياسي مع عدم تسليمهم للسلاح للدولة , وحازوا على عدد من المقاعد أكبر بكثير من حجمهم الحقيقي , وشاركوا فيه بالعديد من قياداتهم السياسية الفاعلين, وعولجت فيه قضية صعدة معالجة تامة , وقبلت شروطهم التي اشترطوها لنجاح مؤتمر الحوار , من بينها الاعتذار لصعدة عن الحروب الست واعتبار من سقطوا منهم في تلك الحروب شهداء ومعاملتهم مثل شهداء الاحتجاجات التي شهدتها اليمن في 2011م وشملهم القرار الجمهوري , ومع أنهم كانوا أول الموقعين على وثيقة مؤتمر الحوار إلا أنهم كانوا أول الناقضين لمخرجاته، عبر نشاطهم العسكري واسقاطهم للمناطق اليمنية حتى في أثناء جلسات الحوار ذاتها .
وبعد سقوط صنعاء في أيديهم بتاريخ 21/9/2014م قاموا بنقض اتفاق السلم والشراكة الوطنية والملحق الأمني التابع له والذي فرضوهما بالقوة على الرئاسة والأحزاب اليمنية عشية سقوط صنعاء وتم التوقيع عليه بحضور جمال بنعمر, ثم لم ينفذوا أياً من بنوده, حيث عززوا من ميليشياتهم في العاصمة , وواصلوا نهب المعسكرات والمقرات الحكومية , واستمروا في اسقاط المحافظات اليمنية تباعا, ثم أجبروا الرئيس والحكومة على الاستقالة وحلوا أجهزة الدولة, وزحفوا نحو الجنوب.
وفي ديسمبر 2014م نقض الحوثيون الاتفاق الذي وقعوه مع حزب التجمع اليمني للإصلاح والذي وقع تحت مسمى (اليمن أولاً) ونشرته وكالة "خبر" للأنباء وكان يقضي بالتزام الطرفين بوقف التجييش الطائفي والمذهبي والعنصري، في وسائل الإعلام ، ومواقع التواصل الاجتماعي , والتوقف على عدم اقتحام المنازل وتفجيرها وغيرها التابعة لحزب الاصلاح ومؤسسات الدولة, ولكن الحوثيون خرقوا ذلك الاتفاق بعد أيام قلائل من توقيعه حيث هاجموا مشايخ وقبائل أرحب الموالية لحزب الاصلاح وقتلت منهم العشرات وفجرت العديد من منازلهم، ودمروا دور القرآن ومقرات الحزب، وقاموا بتنفيذ حملة واسعة من الاعتقالات، جاء ذلك بالتزامن مع التجييش الإعلامي، وهذا يعد ناقض لكل فقرات الاتفاق، كنقض مباشر في وقت قياسي.
كما نقضوا صلحاً جديداً وقعوه مع إصلاح معبر "مديرية جهران " في 24/4/2015م ورافقها توقيع وثيقة صلح بين الطرفين بقرية عسم، وتضمنت أن يتعايش الجميع بمختلف انتماءاتهم المذهبية في إخاء وسلام، مع التصدي لأي عمل يحرِّض على الطائفية والكراهية، وعدم الاعتداء على الحوثيين ومن ينضم إليهم في المنطقة, وتأتي هذه الوثيقة بعد وثيقة صلح سابقة توصلت إليها وساطة قبيلة إثر مواجهات مسلحة شهدتها منطقة طلحامة وبني سبأ ولم يلتزم بها الحوثيون من تاريخ توقيعها حيث اقتحموا القرية وفجروا الجامع واعتقلوا العديد من أبناء المنطقة .
