حواشٍ من تراث اليمن
نهلة جبير
نهلة جبير

مُنذ القدم كان لليمن مكانة ,وخطوات سباقة في صياغة تاريخ الحضارة الإنسانية, ولم يُكن على هوامش التاريخ يوماً , بل فاعلٌ مؤثرٌ فيه و بجدارة , وعبر أبواب مختلفة .

فإختراعه السياسي للشورى وحكم الأقيال والريادة الأولى لنسائه في إدارة شؤون الحكم ,كانا أهم إنتصاراته التاريخية مطلقاً , ناهيك عن إبداعاته في مجال الزراعة والري والأحكام العرفية القبلية وغيرها ....وغيرها !!!

ـ تلك حقائق تاريخية وسردي لها ليس تباهياً ( وإن كان يحق لي ذلك) , وإنما لتتبُع تفرد اليمن بالتميّز عبر التاريخ , وصولاً إلى اليوم .

واليوم يتفرد اليمن بعجائبه المذهلة , المحيرة فعلاً لأي سياق تاريخي , ولأي منهج تحليلي , عجائبنا في اليمن تخالف المنطق والعقل , و لو تناولناها بالدراسة العلمية لن نجد مقياساً أو منوالاً بحثياً أو إستقصائياً يساعدنا في فهمها.

العجيبة الأولى ـ (على ما أدى الله)

في بلادنا نعيش بلا قانون وبلا دولة وبلا أرض , مساكين نرحم الله لا لنا حقوق ولا علينا واجبات , ولا نعرفها أصلاً !!

كل واحد يستقوي على غيره بحق أو بغير حق لا يهم المهم أن نصل لأي غنيمة , هذا بالنسبة لصغارنا ,أما كبارنا فإستقواؤهم يأخذ طابع العصابات كل واحد يدعم الثاني ويرزح ظهره ( كما نقول بلهجتنا اليمنية) , وفي سبيل تحقيق ذلك تُستخدم كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة فنحن في بلد العجائب كما قلت , فعلى سبيل المثال أكون الظالم وأسبق المظلوم في الإدعاء عليه قضائياً ,ولا أتركه إلا وقد أفلس مالياً ومعنوياً ونفسياً حتى يتعلم الأدب , ولا يقف أمام أطماعي ولو كنت ظالماً ,فأنا ملتزم بقانون الغاب (إن كنت ذيب وإلا أكلتك الذئاب) ولا أتجاوزه !!!!!

وإجتماعياً تأخذ المصاهرة والقرابة, دورها في توطيد التأزر المافيوي بين تلك العصابات , (بنت فلان لإبن فلان ) وتعلمون جيدا ماذا أعني (بفلان ) .

أما بقية الناس في اليمن وهم ـ الغالبية العظمى ـ فهم في فئة المهمشين لا حول لهم ولا قوة ,ما يقتاتون عليه هو جهلهم وتغيُب وعيهم عن إدراك مابعد اليوم (يومهم عيدهم ) حامدون لله شاكرون , وعيهم المغيب يساعدهم على قبول الحاصل مما هو موجود , ممتنون له , راضون بأدنى الخدمات المتوفرة لهم ,لآنهم ببساطة لا يعرفون أن هناك مستويات وأنواع لتلك الخدمات !!!!!

ـ العجيبة الثانية ـ (إتقرصوا العافية )

شعوب الأرض كلها تنتفعُ من موارد بلادها , ونحن في اليمن (يا رحمتاه) نزيد نوفّي من جيوبنا فوق الموارد ليعيش مساكيننا الكبارّ!!!!!

فمن أين سيسرق أولئك الكبار ؟

وكيف ستتم صفقاتهم المافيوية ؟

البترول لهم ,الغاز لهم , الثروة السمكية لهم , بشرح بسيط الأرض وما عليها مشاع لهم .

الخدمات نشمها ونزيد نسدد فواتير الشم , والضرائب والواجبات نسددها بدلاً عنهم , والجرعات نشربها بصبر وشجاعة كدواء تحصيني لنا حتى لا نصاب بوباء الشراهة المستشري عندهم .

ونحن يجب علينا الإكتفاء بما لدينا من مشاكل وإلا فإن شهيتهم النهمة ستلتهمنا وهذه إسمها (الحكمة اليمانية) !!!!!

ـ العجيبة الثالثة ـ( الثورة = البورة )

قامت الدنيا ولم تقعد , وقيل أن هناك ثورة تولد مخاضها عسر , وكأن ذلك المولود هو عيسى المنتظر , إنتظرنا معهم بل وإبتهلنا لله أن يستر , تمت الولادة وجيئ بالطفل الخديج المنتصر , فقيل عفواً لم يكن هو المنتظر !!!!!

مالنا ومال ما زعموا ؟

أهلكوا الحرث والنسل وأطلقوا الوحوش علينا , ومازالوا في نهجهم يعمهون , قلبوا موازين الوعي , وأصبح الوعي مريضاً معتلاً بخرافات التمزق والتربص و إحتكروا الثورية في الساحات !!!

إلتهمت نيران التغيير بقية بساطتنا وأحلامنا وتركونا معلقين , لا أرض لنا ولا سماء .

وفي التسوية إرتقى كل فاسد , وميزوه بنجمة النصر فأغدقوا عليه بالهدايا من الجند والمال والدعم , والنتيجة كانت أن الفاسد يعتلي المراتب , وندفع المال لكل مخرب , ونحن لا نعلم لمَ في الغالب !!!!

كيف تمت تلك التسوية ؟

ولمَ نتخبط في محاولة فهم ما يحدث , ولا نجد من يعلل أو يفسر ؟

لا بيان من الحكومة , ولا متحدث بإسم الرئاسة , ولا إعلام واضح وصريح نستقي منه أي معلومة.

ويستمر مسلسل التجهيل والتعتيم.

قد يكون لترويعنا وربما يكون الغرض من ذلك التسويق لنظام جديد سيحكمنا شئنا أم أبينا !!!

ولمن أراد فهم ما يحدث يقرأ في كتابات أولئك البسطاء من الهواة .

فكبار الكتاب معتلون بأعراض الأيدولوجية, وكل واحد منهم يحلل الوقائع منطلقاً من خلفيته وإنتمائه الفكري او الحزبي أو الديني , ويعيدون بذلك إلقاء الكرة إلى ملعب التجهيل وتمييع الحقائق .

أما عن العجائب فهي في تنامي مستمر , والله يستر علينا وعلى بلادنا ,

يقال في التراث الشعبي اليمني (صنعاء حوَت كل فن ) وأزيد عليه واليمن حوت كل جن , من كل صنف ولون ,لكن جنها لا يصفدون , وها هو شهر الخير والبركات قادم وستصفد الشياطين ,,,,,,,

وسنبقي نحن وشياطين الإنس منا (نبترع)


في الثلاثاء 09 يوليو-تموز 2013 04:09:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=21267