اليمن بين فتنة الانفصال وفتنة نظام السلطة
ورده العواضي
ورده العواضي

مأرب برس ـ واشنطن

وأنا أقرأ المصائب التي تهب على اليمن من كل الاتجاهات من القضايا التي برزت على الساحة أخيرا وأبرزها قضية الجنوب وكيف يتم التعامل معها من قبل السلطة بتجاهل حقوقهم عن عمد خاصةً مع قضية المتقاعدين والعنف الذي تعرضوا له في إعتصاماتهم السلمية الأخيرة, وكيف أيضا يتم تناوله من قبل بعض الأقلام التي تدعو إلى الانفصال مستغلةً الوضع ... , أصبحت أرى حال اليمن كالعجل عندما يسقط تكثر سكاكينه!!! وكلا يضع سكينته عليها , عله يجد لحمته التي تسد طمعه وجشعه.

وللأسف ,رغم معاناة أبناء اليمن في جنوبه وشماله من ظلم وتهميش من نظام السلطة,ظهر على الساحة دعاة الانفصال(فصل الجنوب عن شمال اليمن ) وأقلام منها تؤيدها عن عمدا لتكريس الفكرة وتروجيها مستغلة الوضع المحتقن ومنها من تكتب بدافع القهر كرد فعل للنظام الذي ظلمهم ولا يستجيب لمطالبهم.

و دعاة الانفصال, واخصهم هم بالتحديد ,الذين يخوضون اليمن إلى مزيد من التفكك والتفرقة بين أبناء شعب واحد,لا أراهم يختلفون عن ممارسات هذا النظام الذي يقود البلد إلى سلسلة من الاحتقانات المتنوعة والمتفرقة ,فالاثنين يسعون إلي هدف واحد وهو تدميرا لبلد غير مباليين بالخسائر و الضحايا الذين سيسقطون ما إذا قامت حرب أهلية والعياذ بالله...

كلنا نعلم بان قضية الجنوب التي برزت على الساحة مؤخراً بقوة, من أكثر القضايا الحساسة في اليمن ,إذا أنها كانت دولة مستقلة بكيانها وبشعبها وثرواتها قبل الوحدة اليمنية, فأصبحت تقتسم مع الشمال الفساد الإداري والمالي والمفوضة العامة والقات التي اعتدنا عليه نحن في الشمال بعكس أبناء الجنوب الذين عاشوا في ظل نظام الاشتراك الصارم الذي لم يكن هناك فيه ترف وجاه المسؤليين والمحسوبية والرشوة والقات,..,,وللاماته أن وضع أبناء الجنوب أصبح أسوأ من بقية أبناء الشعب اليمني مقارنتا بما كانوا يحظون به قبل الوحدة اليمنية وبما تم نهب لممتلكاتهم وإحالتهم إلى التقاعد بعد حرب 94م!!!....لكن لا يعني هذا استغلال هذه النقاط في فصل الشطرين .

*ولكن, هل دعاة الانفصال يمثلون كل أصوات الجنوبيين أم أنهم يغلون الصدور ويستغلون الأوضاع المحتقنة لنيل اكبر صوت تحت تأثير الأوضاع القائمة!!!!

للجنوب حق تحديد المصير,ولكن هل بالفعل كل أبناء الجنوب يريدون أن ينفصلوا عن إخوانهم في الشمال خاصة أن الدماء مختلطة بينهم و هناك اسر من الجنوب تعيش في الشمال والعكس .

فهل فكر هؤلاء, دعاة الانفصال, بالمصير الذي سينتظره الشعب الجنوبي والشمالي من جراء هذه المطالب....وهل فكروا بحجم المشكلة التي ستبرز على الساحة ولن يدفع الثمن فيها إلا الشعب !!,,,أين ستذهب الأسر التي تعيش في الشمال والجنوب ,,وماذا سيحل بالأبناء الذين هم ثمرة لآباء جنوبيين وأمهات شماليات...هل سيدخلون في دوامة قانون الجنسية التي لا تعطي الحق للام في إعطاء الجنسية لاودلاها وزوجها مثلما هو موجود في القانون اليمني ...خاصة انه سيكون هناك احتقان بين الشعبين وبين البلدين في حال الانفصال....ولن يدفع الثمن إلا أبناء الشعب اليمني.. !!

وهل دعاة الانفصال اخذوا تفويض كامل من جميع أبناء الجنوب ليتكلموا على ألسنتهم؟

بطبع لا,,,هذه ليست سوى أصوات قلة لا تعبر عن جميع أبناء الجنوب…

*لماذا الدعوة في انفصال شعب الجنوب عن الشمال ..هل المشكلة القائمة في الجنوب بسبب أبناء الشعب الشمالي؟؟؟

أن المشكلة القائمة في الجنوب ليست مع أبناء الشمال ولكنها مع هذا النظام وشلته المستفيد من ثروة البلد وهم لا يمثلون أبناء الشعب الشمالي الذين يقعون تحت خط الفقر والبطالة والجهل ,إلى جانب أن المناصب القيادية يحتكرها أسرة الرئيس وشلته بينما أبناء الشعب لا يصلون إليها بدليل رصيف بطالة الشباب ...أيضا هناك تهميش يتعرض له أبناء محافظة الحديدة ,ولا تنسوا حرب صعده المشتعلة منذ أربعة أعوام وأمور كثيرة, يعني أبناء شمال اليمن لا يعيشون في ترف....ولكن تتفاوت حجم المشكلة بين الجنوب والشمال.....فلماذا فصل أبناء شعب واحد طالما ليست هناك مشاكل بينهم!!!

