اغتيال المحافظ
فيصل علي
فيصل علي

"واخيرا تحررت عدن" هكذا قلناها بسطحية مفرطة وبفرحة لم تكتمل ، وقيل لنا يومها من بعض رفاقنا انتم تسرقون فرحة الجنوب، لم نلتفت لما قالوه، بينما كان إعلام صالح يروج انه سلمها بالمفتاح للإمارات والتي فعليا نشرت جنودها" الكولومبيين" المستأجرين لهذه المهمة المؤقتة.

انسحب الحرس الجمهوري وترك أبناء "المرملات" الحوثة لوحدهم في الميدان، وتم اسر كثير منهم وهم من الاحداث الذين جندتهم المليشيات عبر مشايخ القبائل المتاجرين بالدماء ، وقتل من هم الكثير .

بلعها الحوثي على مضض لأن الأوامر بالانسحاب صدرت ممن استأجروه لدخول صنعاء ومولوا حملته من البداية، ولم يتم ملاحظة أي خلاف بين الانقلاييين حول هذه النقطة. وكان إعلام الحوثي وصالح يتحدث بإسهاب بان عدن سلمت للدواعش، وكنا نسخر من ذلك!!.

اعترضت الإمارات على تعيين نايف البكري قائد المقاومة في الجنوب محافظا لعدن، حتى بعد أن قدم استقالته من حزب الإصلاح، بحجة ان الاستقالة غير صحيحة وبأنه مازال اصلاحي والدليل ان رجال المقاومة معظمهم من الإصلاحيين والسلفيين و صعاليك الله، فعين البكري وزيرا للشباب ، وعين اللواء جعفر محمد سعد محافظا لعدن.

طردت الحكومة من عدن عبر قصف مقرها، وفر بحاح باتجاه الرياض، وتبنت داعش الحادثة، ووافق إعلام صالح والحوثي على روايتها، تردد اسم داعش كثيرا حينها.

وبعودة هادي الأخيرة إلى عدن و قيامه بتغييرات في حكومة بحاح، ارتفعت وتيرة الغضب في صنعاء وصعدة، فاستولت الجماعات الارهابية على زنجبار وابين، وتردد اسم داعش بقوة.

وتوجت الدعاية لداعش يوم الجمعة الماضية، بمادة فلمية مميزة الإخراج، وهي تقوم باعدام حوثة "روافض" بحسب ما جاء في الفيلم وبطرق اعدام متنوعة، لزيادة الادهاش والتخويف، وقال انصار الحوثي المتخفيين بين انصار المقاومة، سلام الله على الحوثي، وحتى الحوثي قال على "المقذية" الصلاة و السلام. كما ان اغتيال اللواء جعفر محمد سعد محافظ عدن أيضا تبنته داعش، والرئيس هادي شكل لجنة للتحقيق.. وهكذا تم التسويق لداعش جيدا، ولن يصدق أحد أنها قد اتت في هذا التوقيت المهم لتغيير موازين البلد.

ربما يكون لقرار الرئيس هادي بإرسال المقاومة الحقيقة التي كانت في عدن وهي جموع من الشباب الاصلاحيين والسلفيين الى تعز عبر الوازعية وذو باب، وكرش ، اثرا على ما جرى في عدن والتي تركت خالية من أي قوى فاعلة ، مما سهل للإرهابيين القيام بأعمالهم الاخيرة.

ويبدو أن الطريق إلى جنيف 2 كان بحاجة أيضا إلى ظهور داعش، فهذا الذي يضمن للحوثي وصالح البقاء في السلطة للمشاركة في الحرب الدولية على التنظيم.

كانت داعش هي كلمة السر في احتلال صنعاء عشية 21 سبتمبر 2014، حيث استطاعت إيران تسويق الحوثي للمساهمة في حرب داعش، وانظمة الخليج التي صمتت عن اجتياح صنعاء استفاقت بعد وصول الحرس الثوري الإيراني الى شواطئ عدن وباب المندب نزولا عبر صنعاء.

المهم في الأمر ان داعش هي كلمة السر في بقاء الجماعات الشيعية الارهابية في سوريا واليمن والعراق، وستكون داعش هي أيضا المدخل لإعادة قوى الإستعمار النظر في الخرائط والقوى في الشرق الأوسط، سيحاولون تطبيق الخرائط التي ينشرونها لتقسيم المنطقة من بداية الألفية، واليمن من ضمن هذه الدول التي اريد لها ان تقسم بين القاعدة في الجنوب والحوثيين في الشمال، لكن المقاومة في تعز يبدو أنها اعاقت هذا التقسيم الذي نشرته الواشنطن بوست بداية هذا العام، أيضا تدخل قوات التحالف جاء مخيبا لمن رسموا خريطة تقسيم اليمن.

التحالف العربي ان لم يحسم أمره بسرعة في اليمن ربما تقع المنطقة كلها في الفخ المزمع تنفيذه بالقوة، على هذا التحالف ان يستجوب أخر قوة خليجية كانت في عدن لمن سلمت المفاتيح عندما اعلنت سحب قواتها، ولصالح من تصريحات قرقاش الوزير الإماراتي المثيرة للجدل؟

وأهم ما على التحالف فعله هو سرعة تحرير المنطقة العسكرية الرابعة والتي تشمل تعز ولحج وعدن وابين، بغير تحرير هذه المنطقة كاملة لا معنى لكل ما قام به التحالف، وهذه الأولوية مقدمة على ما سواها لما للمنطقة من أبعاد استراتيجية على اليمن والمنطقة، ولا قيمة استراتيجية لتحرير أي منطقة أخرى في اليمن قبل المنطقة الرابعة كاملة، اما تحرير بعضها فقد تم تجريبه ولم يكن سوى فخ تدفع ثمنه ابين وعدن.


في الأحد 06 ديسمبر-كانون الأول 2015 05:12:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=41913