رمضان... دروس إيمانية وقيم إنسانية
سبأ نت


يحيى الضبيبي

يعيش المسلمون أياماً مباركة من أجلّ الأيام وأقدسها روحانية وسكوناً واطمئنانا، في هذا الشهر المبارك الذي فضله الله على سائر الشهور وجعله محطة إيمانية يتزود فيه المؤمن بالطاعة والتقرب من رب العزة جل جلاله وفرصة للإقلاع عن المعاصي والذنوب، ومضاعفة الأعمال الصالحة.

يقول الله عز وجل في محكم كتابه: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (185) سورة البقرة.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" رواه مسلم.

ويعرف الصيام في اللغة بأنه الإمساك، وفي الشرع إمساك مخصوص في زمن مخصوص بشرائط مخصوصة، فهو إمساك المكلف بالنية عن الطعام والشراب والشهوة من الفجر إلى المغرب.

ولشهر رمضان المبارك فضائل كثيرة، ففيه أنزل القرآن، وأوجب الصيام، وتضاعف الحسنات وتُغفر فيه الذنوب و يعتِق الله عز و جل من يريد من النار، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر.

وجاء في الحديث الشريف، عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ((من صام رمضان وعرف حدوده و تحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه, كفر ما قبله )) رواه أحمد، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه أحمد و أصحاب السنن.

ومن الفضائل التي امتاز بها هذا الشهر الكريم ومن الله بها على عباده أنه تفتح فيه أبواب الجنة وتصفد الشياطين، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((إذا جاء رمضان فتّحت أبواب الجنة )) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين )) وفي رواية عند مسلم ((فتحت أبواب الرحمة)).

ويؤكد العلماء أن هذا الشهر المبارك مناسبة جليلة ومدرسة إيمانية عظيمة لإعلاء قيم الخير والتسامح والتكافل بين المسلمين، وبث روح المحبة والإخاء والتعاطف والتراحم والامتثال لقيم الحق والخير والعدل والسمو بها عن أغراض الدنيا الزائلة، وكذا ضرورة أن يتصف المؤمنون في رمضان وغير رمضان بسلامة الصدر من الغل والحقد والغرور وعدم التعالي على الناس، والشعور بالتقصير والمحاسبة المستمرة للنفس، والاطمئنان في العبادة.

رمضان شهر التوبة

يقول العلماء إن شهر رمضان يستحق أن يوصف بأنّه شهر التوبة والغفران، لثلاثة أسباب، وهي، أولاً: لأنّ شهر رمضان بطبيعته، وبدلالة النصوص الشرعية، يؤدي عند الالتزام بأحكامه والقيام بواجباته، إلى القضاء على الذنوب وآثارها في النفس، وثانياً لأنّ معركة المسلم في هذا الشهر المبارك، تكون في مواجهة عدوّها الأول، النَّفس منفردةً عن الشياطين التي تُصفَّد في هذا الشهر الكريم، وثالثاً لأنّ الإنسان فيه يجد على الخير أعواناً.

رمضان محطة إيمانية

يشير العلماء إلى أن هذا الشهر المبارك يتلازم معه الكثير من العبادات والأعمال الصالحة، فيستحب فيه الإكثار من قراءة القرآن، وكذا إحياء لياليه بالقيام قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري ومسلم.

وفي الصحيحين عن النبي قال:((إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم)) وفي رواية: ((فإذا دخلوا أغلق)) وفي رواية: ((من دخل شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا)).

كما أن من الواجبات في هذا الشهر الكريم ترك المنكرات وتهذيب السلوك، ففي هذا الشهر تسمو الروح وتزكو النفس ويتهذب الخلق، ويتخلق الصائم بخلق من أخلاق الله تعالى.

قال صلى الله عليه وسلم :(( الصوم جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم )) رواه البخاري ومسلم.

ومما حث عليه الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر الكريم الصدقة ومواساة الفقراء والمحتاجين في إطار تعزيز مبدأ التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع والمساهمة وتخفيف معاناة الفقراء والمساكين، فقد كان صلى الله عليه و سلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان ، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، وقال صلى الله عليه وسلم : (( أفضل الصدقة في رمضان )).

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً” رواه البخاري، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً» رواه الترمذي.

كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” صحيح ابن حبان.

ويحث العلماء على أهمية زيادة تعميق أواصر الأخوة وصلة الأرحام والإكثار من النوافل وذكر الله في هذه الأيام المباركة.

ويؤكد العلماء على أهمية ملازمة الصيام بالقيام حيث وأن الجمع على القيام تُكسب النفس روح الإخبات لله عز وجل، وتزيد من الوحدة والتآلف في المجتمع.

ومن الأمور التي حث عليها الإسلام في هذا الشهر الكريم الاعتكاف في العشر الأواخر، فقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم يعتكف العشر الأخيرة من رمضان لتحري ليلة القدر التي تعد في فضائلها خير من ألف عام، كما أن العمرة في هذا الشهر المبارك مفضلة قال صلى الله عليه و سلم (( عمرة في رمضان تعدل حجة )) أخرجه البخاري.

منكرات وعادات غير حميدة

نظراً لما تمثله أيام وليالي هذا الشهر الكريم من الفضل والتميز فقد حث العلماء على ضرورة استغلال أوقاته لما يرضي الله ويقرب العباد منه، ومما حذروا منه بعض العادات السيئة وفي مقدمتها الإكثار من مشاهدة المسلسلات، واللعب واللهو، وقضاء معظم الأوقات في مجالس القات وتضييع الأوقات، وعدم الالتزام بالعمل والدوام مما تتعطل مصالح الناس.

كما أن من العادات المحرمة والمنكرة التي يمارسها البعض في هذا الشهر المبارك تحايل البعض على الزكاة فقد ثبت عن عثمان رضي الله عنه أنه قال – في شهر رمضان -:" هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم ".

ومما تعارف عليه كثير من المسلمين أنهم كانوا يخرجون زكاتهم في هذا الشهر المبارك، ولهذا دأب العلماء وطلبة العلم والخطباء على تخصيص هذا الشهر ببيان أحكام ومسائل الزكاة.

ومن المنكرات التي حذر منها العلماء هو أن الأخلاق قد تسوء لدى البعض وتصبح الشوارع ساحاتٌ للسباق قبل أذان المغرب بدقائق مما يزيد من عدد الحوادث وإزهاق الأرواح في الوقت الذي يعد من أفضل أوقات الصائم التي يستغلها للدعاء والتقرب من الله وتهذيب النفوس.

كما يلاحظ على بعض الصائمين، أنهم يصومون عن تقليد ومسايرة، فلا يرون في الصيام أكثر من هذا المعنى.

ومن الأخطاء كذلك تفويت البعض لصلاة العشاء؛ لأجل إدراك الصلاة مع قارئ مجيد والأولى إذا خشي فوات صلاة العشاء فليصلِّها في أقرب مسجد ؛ فهي أوجب من صلاة التراويح.

وكثيراً ما حذر العلماء من عادة سيئة تمارس في هذا الشهر الكريم وهي أن بعض الصائمين يزعجون المصلين بالثوم وغيرها من البقوليات ذات الرائحة المزعجة التي يحضرونها إلى موائد الإفطار.

روى جابر رضي الله عنه كما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مساجدنا و ليقعد في بيته)، كما أن مخلفات الثوم وكل ما يصدر رائحة كريهة تؤذي الملائكة أيضا فهي لا تؤذي المصلين فقط ، قال النبي صلى الله عليه و سلم ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم )، وهذا يدعوا المدخنين إلى اجتناب مؤاذة المصلين بروائح الدخان، وتجنب كل ما يزعج المصلين ويفقدهم خشوعهم وخضوعهم بين يدي الله عز وجل.

التجار والغلاء

مع إقبال الناس على شراء المنتجات والبضائع فإن بعض التجار يستغلون لذلك لرفع الأسعار، فيما يؤكد العلماء ضرورة مراعاة خصوصية هذا الشهر الكريم والبعد عن المغالاة في الاسعار وعدم احتكار السلع والخدمات الأساسية والضرورية المتعلقة باحتياجات المواطنين.

