إلى عبد الملك الحوثي!
إبراهيم عبدالقادر
إبراهيم عبدالقادر

أنا إبراهيم عبد القادر، اليمني الجنسية، أنتمي للأرض والتراب، للإنسان وحسب ـ لا تهمني مواصفاتك التي تقسّم الناس إلى سني، وشيعي، عميل، وتكفيري، وداعشي، وزنبيل أو قنديل، وإصلاحي أو سلفي ـ هذه ثقافة تنتمي للعصر الحجري، لعصر الكهانة والتخلف، ونحن الآن في عام 2014، عصر الآيفون( iPhone ) والديجتال، ورجال الفضاء، وحينما تعرف هذه الطفرة الحضارية سيكون من المعيب جدًا أن تختزل مسمى خاص فيك، وتُلزم الأتباع أن يؤدون الطاعة لك بلفظة " السيد، أو الأمير " ذلك أنه وفي عصر العالم ما بعد الثالث سيحتقرك طفل في مقديشو وأنت تنادي لأتباعك مختزلًا فيهم توزيع " الحيوان المنوي " الذي قسمته إلى سيد و عبد، بينما أنت في كهف لا تجرؤ الخروج منه ولا تأمن على نفسك ومن ثم تتحدث عن الوطن، بآلام الشعب زورًا وبهتانًا، وفي حقيقة الأمر أنت تؤدي دور التابع لمعممي الزيف، تمامًا شبيه بالدور الذي يقومون به إتباعك، مع فارق معطيات البلدين، وإختلاف جينات الأتباع.

يا عبد الملك؛ وأنت تقرأ هذه الحروف حاول ـ حتى لو يصعب عليك ذلك ـ أن تقرأ بتواضع، بعيدًا عن التعالي وفرضية أنك السيد على غيرك من الناس، ولو سلمنا جدلًا أنك رجل الفتوحات الكبرى، فعلى سبيل الذكرى، فتح رسول الله أرقى البلدان، وأعظمها، ودخلها مطأطًا رأسه، وهو السيد الذي بشره الله بالجنة، وحيزت له الدنيا بحذافيرها، كان يرسل لعتاولة زمانة قائلًا: من محمد بن عبد الله، لم يكن رسول الله يفهم السيادة إلّا في سياق أنه الخادم لقومة لا المتعالي عليهم، لذا دعك من صلف الغرور، وكبرياء المميزات المنوية التي تحشو بها رأسك.

يا عبد الملك؛ على غفلة من الزمن سُلّمت لك صعدة، وأعتبرته بداية لفتوحات أخرى تخطط لها، تبعها السطو على عمران، وأردت أن تلحق بهما صنعاء، صنعاء التي صمدت أمام كل الغزاة وأنتصرت، هي التي تجهلها تمامًا، وكان يكفيها منك أن ترد لها الإعتبار، وتكون ولدًا بارًا بها، ويكفي لإن تكفّر عن ذنوب الأجداد الذين حاولوا أضعاف محاولتك وكسرتهم صنعاء، لإنها لا تحتمل العقوق، والخيانة، والغدر، حينما جيشت جيوشك الهادرة لكسرها أخطأت الطريق، ذلك أن الطريق التي عبّدتها بالجثث البريئة تكفي لإن تُدفن بها، لكن الأقدار شاءت وتشاء أن تعرف مجددًا ماهية الجغرافيا التي ربما جهلت معرفتها لأسباب تخصك، كشاب مراهق لا يعلم عن التاريخ شيء إلّا في سياق البطن والسلالة التي تفرش الطريق بالجماجم، وتزينه بالدماء وروائح البارود!

