|
حُبكت خيوط نهاية المسرحية بإتقان هناك في صعدة بين ابن عمر الممثل الاوربي, والحوثي, على أن يستمر الحوثي في تصفيت وسقوط الخصوم التقليديين المتبقيين لعفاش داخل صنعاء ثم بعدها يتم التوقيع على الاتفاق الجاهز مسبقا, من خلال دراما غير انفعالية ومشاهد هزلية للجيش وهو يسلمهم المؤسسات والمرافق والدبابات, وعلى أثرها يدخل الممثل الحوثي قصر الرئاسة هو منتفش مزهو, يتمتم بهتافات الفاتحين والى جانبه ممثلين بارعين هما: عبد ربه ووزير دفاعه, ويتم اسدال الستار على المشهد الأخير من هذه المسرحية الهزلية.
لكن هل انتهت المسرحية بهذا المشهد, طبعا بالنسبة لواضعي السيناريو لم تنتهي المسرحية بعد, ربما تكون اطول من المسلسلات المكسيكية , فهو سناريو طويل لما يخطط له اعداء هذه الامة على مراحل واجزاء , لكن المشهد الأخير لم يكن متوقعا من الكثير , رغم أن الكل كان يعلم نوايا الحوثي, ومخططات عفاش وأهدافه , و طرق تفاعل عبد ربه, الذي كان بارعا - يبدو أنه تعلم فعلا في اكاديمية عفاش اكثر من خمسة عشر سنة- فلا يقل عنه براعه وزير دفاعه.
مخرجات المشهد الأخير حسب الخطة والحبكة الدرامية تفسر على انه يجب اعطاء الحوثي الفرصة لتأكيد أنه الرقم الأقوى في الساحة, لا شريك له في هذه الرتبة من المعارضين للدولة , وهو في الحقيقة لن يكون معارض بعد الأن, تجسد ذلك في سيطرته على العاصمة بهذه الطريقة, ليظهر امام الخصوم أنه الأقوى , وبالتالي سيتم ترتيب الأوضاع على هذه الخاتمة.
مخرجات المشهد الأخير تؤكد أن تخطيط ابن عمر وتنفيذ عبدربه والقوى الاقليمية, اظهر الجيش والدولة في سوء صورة لم يكن يتوقعها احد , وتسكين هذا الألم في قلوب افراد الجيش والمواطنين بالخطاب الاعلامي المكثف للحوثي الذي اصبح يتحدث باسم الحركة و الدولة, التي لم يعد لها اعلام, على أن هذه النهاية هي أفضل ما يمكن التوصل إليه لتجنيب البلاد والعباد الحرب الاهلية والقتال وسفك الدماء في الشوارع.
مخرجات المشهد الاخير تؤكد على أن التوقيع لم يحدث الا بعد سقوط الفرقة وجامعة الايمان بكل رمزيتهما, وهذا يؤكد ان المسرحية اقليمية بكل ابعادها تتفق مع السياق المصري والليبي وما حدث في قطر. وهذا يدل ويؤكد فعلا أن الشعب اليمني كنا يعيش مهزلة كبيرة اسمها المبادرة الخليجية, الحوار الوطني , ومخرجات الحوار الوطني.
مخرجات المشهد الأخير تؤكد على أنه سيتم تشكيل دولة جديدة قديمة, أي دولة جديدة بمواصفات دولة عفاش مع الاختلاف في جوانب كثر , بمعنى , سيحل عبد ربه مكان عفاش, ويحل الحوثي وزبانيته, مكان اولاد الأحمر وعلي محسن , وسيتم انتاج النظام القديم مع قليل من تجميليات , أي سيظهر اقطاب جديدة بأدوار قديمة, بأسماء جديدة لاحتكار الثروة والمراكز المفصلية في الاقتصاد والعسكرة والدولة, هذا اذا قبل الرئيس ان يكون سكرتير عند السيد ما بقي له من العمر, هذه موصفات حزب الله, ام اذا لم يقبل فهناك سيناريو اخر سيأتي تبعا هو الحق الإلهي للبطنيين في الحكم.
ردود الافعال على المشهد الاخير:
ردود الفعل الداخلية تقول.. الشعب مسحوق منهك وشاقي خلف لقمة العيش, سيستمر في الجري والسعي في هذا المارثون الطويل الذي لا ينتهي , ولن يعلو جهدا في الامتثال والانبطاح طالما الدولة انبطحت من اجلهم وحفاظا على سلامتهم ومكاسب الثورة.
الجيش الذي ذاق طعم مرارة الذل والخذلان ومرارة الهزيمة, ستنتهي هذه المشاعر عند بداية الترتيبات الجديدة والطاعة للقيادات الجديدة في المناطق والمحافظات, والتي ستحمل مسميات جديدة طبعا بإعلان الولاء للقيادة الجديدة .
كل المغازلات التي كان الحوثي يغازل بها مظلومية الجنوب والجنوبيين ستنتهي اذ الوحدة ستصبح اكثر قدسية لقدسية الحكومة الجديدة لأنها بالحق الالهي في الحكم, ماذا ستكون ردود الافعال على هذا التطور, هذا ما سيكشفه القادم, هل سيلحق الفصيل الباقي من انصار الحراك بدولة الحوثي كما لحق الفصيل السابق بعبد ربه؟
الاسلاميون بكل تصنيفاتهم وعلى رأسهم الاخوان, عليهم القبول بالوضع الجديد والتعايش معه , فهم المستهدف الاول بعد السيطرة على الدولة من قبل الحوثي, و من قبل الجميع داخليا وخارجيا, فإذا رضوا بمقعدهم دون السلطة ومصادر القرار الحقيقي, فهذا مكفول لهم لتجميل الصورة, فإن لم يرضوا فالصميل الدولي والاقليمي والحوثي مرفوع.
القاعدة والجهاديون في الجنوب لم يظهر منهم ردت فعل لحد الأن, في ظل سقوط الدولة بيد الحوثي بتخطيط دولي واقليمي, ولكن سيؤكد هذا حقهم في لعن امريكا فعلا بالقتال وليس قولا , بينما الحوثي يلعنها شعرا وقولا, وقد مكنت له السيطرة على الدولة, وهناك فرق بين الشعار والفعل, هل سيتعلم هؤلاء مما حدث شيئا ؟ وهل سيغيرون استراتيجيتهم؟ ام سيستمرون على ما هم عليه في قتل العسكر, فقد قتل كثير من العسكر ولم تسقط لهم قرية .
ويبقى في الأخير ((وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)يوسف)) فتخريصات المحللين وتحليلات السياسيين تبقى مجرد استنتاجات تقوم على مقدمات, فأحيانا يكون الخطأ في المقدمات فتكون النتائج خاطئة, واحيانا المقدمات صحيحة وتكون النتائج مخالفة , لاعتماد المنطق التحليلي على العقل , ويبقى الله مدبر الأمور كلها وغالب على امره , ثقتنا في الله يجب ان تكون كبيره وعلينا العودة الى اصلاح اوضاعنا واحوالنا مع الله, ونبتهل إليه لتسديد امرنا ورشدنا ويجمع لنا شملنا ويصلح احوالنا.
في الإثنين 22 سبتمبر-أيلول 2014 10:24:23 ص