بين من استدعى القصف ومن أيده
علي الفقيه
علي الفقيه
يولول "الوطنيون جداً" كلما سمعوا أصوات الطيران يحلق ويرسل حممه على مخازن سلاح أو على مجاميع المليشيات المسلحة، ونسمع النصيب الأكثر من هذا الصراخ عندما تحل الضربات على العاصمة صنعاء. في كل مرة يزمجرون مهددين ومتوعدين من أيد هذا القصف ومن رضي به، وكأن من أيدوه هم أصحاب الفعل السابق وهم من اتخذ القرار.
لا أقصد الحوثيين الذين أعمى الله بصائرهم وتعطلت عقولهم عن التفكير لأنهم وكلوا هذه المهمة للسيد وسلموا له تسليماً كاملاً، ولكن أقصد من يقدمون أنفسهم كمحايدين أو غير راضين كلياً عن سيطرة مليشيات الحوثي وعفاش على البلد. يتناسى هؤلاء وهم مسكونون بالفجيعة من أن يدخلوا في دائرة المغضوب عليهم حوثياً، أن يتحدثوا ولو بنصف كلمة، عن من تسبب في/ واستدعى هذا القصف وحول البلد كلها إلى ساحة حرب مفتوحة، بينما كانت كل الفرصة بيده أن يجنب أتباعه ويجنب البلد كل هذا الجحيم لولا العنجهية والكبر الذي يجعل المرء يشعر أن بإمكانه أن يخرق الأرض.
وبينما يتجه الحوثي مع كل عملية قصف إلى اختطاف من تطالهم يد مليشياته من رافضي مشروعه الكهنوتي وتعريضهم للإعدام من خلال وضعهم في مخازن أسلحة أو مواقع عسكرية هي أهداف لطيران التحالف، تتجه الجوقة الإعلامية إلى التهديد والوعيد والتلويح بأصابعهم "لن ننسى من أيد هذا العدوان".
بينما الأصل القول إن الشعب لن ينسى من جره إلى هذه الحفرة من الجحيم ومن تسبب في تمزيق النسيج الاجتماعي، ومن شجع غزوات هذا الفتى المراهق وجماعته الدموية منذ أن خرجوا من مدينة صعدة مدشنين مسيرة فتوحاتهم.
كل من رفض هذه المسيرة الجهنمية وغزواتها كان هدفاً للتنكيل ولتهم العمالة والخيانة، وصار فريق المناوئين عرضة للاختطاف والتعذيب الذي وصل حد الموت كما حصل للشهيد البشري رحمة الله عليه وآخرين.
 وبدل الاختباء وراء النتائج والمآلات علينا الالتفات قليلاً إلى الأسباب والمقدمات،، لنسأل هؤلاء عن دواعي ومبررات هذا التدخل العربي؟؟؟ فمن هو الذي اجتاح العاصمة وسيطر على المؤسسات ووضع الرئيس والحكومة تحت الإقامة الجبرية؟ ومن هو الذي حرك الطيران لقصف قصر المعاشيق حيث يقيم رئيس البلاد بعد أن أفلت من الإقامة الجبرية؟ ومن أعلن التعبئة العامة ودعا للجهاد المقدس وحرك جيوشه لاستئصال خصومه الذين أسماهم "التكفيريين والدواعش" في إب وتعز وعدن والضالع ولحج؟ ومن هو الذي ذهب إلى حدود السعودية لعمل مناورات عسكرية؟
حين يستطيع المتشدقون أن يصدقوا مع أنفسهم في الإجابة على هذه التساؤلات يمكنهم الاهتداء إلى حقيقة من استدعى هذا التدخل الخارجي ومن هيأ له المبررات.. حين جاء الطيران ليقصف الترسانة العسكرية كان الحوثي ومن يتحدثون عن السيادة والعدوان الغاشم ينتظرون من الضحايا المقهورين أن يخرجوا لرفض ما يسمونه عدوانا على بلد التهموه دفعة واحدة.
 كان على من ذهب ليقيم مناورات على حدود الجيران أن يتحمل مسؤوليته كقائد انقلاب تجاه ملايين يبحثون عن لقمة عيش ويحلمون أن يصبحوا مواطنين لا أن يعمل على تحويلهم إلى قطعان من "المجاهدين" خلف شعاره الزائف.. سيدون التاريخ غصباً عنكم أن الحوثي قتل اليمنيين سواء كانوا أتباعه الذين خرجوا معه إلى شارع المطار رفضا للزيادة السعرية فوزع لهم البنادق والرصاص وحولهم إلى قتلة، أو خصومه الذين خرجوا لمواجهة مشروع الاجتياح والسيطرة. إن أراد الغوغاء الذين يحتكرون لأنفسهم مهمة توزيع صكوك الوطنية معرفة من الوطني الذي فعلاً يرفض التدخل الخارجي فليرصدوا ذلك حين يسحب الحوثي وعفاش جحافلهما من المحافظات ويتخليا عن فكرة فرض مشروع الحكم الطائفي المناطقي البغيض بالقوة ويتركا المجال للسلطة والحكومة أن تمارس عملها.
 وحين يفعلان ذلك سأكون أول من يدعو اليمنيين للخروج لرفض تدخل التحالف العربي أو أي تدخل. أما ومدفعياتهم تقصف وشاصات مليشياتهم تنشر الموت والخراب في كل اليمن، فلا فرق عندي بين أن أموت بقذيفة دبابة الحوثي أو طيارة السعودية.. ولو خيرت بين أن أعيش تحت هيمنة شخص أو جماعة تحكمني قهراً وتعتبر الحكم حقاً إلهياً وحصرياً لها، وبين الموت، لاخترت الموت راضياً مبتسماً.
في الأربعاء 03 يونيو-حزيران 2015 02:11:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=41521