يا عبد الملك؛ تذكر أن الطغيان لا يدوم، وأن عمالقة في الجبروت أمتلكوا ما يفوق ملكك، وهلكوا جميعًا، وأن القوة وحدها لا تكفي للإنتصار، وأن الإستعراض ليس قيمة تستحق الإعتماد عليها وحسب، فلا تغتر، ولا تغرنك الجماهير لتقرر الغزو والعزف على أوتار الإنتصارات الوهمية، وبما أن ما تقوم به لا يشبهُك فيه إلّا (فرعون) الذي أعتبر نفسه إلاهًا، أو ابن الآلهة، أو "مبعوثَ العناية الإِلهية" الذي وصل به التعالي والكبرياء للقول أنه " رب العالمين " وبما أن حكمة الله تقتضي الزوال للباطل انتهى (فرعون)، ولعل "قارون، وهامان" لا يغيبان عنك، بما انك تستقي نماذجهما الذي لربما تجاوزتهم جميعًا بطغيانك وإستبدادك، مع فارق الإختلاف في الزمان والوسائل، منطقيًا كان يجب عليك أن تعرف عاقبتهما، ولعل زملائك في الإستكبار (هتلر، والطاغية الفولاذي جوزيف ستالين، وموسوليني، وبوش، وو) هم خير دليل على أن الظلم لا يدوم، وزواله مجرد وقت، وهذا مالم تتعظ به، فذهبت بجيوشك التي تعتقد فيهم أنهم " جيش الله المختار " للقتل والتنكيل والإرهاب، راميًا خلفك كل سنن الكون، غير آبهٍ بعواقب ما تقوم به، فأستدرجت نفسك لما لم تتوقعه، فعرفك الناس جميعًا، ومن تكون، وماهيّة الخلفية التي تدّعيها في خطبك الرنانة، فأنفضحت شر فضيحة، بإعتبارك أداة خمينية لمشروع هزيل، شعاره الشرف، ووسيلته الدم، والذبح، فما عليك إلّا إنتظار ما حصل لزملائك الطغاة عبر التاريخ من عواقب وإنتكاسات أليمة، فـ " هتلر " أنتحر، وموسوليني تعرّض له أنصاره، وقتلوه رميًا بالرصاص، فخذ وأتّعظ، وأستوعب الزمان والمكان، واللحظة التي تعيش فيها وإختلاف طبيعتها عما كان عليه السابقون، لمصلحتك، ولمصلحة ما تدّعيه وتنادي به وإليه.

يا عبد الملك؛ كيف تخرج رفضًا للفساد، ووسائلك التي تنتهجها هي قمة الفساد، ولكي تتذكر وتعرف:

شاركت في ثورة 2011 الشعبية على نظام علي صالح العائلي المستبد الذي يُشاركك الآن في ثورتك التي الشعب فيها وسيلة للحشد والإسترزاق، فكيف سيُصدقك الشعب وهو يراك ترتمي في أحضان من ثاروا ضده؟ بل كيف غابت عنك مفارقة حساسة جدًا، وهي أن الشعب في ثورته خرج بالدرجة الأولى ضد حكم العائلة التي تحلم وتعمل بكل قواك لينحصر مرة أخرى الحكم في بطنك وسلالتك، والأحقر أنك تعتقد في هذه النظرية حقًا إلاهيًا، ووحيًا من الله لك وعصبيتك التي تريد أن تعيد البلاد لها مرة أخرى؟ هذه تناقضات تجعلك مجرد إنتهازي مستغلًا وضع الناس المعيشي السيء لتقفز بمشروعك (الخميني) الرّامي إلى جعل البلاد ومعها 25 مليون إنسان تابعين لعمائم البطن والعنصرية داعيًا إياهم لتقبيل الركب وإسترجاع عصر (الكُتن)!

يا عبد الملك؛ كيف نفهم السلمية التي تتحجج بها في ثورتك، وأنت تحشو خطاباتك بالتهديد والوعيد، والغزو؟ بل كيف نفرّق نحن بين السلمية والتحرّك المسلّح الذي تقوم به حصارًا وتخندقًا في صنعاء وحواليها؟ أي سليمة هذه التي تمتلئ بالعتاد المسلح، والأسلحة الثقيلة التي تكتض بها المناطق التي حددّت فيها الإعتصامات؟ كيف لعملٍ سلمي تدّعيه، بينما تحركات أنصارك كلها ليس لها معنى سوى الإستعداد للغزو والسطو والسيطرة على حقوق الشعب برمزية الدولة؟!

قالت قناة BBC : اعتصامات الحوثيين وأنصار الرئيس السابق، تعتبر نقاط عسكرية حربية أكثر من كونها اعتصامات ومظاهرات. انتهى كلام القناة.. بالطبع ستكون BBC داعشية بالضرورة لإنها أظهرت الحقيقة التي تحاول أن تخفيها عن الناس، وستكون كذلك تكفيرية لإنها لا تقوم بالدور الذي تقوم به قناة المسيرة في التزييف والتهييج!

الإعتصامات حق للجميع بكل تأكيد ولا خلاف على ذلك، إنما الخلاف حول الإعتصامات المحشوّة بالبارود، والسلاح، إضافة إلى التهديد، والتلويح بالحرب، وهذه كلها تنسف كل الدعاوي التي تمتطيها، وتُظهرك مجرد نازي بثوب الشرف والعفة!

