العميد عوض والمواطن الراشي
بكر احمد
بكر احمد

مأرب برس -خاص

لم أرى بجاحة مثل تلك ولم أشهد حالة استهبال كالتي مرت علي وأنا أتابع حديث العميد عوض يعيش مدير الرقابة والتفتيش على أستوديو النهار الذي يذاع على القناة اليمنية وهو يتهم المواطن اليمني بأنه هو المسئول عن الفساد في السلك العسكري وأنه هو من يقوم بدفع الرشوة إلى العسكري أو الضابط أو المسئول الأمني ، فهذا المواطن لم يكفيه كل ما يعانيه من بؤس وخراب وضياع مستقبل أطفاله أمام عينيه حتى يتم اتهامه أخيرا بأنه هو خلف حالة الفساد التي تنخر بالبلاد منذ عهود طويلة ، فالعميد الصنديد يقول لو أن المواطن لا يدفع ويصر على عدم الدفع لمضت الأمور كما هي ، وأن أصر ألعسكري على المال عليه أن يشتكي إلى ضابطه فأن لم ينفعه عليه أن يذهب إلى المأمور ثم إلى الدائرة في المنطقة ثم إلى وزارة الداخلية حتى يصل إلى أعلى هرم في السلك العسكري في الدولة وطبعا النهاية تقع عند الرئيس الذي أنكر وجود الفساد أكثر من مرة وطالب بالإثبات لكل من يقول أنه هنالك فساد في البلاد !.

العميد الملهم جدا ، يتحدث عن أن القانون ليس فيه ما يلزم المواطن بدفع أي شيء ، فتقاطعه المذيعة بأن قسم الشرطة هو من يطلب منه دفع أجرة العسكري والطقم وأخيرا الشاويش على السجن ، فينتفض عميدنا المبجل قائلا : آه أنت تتحدثي عن عما يحدث في الواقع !!

عميدنا جاء يتحدث عن أشياء خيالية في القناة عن أشياء قد تحدث في الأحلام في بعض المرات ، ولم يكن يتصور بأن هذا البرنامج قد يعرض شيء من معاناة الإنسان في اليمن .

تلك الفجاجة ، وتلك الحماقة المبتذلة ، لم يكن لها من داعي سوى رغبة في إذلال أكثر للمواطن وسحق آخر ذرة من أمل له في هذا النظام الفاسد الذي يتحدث اليك عن أمور غير موجودة بدلالة عدم شعوره عما يجري يوميا بما يعانيه المواطن العادي والبسيط في كل يوم ، وهذه السخافة التي طرحت على تلك القناة بأن على المواطن أن يذهب من ضابط إلى آخر ومن دائرة إلى أخرى ليشتكي بأن العسكري طلب منه بضع مئات من الريالات كرشوة هو طلب تعجيزي ذو نكهة سامجة ، وليت عميدنا سمع في حياته _ بما أنه مدير للرقابة والتفتيش _ عن ما تسمى بالجولات الميدانية في تلك الدوائر الأمنية للبحث فعلا عن المفسدين وما أكثرهم ، بل ليته هو يخرج بنفسه مرتديا زيا مدنيا ويدخل أحد أقسام الشرطة الصغيرة ليتأكد بنفسه من هو المفسد ، المواطن أم العساكر أنفسهم .

هو يعلم قبل غيره بأن الفساد الموجود ، وان المواطن إذا لم يدفع ، فهو لن يجد أذن صاغية ولن تنتهي أموره أن قرر أن يشتكي ، فهو سيدخل في متاهة لا نهاية لها ، وأيضا يعلم العميد عوض يعيش بأنه هو ومن في سلكه الأمني والعسكري هم من أكثر المؤسسات فسادا وانحلالا أخلاقياوأنهم أيضا المرتكز الأساسي الذي يقوم عليه النظام الحاكم في اليمن ، لأنه ثمة تعاقد عضوي فيما بينهم على الفساد والنهب وإذلال الإنسان اليمني قدر المستطاع مادام هو راضي بهذه الحالة ، وأن الأدوار فيما بينهم متبادلة ، والدفاع عن فسادهم لن ينتهي مادامت الأمور متيسرة لهم ويزيدهم رغدا في العيش ورفاهية في الحياة ، وعليه ليس من المستغرب أن يخرج لنا العميد يعيش على تلك القناة ليقول لنا : المواطن هو من يدفع ، وهو من يتحمل تبعات هذا الأمر .

أشكر برنامج " أستوديو النهار " على عرضه لنا مثل هذه النماذج التي تفضح نفسها بشكل لم يسبق له من مثيل وأيضا أشكرها على تلمس هموم المواطن والاتجاه نحو الوطن بدلا عن النفخ في البوق الصدئ للنظام على حساب المواطن ، فأنا ولأول مرة اشعر بأن هذه القناة عادت إلى ما يفترض بها أن تكون ، وأمل أن تستمر في ذلك قبل أن تطالها الأيادي المتسخة وتمنع مثل هذه البرامج من الظهور مرة أخرى .

benziyazan@hotmail.com


في الأربعاء 16 إبريل-نيسان 2008 05:09:00 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=3612