سلطان السامعي .. ليته لم يكن !!!!!
محمد شرف قحطان السامعي
محمد شرف قحطان السامعي
شخصية ظلت مثيرة للجدل ردحاً من الزمن .. تجاذبتها الألقاب مابين الأستاذ سابقا و الشيخ حاليا من منا لا يعرفها انه البرلماني سلطان احمد عبد الرب التميمي الملقب بالسامعي لاحقاً سطع اسمه وبزغ نجمه بداية التسعينيات ضمن كوكبه من الساسة الشباب بل كوكبة من فرسان الحرية و النضال الوطني آنذاك الى جانب رفاقه أمثال الأستاذ عبد الحبيب سالم و الربادي و.....و ..... الخ . دخل معترك السياسية مبكراً وامتطى صهوة النضال باقتدار حين شكل مع رفاقه ظاهرة سياسية استثنايئة , وسابقة نخبوية نوعيه كسرت الصورة النمطية للنخب المعارضة التي دأب الحكم الشمولي على إنتاجها بحسب ما تمليه مصالحه . كان لظهور الأسطورة السياسية الجديدة بأطروحاتهم الجرئية و أرائهم السياسية المشجعة و تبنهم أفكار و مواقف وطنيه كانت محظورة وغير مسموح بها الى إذكاء حماس الجماهير المثقفة والعامة من الناس ممن يحدوهم بصيص أمل بالخروج من تلك الحقبة التاريخية بكل ما فيها من تعبية قهرية للمركز ومعاناة.. إقصاء .. تهميش و هوية مسلوبة لا مجال فيها للحديث عن مواطنه متساوية ولا لنظام و لا لقانون . زاد التفاف الناس حول هذا الشاب الصاعد ورفاقه وتفانى الناس في الحديث عنهم امتداحاً وثناء وبل و دفاعاً عن ما يحملونه من أطروحات سياسية ومدى نجاعتها وجدوها في تغيير الواقع .

في المقابل لم يكن سدنة النظام وحلفائه في المركز المقدس في صنعاء غاض الطرف عما يجري من استقطاب في تعز واخواتها كنتاج حتمي لهذه الظاهرة الصاعدة .. بل كان هنك يقظة و حذر شديدين لم تعدم معها وسائل البطش و التنكيل والتصفية الجسدية بكل معارض لم يدور في الفلك المحدد والمرسوم له. فنالت تلك الكوكبة ما نالت فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر فكان سلطان السامعي من المنتظرين بعد فشل محاولة اغتياله .واصل السامعي مشواره السياسي بحنكة و ظل يمثل نبض الشارع بكل تجلياته معبراً عن تطلعات العامة باستقلالية كاملة لم يثنه ما تعرض له او تلك المالات التي لحقت ببعض رفاق دربه حتى بدا و كأنه يختط مشروع سياسي مستقل لأبناء تعز و ما حولها فزاد إعجاب الناس به و تعلقت به الآمال و التطلعات بمشروع جديد يطوي سفر طويل من الإقصاء و المعاناة و التهميش . ارتفع منسوب الأمل و التفاؤل لدى الناس .. طرأ تحسن كبير في التطلعات و استعادة الثقة بالنخب وانحسرت حالة التشظي التي كانت تعيشها تعز. وبمرور الأيام استطاع السامعي ان يكون له رصيد نضالي كبير و يسجل أعلى مستوى من السمعة الطيبة و حب الناس والتفاف الجماهير حوله وأصبح مصدر الهام كل من يريد الولوج ساحة السياسة و ارتقاء صهوة الريادة.

