دمعة على جثمان الحرية !!
حمزة المقالح

لم يكن الفيلسوف حينها محقا عندما كان يؤسس علم السياسة ويقول بانها ام العلوم . لان السياسة كانت تعني إدارة شؤن المدينة والمجتمع وتلبية احتياجاته ومتطلباته بمفهوم اقترب للمثالية كثيرا اذ اننا اليوم نبعد عنه بحوالي إلفي سنة وأربعمائة ميلادية ,وبفارق معرفي وزمني , لم يعد اليوم تعني السياسة سوى مفاهيم رخيصة ومبتذلة تستهدف البنية الانسانية برمتها وتفتت النسيج الجتماعي وتصادرالحرية وتييعها في اسواق النخاسة , وتهود البنية المؤسسية وازالة معالم الحضارة الانسانية , بدواعي الحق العام , وتنحصر بدائرة مركزها الصفر والذات بعيدا عن هموم الناس والامهم ومشاكلهم ومستقبل اجيالهم ...

في وطني الأمر يختلف تماما, ثمة تجليات فردية وفئوية وعصابات هي من تدير شئون المدينة والبادية, والجبل ,والسهل, والتاريخ والجعر افيا, وهم المخولون وحدهم في طباعة صكوك الوطنية . فانظر الى اي مدى وصلت حجم الكارثة التي نعيشها !!!... لم يعد بوسعنا جميعا الا ان ندرك ونسلم بحجم هذه الكارثة, وليس لدينا وقت ان نحصر اضرارها هنا , كما انه من غير المعقول ان نضيع الوقت بمناكفات سياسية ليست من صالحنا جميعا كشعب وكأنسان ... ما علينا اليوم الا ان نبحث معا عن مخرج حقيقي ينقذ الوطن ,ويعطى اولوية للمجتمع والانسان اليمني , بعيدا عن لغة السياسة , والتقسيمات التي لا تروق للكثيرين والذين لايؤمنون بالتنوع الفكري والسياسي كنزعة تلمودية تدعي بانهم شعب الله الذي اختارهم لهذا الكون ولهذا العالم ...

نحن اليوم نعيش مرحلة حرجة. هناك تباعد كبير ان صح التعبير بين الحزب الحاكم (بلاط القصر) والمعارضة ممثلة باللقاء المشترك , وهناك برامج و اجندة رئاسية تدفع الى الساحة اليمنية على استحياء والجميع يعرفها , والجو اصبح غير مناسب لهذة الاجندة مع ظهور قضايا كثيره على السطح كالقضية الجنوبية , وحرب صعدة ,والحراكات السلمية و الحقوقية ,والازمة الاقتصادية التي تعيشها اليمن . كما ان هناك اجهاض حقيقي للمشروع الديمقراطي داخل البلد, وتراجع عن حرية الصحافة الى ابعد نقطة وان زينه الكثيرون ,لكن ما يمحلق فوق رؤسنا هو اكبر مما نراه امامنا والنتيجة هي مزيد من الاحتقان, ومزيدا من الفوضى. انا لا اريد ان يصاب الكثير بصداع الفوضى التي يستعرضها الواقع وما تؤل الية الاوضاع اليوم . كما ان واق الواق وعزل الناس عن بعضهم لم يعد مجديا . العالم اصبح منظومة معلوماتية واحدة وبامكان اي انسان معرفة الكثير من اقرب ثقب الكتروني دون الرقيب , ولم يعد بمقدور احدا حبس الفضاء , اوخنق السماء بما تحملة الينا من اخبار. كل شيئ معلوم فلماذا نكابر اذا لماذا نبتعد ونهرب عن مشاكلنا ولا نجلس مع ابناء الوطن الواحد لنحدد المشكلة ونضع العلاج اولا بأول ...