فكرة الانفصال=فكرة الاستعمار البريطاني!!!

إن فكرة الانفصال ليست فكرة بسيطة وسهلة...وهي تسعى إلى فصل أبناء شعب واحد مره أخرى مثلما فعل الاستعمار البريطاني سابقاً....وهي بذلك تدمر مشروع كان حلم الثوار أبناء جنوب اليمن وشماله قبل ثورتي أكتوبر وسبتمبر,,,وهو المشروع الذي سعى إليه قادة الجنوب والشمال الأوفياء سابقا وتعرض إلى كثير من الاحباطات والفشل,إلى إن تحقق في 22 من مايو 1990 , رغم إنها لم تكن مدروسة ولم يتم فيها الدمج الصحيح بين الدولتين وتوزيع القيادات بالتساوي....إلا أن في عشوائيتها عملت بإعادة المياه إلى مجاريها.....وحققت الحلم القديم لأبناء الجنوب والشمال. ففصل الجنوب اليمن عن شماله لن تحل مشكلة الجنوب بل ستزيد فوق المشكلة مشكلة,,وإذا حصل الانفصال هذه المرة فسوف لن تتوحد اليمن مره أخرى ....فهل نحل المشكلة بمشكلة اكبر منها؟؟؟؟

ماذا لديهم دعاة الانفصال؟؟وما هو المشروع الوطني الذي يسعون إليه....وهل سيقدرون بناء دولة في الجنوب وقد عجزوا 13 عاما أن يفعلوا شيء في هذه القضية بل عجزوا أن يأتوا بحلول في مواجهة فساد النظام!!!

فهل يمكن لشخصاً عجز أن ينظف أوساخ بيته أن يبنى بيتاً أخر !!!!! أظنهم يبالغون وأظنهم لن يقودوا بفكرتهم المتهورة اللاوطنية الجنوب إلى بر الأمان.....خاصة أنهم يخططون ويفكرون وهم بعيدين عن قلب الحدث,فمثلهم ينطبق عليهم المثل القائل:"اللي يده في الماء ليس مثل اللي في يده في النار"....وهم عندما يدفعون الجنوب إلى حرب أهلية,ليسوا هم من سيقع عليهم الضرر ,لذلك يستسهلون الأمور من بعيد,,,,فلينزلوا إلى قلب الحدث مع أولادهم وفلذات أكبادهم...ليراجعوا أفكارهم....ما إذا كانت مناسبة خاصة وهم مشاركون أبناء الجنوب في معاناتهم!!!

إذا كان العذر الذي يحملونه دعاة الانفصال عن سبب دعوتهم في انفصال الجنوب عن اليمن هو بسبب تخاذل أبناء الشمال في مواجهة السلطة ,فأين كانوا هم منذ 13 عاما؟ ولماذا لم يواجهوا فساد السلطة قبل أن يلجوء إلى حل الانفصال ...ولماذا لم يحركوا قضية الجنوب طيلة هذه المدة..أليس هذا تخاذل منهم!! أم انه عندما تضاربت مصالحهم مع السلطة تبنوا قضية الجنوب كتكفير لتخاذلهم وتقاعسهم عن حق أبناء الجنوب كل هذه المدة.

وأي تخاذل يريدون أن يرموا على شعب يتجرع الفقر والبطالة وفوق هذا يستخدم مسكنات القات ليكون متفرج على الحدث لا مشاركاً فيها …وللعلم أن مضغ القات أصبحت سمه مشتركة بين أبناء الشعب اليمني في جنوبه وشماله وهو المستحيل أن يحصل تغيير مع هذه المسكنات!!!

البلد تمر في أسوأ أحوالها ... والمتضررين هم أبناء الشعب اليمني جنوبا كان أم شمالاً ,وتحتاج إلى أبناءها المخلصين لمواجهة تغيير هذا النظام بتوحد من الشعب وبحكمة وعقلانية وبأقل الخسائر..وليس بتفريق صفوفهم وتوليد كره المنطقية والعنصرية فيما بينهم...فالمفترض أن نمتص كمثقفين وكعقلاء للبلد هذه النزعة المناطقية(العنصرية) التي لا تنم إلا عن جهل...و نناقش قضايانا الوطنية,حسب الأولويات..ويكون هناك مشروع وطني لتصحيح الوضع وتغييره....لا أن نزيد فوق النار زيت....هذه البلد بلدنا جميعا..وإذا كان النظام يريد أن يحتكرها لأفراد, فيجب أن نقوم بثورة تصحيح وتغيير لا الهروب بالانفصال أو الهروب بمسكنات القات ....اليمن لا تنقصه فتنة الانفصال وهي تواحة فتنة فساد هذا النظام....نحتاج أن نستخدم عقولنا للخروج من هذه المحنه الكبيرة,,,وأرجو من الأقلام التي تعيد وتكرر عن الانفصال أن تتسم بشيء من الوطنية والأمانة وتراجع كتاباتها ويستثمروا أقلامهم في كيفية رفع وعي أبناء الشعب اليمني وكيف نسير نحو مشروع وطني ...فلنستخدم أقلامنا للخير ,وإلا فلنسكت,ولا داعي للكلام الذي لا يسد جوع أفقر مواطن في اليمن!!!"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"

رئيسة التحرير لموقع اخبار الساعة

Miss44warda@yahoo.com


في الخميس 16 أغسطس-آب 2007 08:48:11 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=2346