تَنَاهِيْدُ وَطَن
د عادل محمد باحميد
د عادل محمد باحميد

يآ أيُّها الوطنُ السجينُ بداخـــلي *** أتُراكَ سِجنيَ أَمْ أنا السَّجَّانُ

أتُـــــراكَ مِثـليَ تـــــــائهاً في بَعضِهِ *** فلقد تَتِيهُ ببعضِنا الأوطــــــانُ

أمْ أنَّنا يا مَوطِنَ الأحـــــــــــــرارِ قد *** تُهنا معاً فمصــيرُنا التَّيَهــــانُ

دَعْني أبُثُّ الهمَّ أشجــــــــاناً هُنا *** ولكمْ تؤرِّقُ مِثليَ الأشجـــــــانُ

فلكم أراكَ اليومَ يعصرُكَ الأسى *** قهراً وتكسرُ عودَكَ الأحزانُ

وأرى بعينيكَ السفينةَ أَبْحَرَتْ *** نَحْوَ الغَيَاهِبِ سَاقَها الطُّوفـــــــانُ

تَجْــــري مُشَرّعَةً بغيرِ هِــــــدايةٍ *** ضَلَّ الطريقَ ودَرْبَهُ القُبْطــــــــــانُ

تَجْــــري وأَمواجُ البِحارِ تَسُوقُها *** قسراً، وضاعَ القصدُ والعُنوانُ

وعلى زِمـــــــامِ الدَّفّةِ العَوجَــــاءِ مَن *** بالزّورِ يَهْتِفُ أنّهُ الرُّبَّـــــــــــــانُ

وبأَنَّ كُلَّ الشّعبِ مُلْكُ يمينِهِ *** وهو الشُّجَــــــــــاعُ ومَن سِواهُ جَبَانُ

وبأنّهُ الطُّـــهْرُ الطَّـــــــهُورُ تَفَرُّداً *** أمّا المُخَــــــــــالِفُ مُجْـــــرِمٌ خَـــوّانُ

قَذَفُوا بِها ذَاتَ اليَمِــــــينِ وَتَارَةً *** ذَاتَ الشِّمـــالِ يَجُرُّهـــا القرصانُ

وَهِيَ الـمُسَالِـمَةُ التي قد غَرَّها *** وَهْمٌ وزَيْفٌ حَاكَهُ الشَّيطــــــــانُ

لَمْ تَمتلِكْ يَوماً إرادتَهــــــــــا التي *** سُلِبَتْ بِلَـيْـلٍ لَفَّهُ الخُــــــــــــــــذْلانُ

لَمْ تُطلقِ الصوتَ القويَّ مجلجلاً *** يحمي الحقوقَ فتهرُبُ الجُرذانُ

لَمْ تَسْطِعِ اليومَ الوُقُوفَ لِظالِمٍ *** يَبغيْ خَــــــــرابَ الدّارِ وهو مُـدانُ

كيــــــفَ الوُقوفُ لأمّةٍ قَد هَدّها *** ضَعْفٌ يَـــنوءُ بِحِملِهِ الـمِــــيزانُ

سَــــادَ التّفــــرُّقُ والتَّنَـــــــازعُ بينَها *** ومَآلُ كُلِّ تَفَرُّقٍ خُسْـــــــــــــرانُ

أبنــــــــــــــاؤُها يُعلُونَ رايَةَ غيرِها *** ونصيبُها الخُذْلانُ والنُّكــــرانُ

يا أَيُّها الوطنُ الحَبيبُ سَمَـاحةً *** أَتُراكَ أَزعَجَ سَمعَكَ التِّبْيَــــــــانُ

إنْ بُحْتُ بالمَكنونِ فاْعذُرْ جُرأَتي *** فالقَلبُ أَشْعَلَ نَارَهُ الوِجْدانُ

قَدْ سَــاقَني حُبٌ إِليكَ وَلَوْعَةٌ *** والحُبُّ في عُرْفِ الهَوَى سُلطَــــانُ

أَمَلِيْ حَبِيبيَ أَنْ أَراكَ مُتَوَّجَــاً *** تَــــــاجَ الفَخَـــــــــارِ بعــــــــزّةٍ تـزدانُ