وفي 21 أكتوبر 2014م نقض “الحوثيون” الاتفاقية التي وقعوها مع حزب الإصلاح بمدينة يريم، والذي يضع حداً للتوتر بعد المواجهات العنيفة، وتنص على وقف إطلاق النار ووقف التحريض من الطرفين ضد بعضهما، وتنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وتعيين مندوبين من الطرفين لحل المشكلات والعراقيل والإشكاليات التي قد تحدث في المدينة ووقف كل أعمال التحريض المذهبي والطائفي في كافة المساجد من الطرفين و سحب قوات الحوثيين من المدينة، وقد قام الحوثيون بنقض الإتفاق اليوم الثاني مباشرة حيث طوقوا المدينة وأحكموا السيطرة عليها وكثفوا من ميليشياتهم المسلحة وفجروا عدة منازل من بينهم الشيخ علي مسعد بدير وقتلوا نجله الذي لا يتجاوز عمره 12 عاماً وفخخوا جثته، 
وأما نقضهم للاتفاقات مع طلاب دماج فحدث عنها ولا حرج حيث تم التوقيع بينهم على أكثر من وثيقة خلال (2013- 2014م) , برعاية قبلية وحكومية ومع ذلك كان الحوثيون يقومون بنقضها بعد التوقيع مباشرة إما بإعادة التمركز ووضع نقاط التفتيش وإما بقتل واختطاف طلاب العلم وأهالي دماج كما حصل في 21 /4/2012م في الحادثة المشهورة بدعس الحوثيين للمصحف في منطقة رحبان حيث قتلوا أربعة من طلاب العلم بعد أن حاولوا أخذ أسلحتهم, وكما حصل في 4/2/2013م في حادثة العشاش الذي قتل فيها أثنان وأسر أربعة أخرين من أبناء دماج نفسها وغيرها كثير, وإما بمنع الباصات التي تنقل الطلاب من دخول دماج وكذلك منع الخطباء من الخروج إلى صعدة, وإما بعدم تسليم مساجد أهل السنة والاعتداء على ما بقي منها بيد أهل السنة مع العلم أنه كان من شروط الصلح أن كلاً له مساجده ولا يعتدي على مساجد الآخر، وكذلك على الحوثيين أن يسلموا المساجد التي استولوا عليه والتي تبلغ أكثر من خمسين مسجداً, بالإضافة إلى فرض الحصار العسكري لبعض قبائل أهل السنة كما حصل في 7/2013م حيث قام الحوثيون بحصار أهل السنة من أهالي مديرية مُنَبِه إحدى مديريات صعدة، ومن ثم اقتحموها بالقوة في ظل الهدنه .
ولعل هذا ما جعل رئيس للجنة الوساطة يحيى أبو إصبع أن يصرح في 16 /1/ 2014هـ قبل تهجير أهالي دماج بأيام أن مقاتلي جماعة الحوثي نقضوا الاتفاق المبرم معهم، ومنعوا انتشار قوات الجيش اليمني في مناطق عدة بدماج, وشدد على أن "كل الاتفاقيات التي يتم التوقيع عليها بدأت تتآكل بسبب رغبات وأمزجة جماعة الحوثي التي تقود الوضع إلى ما تريد تحقيقه فقط" وأن الهدنة مزقتها رصاصات وقذائف الحوثي، مضيفاً أن الحوثيين هم البادئون بخرق الهدنة وإسقاطها، حيث إنهم تقدموا في ثلاثة مواقع مستغلين وقف إطلاق النار.
وأما نقضهم للاتفاقات في محافظة عمران فقد نقض الحوثيون عدداً من الاتفاقات منذ توقيع إعلان اللجنة الرئاسية عن اتفاق وقف إطلاق النار في 4/6/2014 م من قبل اللجنة الرئاسية الأولى التي كان يرأسها اللواء قائد العنسي وتم إضافته مع آخرين إلى اللجنة الأخيرة التي يرأسها الرويشان ويشرف عليها وزير الدفاع والقوات الحكومية وتتضمن ست نقاط رئيسية وفي مقدمتها الوقف الفوري لإطلاق النار بين الجانبين في محافظة عمران، ووقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف ونشر مراقبين عسكريين محايدين للإشراف على وقف إطلاق النار والتأكد من التزام كافة الأطراف بالتنفيذ
ولم يلتزم الحوثيون بشيء بل كانوا يستغلون الهدنه لتعزيز مسلحيهم حتى تمكنوا من اسقاط اللواء 310 مدرع وقتل قائده العميد حميد القشيبي في 8 /7/ 2014م
هذا ولم يقتصر نقض الحوثيين للاتفاقات مع الجانب الحكومي أو الأحزاب السياسية والجماعات الإسلامية المختلفة معهم بل تعدى ذلك إلى الزيدية ذاتها حيث نقض الحوثيون أربع اتفاقيات وقعوها مع الحسين بن يحيى من انصار محمد عبد العظيم الحوثي في سنة واحدة ,كما وقعوا اتفاقاً آخر مع محمد عبدالعظيم الحوثي ,ثم قاموا بنقضه وهاجموا مساجده وقتلوا بعض طلابه مما جعل محمد عبد العظيم الحوثي يصفهم بنقضة العهود والمواثيق ويفتي بتكفيرهم في تسجيل صوتي مشهور نشر 24‏/12‏/2011م .
هذه نماذج من تاريخ الحوثيين المليء بنقض العهود والمواثيق, وأما نقضهم للإتفاقات مع القبائل فهناك الكثير من الحقائق سنتناولها بالتفصيل في مقال قادم -بإذن الله-

في الخميس 03 مارس - آذار 2016 11:51:47 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=42116