جون أورورك : السلطات اليمنية عرضة للمساءلة وعليها مكافحة الفساد
أنور حيدر

حاوره /أنور حيدر

*علاقة اليمن قديمة جدا بدول الاتحاد الأوروبي ورغم قدم هذه العلاقة إلا ان حجم التعاون والمساعدات والدعم المقدم من أوروبا لليمن ليس بالشكل المطلوب ؟

يعمل الاتحاد الأوروبي على كافة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية تقريبا: بدءاً من انعدام الأمن الغذائي، الصحة والثروة السمكية، والمساعدة الفنية وتعزيز منظمات المجتمع المدني والتركيز على حقوق الإنسان وتعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 214 مليون دولار أمريكي أثناء مؤتمر المانحين في الرياض في 4 سبتمبر 2012 وبالإضافة إلى ذلك، تعهد كثير من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بتقديم أموال كثيرة. فعلى سبيل المثال تعهدت بريطانيا بتقديم 311 مليون دولار، وألمانيا بتقديم 158 مليون دولا، وهولندا بـ 100 مليون دولار، وفرنسا بـ 6,2 مليون دولار أمريكي ويبلغ إجمالي الدعم المالي المقدم من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء 800 مليون دولار أمريكي على الأقل.

أعتقد أن هذا يبين مدى جدية الأوروبيين في دعم اليمن والشعب اليمني. ولكن كما هو الحال في العملية السياسية، على كل طرف أن يقوم بحصته من العمل : السلطات اليمنية عرضة للمساءلة وعليها مكافحة الفساد وخدمة مصلحة الشعب ويجب أن يرى المواطنون اليمنيون تقدما في حياتهم اليومية وأن يروا منجزات على أرض الواقع و مع ذلك، تم إحراز تقدم منذ توقيع المبادرة الخليجية، كما رأى اليمنيون تحسنا مثلا من حيث الكهرباء التي أصبحت الآن أكثر توفرا عما قبل. لا يعتبر ذلك كافيا بالطبع وعلى الحكومة أن تقوم بالمزيد والأفضل مع دعم المجتمع الدولي.

*كيف تقيمون تجربتكم مع منظمات المجتمع المدني باليمن ؟

تعتبر منظمات المجتمع المدني عوامل هامة وحيوية للتغيير في اليمن ويشكل العمل مع منظمات المجتمع المدني جزءا أساسيا من التعاون التنموي للاتحاد الأوروبي مع اليمن وتدعم بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن منظمات المجتمع المدني بعدة طرق وفي قطاعات مختلفة. وبالمضي إلى الأمام، سينظر الاتحاد الأوروبي إلى إمكانيات تقوية الروابط مع منظمات المجتمع المدني العاملة في المناطق الريفية. كما أن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب عملية اختيار ممثلي الشباب والمرأة والمجتمع المدني للحوار الوطني. ومن المهم أن يكون هناك تمثيل نموذجي لهذه الفئات التي لا تمثل الأحزاب السياسية، بل تمثل المجتمع اليمني المتنوع والحيوي.

*تقييمكم لأداء حكومة الوفاق ؟

إن مهمة أي حكومة انتقالية هي دائمة صعبة وبالنسبة لليمن احد التحديات هي أن يعمل كل من المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك معا، وهناك تحدٍ آخر لهم يتمثل في التواصل مع من لم يوقعوا على المبادرة الخليجية . ندعم بشكل كامل الحكومة الانتقالية ولكن نود التأكيد أنه يجب ان تكون هذه الحكومة عرضة للمسائلة وقادرة على الإنتاج رغم التحديات وبالتالي يحق للمواطنين اليمنيين أن يطالبوا بنتائج ملموسة على أرض الواقع.

* وجهة نظر الاتحاد الأوروبي لقانون العدالة الانتقالية ؟

يدعم الاتحاد الأوروبي عملية مصالحة شاملة وجامعة تهدف إلى معالجة مظالم الماضي ومن ثم التمهيد لبداية جديدة لليمن الجديد. يتابع الاتحاد الأوروبي النقاشات حول قانون العدالة عن كثب. أعرف ان هناك نقاش حول الفترة التي يغطيها قانون العدالة الانتقالية، لكننا نفهم على الأقل أن الجميع يوافق على ضرورة تسليط الضوء على البؤر المظلمة في ثورة اليمن في 2011.

*بروز الحركات الإسلامية باليمن حوثيه ، إخوانية ،سلفيه وغيرها ألا يهدد ذلك مصالح الاتحاد الأوروبي في اليمن ؟

من مصلحة الاتحاد الأوروبي بشكل عام ان يتحول اليمن إلى دولة ديمقراطية جامعة من خلال عملية يقودها اليمنيون فعلا. ينبغي أن يشمل هذا جميع الأطراف التي تعتزم المشاركة في بناء مستقبل أفضل لجميع اليمنيين وبطريقة بناءة وشاملة وديمقراطية. سيكون التسامح عنصرا أساسيا في ضمان التعايش السلمي والاستقرار في اليمن.