الوحدة هي صناعة يمنية شعبية من الطراز الاول, ولا ينبغي لاي انسان خطف هذا المشروع وخصخصته او المراهنة علية سوى ان الانقلاب علية هي جريمة تاريخية في حق الشعب والانسان .... نحن نتذكر الكثير عن مواثيق الوحده وما كانت تحملة من مشروع مؤسسي وحضاري, وسياسي ,و القائم على التعددية وحرية التعبير, ومناخ اقتصادي حر, وقضاء مستقل ,ومؤسسة عسكرية وطنية قائمة على الكفاءات بعيدة عن القرابات والمحسوبيات ,و مما يثير الشفقة على الوحدة اليوم وانها قد تصبح في مهب الريح بثمة ممارسات انتكاسية وانقلاب عن تلك المواثيق والمعاهدات ,والتي ابتدأت بنتائج حرب صيف 94 والتي افرزت مشروع خصخصة الوحدة وانتهاءا بحبس الصحفيين وملاحقتهم ,واغلاق الصحف ,وفرض الرقابها عليها , وقوانين العقوبات التي سيجعل من الاحزاب مجموعة كفتيريا للنزهه والاستعراض الكرنفالي الديمقراطي امام نوادي المانحين بانتخابات هزيلة يتنافس فيها الاصل مع الظل, وفي ضل حكم يصادر لقمة العيش ويصادر حريته .. وهكذا ينتهي حلم الاجيال بالسكوت عن هذا الظلم الذي لم يعترف بان الديمقراطية هي خيار حقيقي لسلامة الاوطان ,وحفظ الانسان والمجتمع من اي تشوهات قد يفرزها الواقع المريض ... نحن بحاجة الى مشروع انقاذ وطني كما اننا بحاجة الى تقديم تنازلات المتخمين من اجل الوطن, وترك المصالح الشخصية بعيدا عن كل اعتبارات اخرى , والبحث عن حلول عامة للوطن لا الحلول الشخصية ....

تضامن ...

الى سجناء الحرية والكلمة المعبرة . الى الضحكة العابرة والبسمة الساخرة من ظلم يرقد كالليل الادهم في جفون الاحرار ... لا يعرف لون الليل الا الاحرار!! فاما العبيد فقد استوت عندهم الظلمات والنور . اليكم ايها الجسورين في واحة القلم . تقف الحروف منحنية ويبقى الحبر رطبا بما تسطرونة من اجل الوطن , ومن اجل الاجيال , و من اجل السعادة... ستذكركم الاجيال !! فقضايا الوطن هي الابقى وما سواه فهم عوارض زمنية اوجدتهم الاحداث وسيرحلون عما قريب .... لتشعلو في عيون الموتى قصائد العتاب . لتمسحو دموع الجياع بكلماتكم الصادقة وروحكم الصابرة التي تتدفق كالسيل العباب . انى ان يسجنو اقلامكم !! او ان يجففو حبركم !! او ان يطمسو شفاهكم !! ... الى سجنا السلم والسلام !! الى الجسور عبد الكريم الخيواني القصة والاسطورة الصامتة ,,, الى محمد المقالح سجين الابتسامة العابره . سجنوك لانك تضحك , و لانك تزرع وردة في بستان الضيق والكدر. لان ثغرك الباسم البهي اوجع الجلادين بحبك للخير والسلام لانك موجود وهم عدم .. تحية الى الرائع النبيل فهد القرني . دعني اهمس في اذنيك واطمئنك انك لم تأكل اموال الجياع ولم تسرق ارضا بهكتارات , ولم تقترف شيئا يمكن ان يحيلوك الى مكافحة الفساد سوى انك ترسم البسمة على شفاه البائسين لانك تسخر من وطن لا يحكمة الله ولكن تحكمه الديكه انت لم تسمعه وهو ينادي ويصرخ من مئذنة الجامع :

 يا سبحاني .. يا سبحاني .. فأنا الدولة ، والقانون!!. ولانك تذكر من فقد ذاكرته انه مظلوم لانك تحب هذا الوطن فسجنك جنة وقصتك تبقى تراجيد يرددها الجياع ليتصبرو على جوعهم ,,,

لماذا تؤذيهم الابتسامة ولماذا تزعجهم الفكاهه كم سيكون ظللك في السجن محظوظ لانه يلازمك فالحر لا يجد بأس من العواقب والخطوب فلك عظيم التحية فانت في قلوبنا جميعا .... الى كل احرار الكلمة والقضية في كل ارجاء الوطن الواحد لقد ظنو انهم يطلقون رصاصات الموت على الكلمات ولم يدركوا انها تحيا باليوم الف مرة لتغسل عنا ذنوب الصمت الموجع وتؤجج في نفوسنا همم الجبال .... سيبقى الوطن وتحيا معاني العدالة وسيتلاشى الفاشستيون خلف النور فابشر فديتك يا وطن ....


في الأربعاء 14 مايو 2008 07:25:33 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=3732