الاعتداء على الكهرباء وتعطيل المصالح

ويشدد العلماء على تحريم وتجريم ما يقدم عليه البعض من العناصر التخريبية في تدمير البنى التحتية الوطنية وإلحاق أضرار بالغة على مستوى الوطن وعلى مستوى الفرد، ومن أبرز ذلك الاعتداءات المتكررة على خطوط الكهرباء وإمدادات النفط والتي تنعكس بآثار سلبية وخيمة على الاقتصاد الوطني وعلى مصالح الناس في هذا الشهر الكريم وفي سائر شهور العام.

وهي فرصة سانحة لأن يراقبوا الله فيما يرتكبونه من خطأ جسيم، وأعمال تغضبه سبحانه وتعالى وتؤذي خلقه، ولعل نسائم الشهر الكريم وفضائله ودروسه العظيمة خير مرشد لمن يقدم على مثل هذه الأعمال ليجتنبوا الأعمال المنكرة والمسيئة والتي تعكس نظرة سلبية عن المجتمع وتقاليده وعاداته الأًصيلة بهذه الاعمال المحرمة والمجرمة في الشرع والعرف والقوانين النافذة، إذ أن جوهر الحكمة في فريضة الصوم تتمثل في مدى استقامة سلوكنا وتعاملنا مع الآخرين، وترجمة معاني الصوم ومبادئه إلى أخلاقيات وسلوك حسن يتعامل به المسلمون فيما بينهم، ويجتنبون عما نهى الله عنه.

وقد أكد العلماء والفقهاء أن من يعتدي على مصالح الأمة والمنشئات الخدمية فإنه يدخل في باب الحرابة.. يقول الله عز وجل ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾. - سورة المائدة، الآية: 33.

ويقول جل جلاله ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾ سورة الرعد، الآية: 25.

محاربة التطرف

مع تزايد وتيرة الأحداث التي يشهدها الوطن، وبروز الدعوات المتطرفة والهدامة من الفكر الإرهابي الذي يصيب المجتمع بمآسيه وشره ويخلف ضحايا في الأرواح المؤمنة المطمئنة التي تفيض أرواحها إلى بارئها نتيجة للعمليات والاغتيالات الإرهابية المقيتة، وكذا ما يخلفه من خسائر على مستوى الوطن وتنميته، وإعاقة تقدمه، وكل ذلك يستوجب من الجميع محاربة هذه الآفة الخطيرة والمدمرة.

ولعل شهر رمضان المبارك أجل المناسبات التي يقبل فيها العباد على الله وتمتلئ فيه المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وتزكى فيها النفوس، وتكون أكثر تقبلاً لقول الحق والنصيحة والتوعية والإرشاد، لما تفيض به النفوس من مشاعر إيمانية عميقة وسمات روحانية تستدعي ضرورة مضاعفة الجهود للاستفادة منها للتحذير والتوعية من خطورة الأفكار الضالة الدخيلة على المجتمع والمخالفة لتعاليم ديننا الإسلامي الوسطي الحنيف، ومراجعة النفس، والتناصح بما يعم بالفائدة والصلاح على المجتمع وأفراده.

وينوه العلماء بضرورة واجب النصيحة لبيان مخاطر العنف وأضراره، وما يولده من الحقد والكراهية والتناحر بين أفراد المجتمع، ويزرع الإثم والعدوان، ويعطل جهود تحقيق الأمن والسلامة للإنسانية، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[المائدة/2].

الإعلام الهادف

وفي هذا الشهر الكريم يؤكد العلماء ضرورة استشعار وسائل الإعلام لقداسته وفضله والتعلم من دروسه العظيمة معاني الأمانة وتحمل المسؤولية ليكون طريقها نحو الخير والصلاح طوال العام، وإصلاح ذات البين، والمشاركة في البناء وليس الهدم، وترشيد خطابها الإعلامي بحيث يكون الإعلام هو جزء من الحل وليس جزءاً من المشكلة، ويساهم الإعلام بدوره الرائد في بناء الوطن وتنميته وتوجيه المجتمع في درب الخير والتعاون والتعاضد والإخاء.

ويقول أهل العلم :" الكلمة مسؤوليةٌ، ولا بدَّ أن نعي كيف نتعامل معها، فرُبَّ كلمة نابية أدَّتْ إلى خصومة، وربَّ كلمة جافية فرَّقتْ شملَ أُسرة، ورُبَّ كلمة طاغية أخرجتِ الإنسان مِن دِينه، ولكن رُبَّ كلمة حانية أنقذتْ حياة، وربَّ كلمة طيبة جمعتْ شملاً، وربَّ كلمة صادِقة أدخلتْ الجنة".