فلديكَ يا وطني جُذورُ حَضَــارةٍ *** شَهِدَتْ لها ببريقِها الأزمــــــــانُ

غُرِسَتْ لها في كُلِّ أَرضٍ بِذرةٌ *** عَمَّ الوُجودَ بنورِها الإيمَـــــــــــانُ

سُقِيَتْ بأخــــلاقِ النَّبِيِّ وهَـدْيِِهِِ *** والجِــذعُ قَـوَّمَ سَـــــــاقَهُ القُــــرآنُ

ثُمَّ استوَى الزَّرعُ النّضـــيرُ بِسُوقِهِ *** فَتَفَرَّعَتْ مِن أَصلِهِ الأغصانُ

فَتَنَهَّدَ الوطنُ الحَبيسُ كأنَّما *** نُكِئَتْ جِراحٌ لفَّها النِّسيـــــــــانُ

أَوّاهُ يا وَلَدي فمـــــــــاليَ حِيــــلةٌ *** فالعقلُ من هَولٍ هُوَ الحيــــــرانُ

أوَ بَعدَ أَن شِدنا بِكُلِّ بسيطةٍ *** مجداً، يُدَكُّ بدارِنــا البُنيــــــــانُ

تُؤْذِي فُؤادَ الحُرِّ رُؤيةُ أَرضِــــهِ *** تَـلقى الهوانَ يَسُوسُها الصِّبيَـانُ

وَحَليبُها يُسْقَى لِغَــيرِ صِغارِها *** من ضرعِها فنصيبُهم حِرمَــــانُ

يَتضَوّرُونَ من الـمَهانَةِ جُوعُهم *** والتِّبرُ في بَطْنِ الــثَّـــرى أَطنـــانُ

لكــــنّني وبرغمِ ظُلـــــمةِ ليلِــــنا *** أَرجُو النَّهـــــــارَ بنُــــــورِهِ يزدانُ

سَيُــنِيرُ فَجْرٌ مِن طَـــــلائِعِ فِتْـــيةٍ *** أَكْرِمْ بِهمْ أَبنـــاؤُنا الفُرسَـانُ

في كُلِّ فَنٍّ أَبدَعُـــــــوا وتَألّقُـــوا *** كَمْ تَشهَدِ الأيَّـــــامُ والـمَيْدانُ

سلكوا دروبَ العلمِ فهو شعارُهم *** سارت بهم نحو العُلا رُكْبانُ

ومَكَـــــارِمُ الأخلاقِ فاحَ أَريجُها *** وبِكُلِّ خَـــيرٍ فِعلُهم إِحســانُ

مُتطوّعونَ بجُهدِهِم وشَبابِهِم *** لا يُرتَجَى شُكرٌ ولا عِرفــــــــــانُ

حفظوا الأخوةَ بينهم واستعصموا *** بعُرى الإلهِ تماسكَ البُنيانُ

لا كُرهَ لا أَحقادَ تَسْرِي بَينهم *** بِصفائِهِم قد أَثْمَرَ البُستَــــــــــانُ

أَوّاهُ يا وَلَـــدي فَهذي ثَـــــروتي *** لا الـمـــــالُ يعدِلُها ولا الـمـُرجانُ

هذي مَعَالمُ نهضةٍ يَبقَى بها *** نَبْضُ الحَياةِ يضخُّه الشِّريَـــــــــانُ

هذي تَبَاشِـــــــيرُ الصَّباحِ تَفَتَّحَتْ *** وتَناثَرَتْ بسمـــــــائِها الألـوانُ

فاعلم بُنيَّ بأنّ مَجدَكَ مَكسَبٌ *** ولــهُ بــــريقٌ لامـــعٌ فَتَّــــــــــــانُ

وبأنَّ أَعْظَمَ ثَروةٍ مَكنُــــــــــــونةٍ *** في أرضِنـا الأخلاقُ والإنسانُ

فبها سَنَخْرُجُ من جَهَـــــالةِ تِـيهِنا *** وبها سَيَعلُو ذِكْرُنا والشَــانُ


في الثلاثاء 10 سبتمبر-أيلول 2013 11:04:19 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=22001