*كيف ينظر الاتحاد الى معيقي التسوية باليمن ؟

المعيقون متعددون ويبذلون قصارى جهودهم لتقويض العملية. إنهم يتطلعون إلى مكاسب ومصالح أنانية على حساب الجميع. من الواضح أن المعيقين لم يسمعوا مطالب الثورة وغالبية اليمنيين المنادية بالتغيير الذي سيؤدي إلى مستقبل أكثر اشتمالا وسلاما وازدهارا للجميع. على المعيقين أن يعلموا أن صبر المجتمع الدولي له حدود. إنهم يراقبون وهم على خطأ إن كانوا يعتقدون ان المجتمع الدولي غير قادر على اتخاذ إجراءات. وعلى المدى الطويل، سيكون المعيقون أكبر الخاسرين جراء سلوكهم الغير بناء.

*هناك من يطرح فكرة التمديد للرئيس هادي هل الاتحاد الأوروبي مع هذا الطرح ام انه مع إجراء الانتخابات في موعدها المحدد ؟

ترى المبادرة الخليجية ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في فبراير 2014، وبحلول ذلك الوقت، الأمر يعود إلى الشعب اليمني ليقرر من سيكون رئيسه القادم.

*على ذكر المبادرة الخليجية تقييم الاتحاد الأوروبي لما تحقق منها حتى الآن ؟

 تحقق كثير من الانجازات في وقت قصير، وتستمر العملية في السير إلى الأمام. ومن بين ذلك انتخاب رئيس جديد، والبدء في إعادة هيكلة قوات الجيش، وبدء التحقيق في مظالم الجنوب. هذه أمور معقدة ومساعي ذات تحديات على المستوى السياسي وينبغي الترحيب بها إذ أنها تشكل المطالب الجوهرية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية. كما أن عمل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني هو إنجاز بحد ذاته ونقطة انطلاق نحو الجزء المتبقي من العملية الانتقالية. لأول مرة في تاريخ اليمن التقت الأطراف المعنية من مختلف التوجهات معا للنقاش والموافقة على كيفية تكوين وقيادة الحوار الوطني. جميع الأطراف غير راضية عن توزيع المقاعد، ولكن فحوى الأمر هي الشيء الممكن وليس المثالي. ما يهم هو ألا تكون هناك فئة تتحكم بالعملية، كما أن الحوار يعني إيجاد حلول وسطية. أيضا، الوقت قصير والتحديات كثيرة، ينبغي أن تسير العملية من أجل الالتزام بموعد الانتخابات في فبراير 2014.

*رؤية الاتحاد الأوربي لموضوع الحوار ؟

انطباعي هو أن اليمن تتطلع إلى التغيير ومستقبل مشترك أفضل. يتذكر الكثيرون الثورة كلحظة نادرة اتحد فيها اليمنيون وأصبحوا أقوى من أي وقت مضى. يخلق الحوار الوطني زخما لبناء الإجماع الوطني، وهذا الحوار هو فرصة تاريخية لبناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية خالية من الفساد. يجب على كل مواطن يمني أن يشعر بأنه جزء من اليمن الجديد. وبالتالي، من الطبيعي القول أنه يظل من المهم جدا أن تشارك كافة الأطياف اليمنية في الحوار الوطني. يجب على الذين لا يزالون مترددين في المشاركة أن يعرفوا أنه ومن خلال المشاركة فقط ستسمع وتعالج أصواتهم وهمومهم بالشكل الملائم. الحوار الوطني ليس مجرد آليات وعدد من المقاعد، بل هو متعلق أكثر باستثمار النوايا الحسنة للأطراف والفئات اليمنية من أجل تحديد شكل العقد الوطني والاجتماعي الجديد. ينبغي على الذين لا يزالون مترددين ألا يفوتوا هذه الفرصة للمشاركة في المؤتمر. قد يبدا مؤتمر الحوار دون بعض تيارات الحراك وسيكون هذا مسئوليتهم إذ أن كل واحد له الحرية في ألا ينضم إلى العملية ولكن لا يحق لأحد أن يقوض العملية.

*هل الاتحاد الأوروبي مع تحول اليمن إلى دوله فيدرالية ؟

لا يحق لأحد إلا اليمنيين أنفسهم في تقرير كيف سيكون شكل الدولة اليمنية في المستقبل. سيتعين طرح هذا السؤال في مؤتمر الحوار الوطني، وقد يحتاج اليمنيون إلى نصائح من خبراء في هذا المجال أثناء الحوار الوطني، فإن طُلِبَ ذلك، فالاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم المساعدة الفنية بناء على أفضل الممارسات وعلى الدروس المستفادة.

* إيران تقع في منطقة الخليج وتطل على مضيق هرمز واليمن يقع على البحر الأحمر ويطل على مضيق باب المندب اذا فالتقارب والتعاون بين اليمن وإيران يمكن أن يؤدى إلى مزيد من الاستقرار والأمن والهدوء في هذه المنطقة ما تعليقك على من يطرحون هذه النقطة ؟

أن يكون مستقبل اليمن حافلا بالسلام والتنمية المستدامة والفرص لجميع اليمنيين هو أمر في صميم المصلحة الطويلة الأمد لجميع من يعيش في المنطقة بأكملها. من مصلحة المنطقة بالتالي أن يكون هناك يمن موحد ومستقر.

لا يمكن للمشاكل اليمنية إلا أن تكون لها حلول يمنية على جميع الأطراف اليمنية المشاركة في الحوار الوطني وأن تكون جزءا من بناء الأمة اليمنية.

ستكون اليمن أقوى على الساحة الإقليمية إن تمكن اليمنيون من العمل مع بعضهم لصالح البلد بأكمله ولصالح الشعب اليمني.


في الجمعة 18 يناير-كانون الثاني 2013 09:29:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18873