ردوا علينا أخي ...الحبيب الذي غادرنا وانقطع
الحاج معروف الوصابي
الحاج معروف الوصابي

ردوا علينا أخي ...الحبيب الذي غادرنا وانقطع

الإهداء إلى الذي غضب أو غاضب فغادرنا وانقطع ، فلم يزل سمته يتحلق عندنا ولم يغادر ، وعبق الأخوة معه لم يسافر ، إذ ظن أن هناك سعة وعافية وعسلا مصفى وشجرة الخلد وعزا لا يبلى ، فلم يجد ثم سوى الرمضاء وثعابينا تبتلع ثعابين وذئاب تعقر بالجملة، وبن آوى بالسراب يخاتل.

أيها الغائب الذي لم تزل روحه حولنا تحلق ، أبدا لم تغب أو يتوارى عنا طيفك ..

كانت المناجاة بيننا بالأمس همس ، واليوم بفضل الله أنعم علينا فصرنا نبثها على امتداد كل الفضاءات، رغم أنف الملا الذي ما زال يتقعقع في صخب ، وفوق أنف تلك الرويبضة مخزون السطح والقاع.

ياعبقا يتنسمه كل من في الإرجاء ، ويا عافية هذا الزمان ، ويا أمل المحرومين والمكدودين والبؤساء، ويا من حسبناك المخلّص – بكسر اللام وتشديدها - ..

كيف قطعوك عنا ..

من روحنا ، من سمتنا ، من نبضنا ، من حلمنا

من تلك الكلمة ذات الأصل والثبات ، ذات الجذر والامتداد ، والله غايتنا ، وهل غاية أخرى تسمو إلى هناك

سحقا للسامري القاطع والمقطوع ، وبن آوى والعلج الخبيث ، وقاتل الله تلك الأمارة بالسوء ، ونعوذ بالله من نزغات الهوى والشيطان ،ونهم السلطان الذي لم ينقطع .

أيها المفارق والمغاير والمسابق إلى هناك ، دونما سبب جوهري سوى بعض خلاف ، وقد كنا تقاسمنا على أن نبقى في ائتلاف ويجمعنا الرأي ما دمنا فيه نختلف على قاعدة الأصل ثابت وما عداه فنعمة الله فيه الاختلاف كي لا نتجمد ويجددنا فيه التنوع ، فان كان لرأيك سافرت وقامرت ، فأين احترامك للرأي الغالب ياسليل الزمان والمكان ، ووالله إن كنت لهذا وحسب قطعت نفسك وأحزنتنا فلانت المستبد وصاحب الرأي الدكتاتور .

وان كنت هجرتنا بسبب ما يجري دوما بين الإخوة بفعل تقلبات النفس والوجدان ، فتلك سنة الله في البشر منذ أدم وحتى آخر خلقه ،غير أن هذا الصحب الذي كنت فيه أكرم ، واحلم ، وأسرع للأوبة والصفح والتغافر ، والاعتذار إلى الله ثم من وقع في حقه عن غيرهم من تيبست فيهم أرواحهم وفنيت عندهم الرحمات وحس المرواءات.

إن كان ذك عليك ، أو هبه كان الم يكن وقد أستغفروك أن ترد بلا تثريب عليكم يغفر الله لنا جميعا ربي وربكم الله ويجمعنا العرف الحميد ومن قبله ( والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين )

وان كان علينا فأنت في حل مذ كانت أخطاؤك تكتظ بها في كل خطواتك وأنت لا زلت تتأتأ في الخطو وحتى انطلقت ، كانت عندنا تسعها ابتسامة لحبيب مشاغب فان كبر ذلك علينا فابتسامة غاضب إزاء من كان هذا دربه إذ لا يليق أن يستهلك في هكذا تشتت..

وقد وعينا منذ بواكير الخطو أن الحبيب إذا جاء بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع ، وأن الزلات للكريم تمحى عندنا بواحدة من حسناته ، وليس منا من يتتبع السيئات إلا بمقدار الحاجة إذا دعت عند الاضطرار لتقويم عوج وتزكية طيب ، وفي عرفنا تتبع الطيب من المناقب ونشر الحسنات بضابط أن لا نكسر ظهر الرجل إلا بمقدار الإنصاف الموضوعي وان نشكره لنستزيده من طيبه ونرسخ على المنبت الطيب وسمت النبلاء.

وان كنت هجرتنا وقطعت نفسك لسبب في الرزق وضيق في الحياة ، فتلك حسابات ألف خاطئة ، فالأرزاق بيده وقد قسمت قبل أن تكون أنت وتتهيأ لها ، وفي السماء رزقكم وليس في الأرض عند عبد لا يملك أن يمنع عن نفسه خراج معيه إن اكتضه وفضحه ان حال دونه سبيله .

وسعادة العيش في هنيئه ما دام حلا –بكسر الحاء المهملة - يسبقه ويتبعه الرضاء ويغمس بروح راضية تتصبح على رضيت بالله وتتمسى على مثلها ، في نعمة ليس مثلها لملوك ما دامت العافية للبدن والروح ، وقوت اليوم ميسور ، والسرب في أمان ..