يا عبد الملك؛ أي جرعة هذه التي تتحجج بها، وأنت تستخدمها مجرد شماعة لمشروعك التفخيخي المعمم، القائم على تمايز الجنيات وحصرية الحكم في بطن السيد الفقيه؟ أي جرعة التي تحركها دول أخرى، وتُصبح وسيلة إبتزاز لتحسين شروط التفاوض، والمقايضة الخبيثة؟ قلت للقوم الذين أرسلهم هادي للتفاوض معك، أنه وحفاظًا على ماء وجهك أمام من تسميهم (الشعب) عليهم أن يرفعوا الجرعة ولمدة محدودة وستدفع إيران الفارق السعري، الذي إن لم تدفعه سيلحق بالبلاد ويلات الفقر والعوز؛ قلت ما قلته وأنت تشعر بالزهو والفخر، ولم تُدرك أن ما قلته ضربة قاضية لك ولدعاويك، أظهرتك مجردًا من الأخلاق، والوطنية، ولم تفكّر ولو مجرد لحظات أنه ولو كنت في دولة تحترم نفسها لكنت في الزنزانة تُحاكم بالخيانة العظمى، وإستدعاء التدخلات الخارجية التي أنت موظف لديهم لتحقيق مآربهم في التسلط والسلالة!

يا عبد الملك؛ الرئيس (هادي) أرسل وسطاءه إلى "عمان، والكويت"للوساطة لدى إيران بأن تجعلك الأخيرة تهدأ وتكف عن التلويح بالسلاح والعنف والرهان عليهما، هذا عار، وللتاريخ الذي سيسجل أنك دمية تنفذ ما تريده إيران، معتقدًا فيها شرعيتك للولاء، فضلًا عن أنك تعتقد فيها ولية أمرك، ومصدر التشريع، والدين الذي لا يُعلى عليه، ورمزية لها أثرها في إسترجاع الحكم البطني الذي تمنّي النفس بإسترجاعه، وغابت عنك الجغرافيا، ومعطيات الزمان والمكان؛ يا عبد الملك، أرجوك يكفي، يكفي، لم يتحقق لك ما تريد، ليس لإنك هُزمت، بل لإنك قرأت الواقع خطأ، ذلك أننا ننظر للأمور من منظار الإنتماء للوطن اليمني، الذي أنت أحد المنتمين له، أرجوك كن يمنيًا كـ 25 مليون يمنيًا، ذلك أحق أن يُتبع.

يا عبد الملك؛ تعتقد أن لك أعداء تاريخين، بداية بحزب الإصلاح، هذا حق لك، ولن نقف ضده، ولكن تستطيع أن تهزم حزب "الإصلاح" وتجعله في خبر كان، وتصيبه بالإنتكاسة بطريقة حضارية سهلة، تستطيع أن تقف ضده، وأمام مشروعه وذلك بإن تكون صاحب حزب سياسي، وتنزل الميدان وتنافسه، ووسيلتك الإنسان، المعرفة، النور، والعلم، بعيدًا عن البارود، والرصاص، الذي لم تنتصر على أحد به، فضلًا عن حزب الإصلاح المتجاوز عمره الـ 26 عامًا، وإنتهاءً بأعداء مشروعك الملكي، وهذا يكفي لإن تنتصر على كل الأحزاب المتواجدة بإنتخابات، ويرضى بك الشعب، والميدان هو من يجعلك تنتصر، لا المتارس المفخخة، ولا الكهوف المظلمة، صدقني لن ينتصر سوى الإنسان، والعلم، أما غيره فلا، وشواهد التاريخ مليئة بالعبر، والدروس، لو رجعت إليها.

يا عبد الملك؛ أرجوك، إجنح للسلم، تنازل للحب والسلام، إنتصارًا للرسالة السماوية التي إنبنت على " كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته " أرجوك ارمي العنف خلف ظهرك، وتعال لنجلس سويًا على طاولة اليمن الحبيب، طاولة الإنسان اليمني الكادح الذي لا يبحث عن شيء سوى عن لقمة عيشه بعيدًا عن صراعاتكم السياسية، ودعواتكم المزيفة، أرجوك كن يمنيًا لأجل اليمن العظيم، الذي هزم كل البرابرة وبقى شامخًا يحتضن أبناءه رغم الشتات والتمزّق والفوضى.

وعليك أن تُدرك تمام الإداراك أن علامة إحتدام (الأزمة) هي حيث تذهب العقول، وتكون الكلمة الأخيرة لأرفع الناس صوتًا، وأشدهم إنفعالًا، وأقساهم لغة، حسب تعبير الدكتور سلمان العودة، حيث قال أيضًا:

استعلاء الذات تعني ازدراء الآخرين، والنظر للشعوب على أنها [دهماء، ورعاع، وهمج] فلا بد من الوصاية عليها، وحمايتها من نفسها.

اللهم أهدٍ عبد الملك الحوثي وأملأ قلبه يمنًا، أرضًا وإنسانًا..


في الخميس 11 سبتمبر-أيلول 2014 09:44:38 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=40325