عذراً مرام قد كفرنا
رشا القيفي
رشا القيفي

مرام يا طفلة صغيرة ذنبها الذي لم ترتكبه أنها ولدت في اليمن ، وذنبها الآخر أنها ولدت لأب مغترب ، وذنبها الثالث أنها أغتصبت في التوقيت الخاطئ ، مرام يا طفلة صغيرة كثرت الأقاويل عمّا حدث لها ويبدو أن المُكترثين لما حدث لها وما سيحدث لغيرها قليلون.

عزيزتي مرام أقدم لك إعتذاراتي أولاً ، وإن لم يكُن لي عذر إلا أني حتى الآن لم اكتشف ما الذي استطيع أن أقدمه لكِ سوى قلمي وألمي ، لأحكي على لسانك ولساني الخوف من القادم ، مرام آسفة لكُل آمالك التي سُحقت ، آسفة لأحلامك التي أنتهكت . آسفة لكُل ما حدث يا صغيرتي ، نعم قد ربما تمنيتي أن تُصبحي طبيبة ، مهندسة ، مُعلمة أو ربما داعية . أعلم أنهم لم يجردوكِ من ملابسك حين إغتصبوك ، أنهم جردوك من أحلامك من آمالك من كرامتك و نزعوا حقك في الحياة الكريمة .

أعلم أنكِ يا مرام عند من أحبك ويحبك أكثر منا ، لكني أعلم أنك الآن تتساءلين لما كُل هذا الصمت ، مرام هل قابلتِ الطفلة المُغتصبة في عدن؟ هل أخبرتك بأننا نسيناها ؟هل أخبروكِ أن تكرار هذه الحوادث يزداد يوماً بعد يوم ، وأن الإنفلات الأمني في بلادي أصبح مُرعب ؟

عزيزتي مرام تقبلي مني خالص اعتذاراتي ، فقد كفر المنادون بحقوق الإنسان بما يعتنقون ، فلم يلتفتوا بعد لقضيتك ، وقد كفر المنادون بالشريعة وإقامة الحُدود بما ينادون فلم يهتموا لقضيتك ، وقد كفر المُجتمع اليمني بالنخوة التي يدعي فلم يتظاهر ولم يتجمع ولم يخرج حتى اليوم لنصرتك ، مرام لا تبتئسي يا صغيرتي فالله معكِ ومعنا.

إنهم لا يعون بعد أنهم ليسوا بمأمن مما حدث لكِ ولمن قبلك ، إنهم لم يستوعبوا بعد أنكِ أنت الوجع الذي يحيا فينا ، لم يتعلموا من أخطائهم أن من يسكت عن الظلم ظالم ، ومشارك في الجريمة ، لم يتعلموا أن السكوت عن الحق ليس إلا ظُلماً يلبسوه صمتاً .

عذراً مرام فقد كفرنا بالأخلاق ، بالعادات التي تربينا عليها ، لم تعد نصرة المظلوم للعرب تعني شيئاً ، مرام لست زعيم قبيلة حتى يتداعى لكِ المشائخ ومن ورائهم رجال القبائل بسلاحهم ومالهم ليقفوا وقفة رجل واحد ويخبروا الحكومة أنهم لن يبرحوا أماكنهم حتى تأخذي حقك.

عذراً مرام لست ناشطة هاجمها أحد المُختلفين معها لتبدأ حملات التضامن وليبحثوا عمن ولما فعل ذلك من فعل ، عذراً مرام لستِ إبنة أحد المسؤولين أو التجار لتتحرك الحكومة تحركاً جاداً وتأخذ بحقك. ولست قضية يُمكن لهم أن ينتفعوا منها في المُناكفات السياسية

عذراً مرام نحن مُجتمع لا ينتصر إلا للأقوى،، عذراً مرام الضعيف بيننا مُهان ، عذراً مرام نحن قوم نقول الكثير لكننا لا نفعل ربع ما نقول ، عذراً مرام ليس لدي ما أقدمه الآن لكِ سوى ألمي وقلمي. عذراً مرام فقد امتهنا الكفر وتغطية الحقائق.


في الجمعة 25 يناير-كانون الثاني 2013 03:33:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18962