ولأهميَّة الكلمة وأثَرها؛ قال رسولُ الله: ((مَن كان يُؤمِن بالله واليوم الآخر، فليقلْ خيرًا أو ليصمُتْ))[2].

خطورة الفتن على الفرد والمجتمع

يقول العلماء إن الله عز وجل وحد عناصر هذه الأمة بعدَ فُرْقَةٍ وأعادها إلى مجدها بعد اغترابٍ طويلٍ مع الزمان قبل الإســلام، ثم أرسى لها قواعدَ السلامةِ في دينها ودنياها والتي من أهمها الوحدةُ العامة التي يجب أن لا ينسى مذاقها الفرد في قلب المجتمع والمجتمع كله وهو يتعامل مع الفرد.

ويؤكدون أن من عظمة هذا الدين أنه لا يترك فرصةً إلا واغتنمها في إشاعة روح الوحدة العامة بين أفراد الأمة بكل وسيلةٍ وفي أيِّ مناسبةٍ .

ويحذر العلماء من عدم استغلال روحانية شهر رمضان لإذابة ما ران على الصدور من غلٍ وأحقادٍ تفرق الخطى وتنذر بالخراب المادي والمعنوي في المجتمع.

وكما يحث العلماء على ضرورة اجتناب ما يقود إلى الفتن والدمار والدماء طوال العام، فإنهم يؤكدون أن رمضان فرصة سانحة لوحدة الصف وحقن الدماء، وإصلاح ذات البين، والسعي الجاد والحثيث في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، والسعي إلى إيجاد صيغ تفاهمٍ بين أبناء الوطن الواحد للوصول إلى برامج يتفقون عليها لإنقاذ الوطن من أزماتهِ ومحنه وصراعاته ووضعهِ على الطريق الصحيح الذي يقود إلى بناء الدولة المدنية الحديثة والعادلة.

ومن الأمور التي يجب التحذير منها هو الاستهانة بالدماء وإراقة الدماء والتشجيع على مثل هذه الأعمال المنكرة التي حرمها الله، فلم يجعلْ الله عقوبةً بعد عقوبةِ الشرك بالله أشدَّ من عقوبة قتل المؤمن عمداً حيث يقول : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) [ النساء : 93 ].

وأول ما يُقضَى يوم القيامة بين العباد في الدماء ففي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ الصلاةُ ، وأولُ ما يُقضَى بينَ الناسِ الدماءُ )) أخرجه : البخاري 9/3 ( 6864 )، ومسلم 5/107 ( 1678 ) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (( دون الشطر الأول )).

وعن جندب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من سَمّعَ سَمّعَ اللهُ به يوم القيامة ، قال : ومن يشاقق يشقق الله عليه يوم القيامة ، فقالوا : أوصنا . فقال : إنَّ أول ما ينتن من الإنسان بطنه فمن استطاعَ أنْ لا يأكل إلاّ طيباً فليفعل ، ومن استطاع أنْ لا يحال بينه وبين الجنة ملء كف منْ دم أهراقه فليفعل )) رواه البخاري .

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً )).

ويؤكد العلماء أنه ينبغي على المسلم أنْ يحذر من الدخول في الفتن، وأنْ يستعيذ بالله تعالى منها، وأنْ يحذر أنْ يشارك فيها بقول أو فعل أو رأي أو بغير ذلك.

رمضان ودروس الوحدة

ويحث العلماء على أهمية أن يعي المؤمن فضائل هذا الشهر الكريم، والتعاون على التقوى، وإصلاح ما أفسده أهل زماننا، وما أفسدته نفوسنا الخاطئة، وانتشال العنصرية الممقوتة والعصبية الجاهلية من القلوب، وتنقية قلوبنا من الحسد والضغينة والحقد الدفين؛ حتى ترتقي النفوس وتسمو الروح، ونكون بذلك إخوة متحابين، وتتحقق حقيقة الوحدة وجوهر الائتلاف الصادق.


في الأربعاء 02 يوليو-تموز 2014 05:46:15 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=40069