ولله الحمد من قبل ومن بعد على نعم الله الأوسع والأبعد والتي تترى و تتمدد في كل اتجاه على هذا الصحب الكريم الذي حسب المقطوع عنهم أن ذلك لضيق فيهم وعليهم ،فهم لفي أكرم النعم وأوسعها من زوجات وبنين وأموال أحياهم الله بوعده إياهم الحياة الطيبة في هذه الدنيا وزاد عليهم بفضله بجنات الأرواح يحسونها فيقولون إن كان أهل الجنة في الجنة فيما نحن عليه فإنهم في عيش كريم. 

وإنما ضنك العيش في غربة الروح والإعراض عن ذكره سبحانه ، حتى لو حصد الدنيوي لجسده كل ماديات الأرض وغرائز الحيوان فسيظل سجنه روحه ومزاليجه جسده ، عيشه في ظنك ، وروحه كأنما تتنسم من خرم إبرة ، وعلى صدره أثقل من أحد ، مفزوع في الليل والنهار ، شارد النظرات ، عبوسه ماركته المميزة ، غريب عند زوجته وصغاره ، محروم من طعم البنوة ، لم يذق للمودة والسكن أية مذاق.

وصدق- ص- ( من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله مؤنه دنياه ، ومن تشتت به الهموم لا يبالي الله في أي واد هلك ) ..

وفي قوله - ص- ( من كانت الدنيا همه شتت الله شمله ، وجعل فقره في عينيه ، ولم يأخذ من الدنيا إلا ما قدر له ، ومن كانت الآخرة همه ، جمع الله شمله ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

وان كنت غادرتنا وقطعت نفسك لسبب من عند الوسواس الخناس القريب من قصر مولانا الوالي ، وهمسه إياك مكانك هنا على تيك الجناح الذي يغني فيه المطرب دعدع وحوله تتمايل إلى بين أحضانك عشرات من القيان على رأسهن السنيورة أفنان ، في الوقت الذي يلحقك رجال المذياع والناقل بالصوت والصورة لتحظى بالبهرجة وتطل على الفضاءات الأوسع وجمهورك الكبير و...و...

فأنت مسكين مسكين يا ولدي !!! ، أوقعت نفسك في ذات الشرك ، لمشهد ما زال يتكرر..

ستنتفخ على كرسيك يا ولدي وتنتفخ حتى تتكور ، وسيرتفع صوتك على من دونك ويشتد حد أنكر الأصوات ، وسيتحذى لسانك ذربا حد وكأنك من مخرجك تثلط..

وسيتسع معيك ويتسع ، فتأكل وتأكل ولن تشبع ، وبعدان يستفرغوك ككتاب مفتوح ، ويأخذوا منك ما ظنوه ، وعندما ينتهي رصيدك عندهم وقد قلبوك بطنا وظهر ، وفتشوا كل جيوبك ، واستفرغوا كل أقوالك الكاذبة والصادقة ، ووجدوك حينها عبئا عليهم ليس أكثر بل ربما وجدوك كلفة وباعث على الخسارة عند الناس بعد أن استقبحك الجمهور وروائحك تلقى عليهم .

عند هذه اللحظة يلقى بك في الشارع كجيفة نتنة وقد استقذرك الناس واستجيفوك فزدت عليهم قيحا فوق جيفة

فتلك أخبارهم يا ولدي ، وهذا المشهد ، وهي سنة إلهية تعمل ( |ومن يهن الله فما له من مكرم )

ومن ابتغى العزة بسخط الله أذله الله بما اعتقد انه استوثق واستظهر به..

وحسبي يا من غادرتنا وقطعت نفسك أن أدلك علينا من جديد ، فعاطفتنا نحوك تأبى أن تغادر .

فتلك مواقفك بالأمس تشهد على نفيس معدنك وقيمك وان كنت قد أصدأتها اليوم ، وحليب المرضعة توجب و يوجب علينا صلتك في كل الأحوال مهما بهتنا وعفرت في وجوهنا وأفكت بحقنا زورا وبهتانا ،وطاوعت فينا السامري والخبيث شاس. وأحط المنزلة النسناس .

وألسنتنا بالدعاء لك بالحفظ والهداية لم تكل ، وفي ورد الرابطة لاتنسى ، وعند الذكريات لا تفتقد ، كيف وقد سرنا حينا ، والكريم يحفظ وداد لحظة فكيف بشوط من العمر .

هذه العاطفة تغلبنا دفاعا عنك حينما استثقلوك بعدما استفرغوك والقوا عليك بالحجارة على مشهد من المارة ، فانتفض فينا رغم عنا الوداد والحنين ومعاني الوفاء حتى كنا في أكثر من موقف الدفاع الذي لم يفرط..

سبحان من جعل بابه مفتوحا في كل لحظة وحين ، وألقى في قلوبنا رحماته ، وجعل الأخوة فيه أعظم ما امتن به علينا بعد نعمة الإسلام ، وجعل التغافر وخلق العفو من أكرم وأنبل السجايا.

اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك ، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب ، اللهم ما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب .

Wesabi111@gawab.com


في الجمعة 25 يوليو-تموز 2008 06:51:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=3980