توج هذا الزخم الشعبي من خلال الانتخابات البرلمانية التي خاضها السامعي عام 2004م حين توافد الآلف الناخبين باستماتة من اجل انتخابه و بإجماع منطق النظير فتوزعت صوره و اعتلت أماكن و محلات مختلفة في جميع مديريات المحافظة متجاوزة حدود دائرته الانتخابية. لانزال نذكر عبارة كانت متداولة حينها بين الناخبين بالعامية (سلطان وما طن طان ) عبارة عامية بسيطة لكنها تختزل حب الناس له و استعدادهم للتضحية من اجله لتحقيق تطلعات وآمال كل أبناء المحافظة.

لم يكن سلطان السامعي في وجداننا شخصية اعتبارية فقط بل كان مشروع سياسي كبير والكل يدرك ذلك.

لم نكن ندرك حينها بان تلك الانتخابات ستكون محطه نحول و تغير جذري في شخصية الرجل وإنها بداية مرحلة جديدة تجافي كل ما قبلها ولا تمت بالشخصية الأسطورية بأي صلة.

لم نكن ندرك بان عقدة الإصلاح فوبيا ستظل تطارده و ستدفع به نحو التردي و السقوط في براثين التعبية ومستنقعات الذات النرجسية.

لقد كانت تلك الانتخابات بداية العد التنازلي لمشروع وطني أصابه الوهن و الخرف قبل ان يبلغ سن الرشد. بداء الرجل مرحلة البحث عن الذات و المصلحة الشخصية و نكث بكل آمال و تطلعات جمهوره و محبيه.

لم يكن تغيير لقبه من الأستاذ إلى الشيخ عفوياً و سطحياً كما يبدوا للعامة بل يختزل تغير عميق و توجها جديدا في إستراتيجية الرجل يقوم على تغليب المنافع و بيع المبادئ في المزاد العني .

يبني تحالفات مشبوه مع قوى سياسية غير مرحبا فيها يتناقض فكرها مع تطلعات الناس والمزاج السياسي السائد كم كنا سذجاً حينما لم ندرك حقيقة تلك التوجهات الجديدة ... كنا نراه مولعاً بالتلاعب بالمواقف السياسية ونحن نبررها فنصفها حيناً بالتكتيك السياسي .... نراه يتماهي في إخضاع المبادئ وطموحات الناس للمقايضات بالمزاد و قاعدة من يدفع أكثر ,,,, فنقول هذا ما تقتضيه الحاجة و ما يفرضه الواقع.

كنا نعمد الى ذلك ليس حباً في شخصية الرجل , ولكن خوفا منا على فشل مشروع قديم جديد ظل يحمله لسنوات طويلة يحوي في طياته كل تطلعاتنا .

كنا نتجنب حتى مجرد التفكير حول فشله و عندما أصبحنا قاب قوسين وأدنى من حصاد ثمار نضال سنوات عجاف وعلى بعد خطوات من تحقيق النصر خصوصاً مرحلة ما بعد اندلاع الثورة الشبابية الشعبية وأصبح الفرصة مواتيه لطرح تلك الآمال وو التطلعات على طاولة الحوار, يفاجئنا السيد سلطان السامعي بأخر تقليعاته السياسية الغير موفقة حين دشن بها فك ارتباطه بماضيه المجيد ويتخلى عن جمهوره وعن المبادئ التي روج لها عقود ليعلن الولاء والطاعة لأسياده في صعده الذين لم يبخلوا عليه ببعض فتات طهران يقوى بها نفوذه كوكيل حصري لهم في سوق الرق والنخاسة, حتى أصبحت تعز بلا مشروع و لا تجد من يواسيها بهذا المصاب الجلل.

بل إن الأدهى والأمر من ذلك هو ان تصريحات الشيخ الهمام حول الثورة و مكوناتها والاختلافات داخل الساحات تصب في خدمة النظام السابق بعد ان أصبحت المصدر الوحيد والحصري الذي يستشهد به الكثير من أتباع النظام السابق وبلاطجته للتشهير بالثورة وليشمتوا في الثوار فهل هذا هو دفاعكم عن الثورة وهل هذا هو وفاءكم لدماء الشهداء و معاناة الجرحى.

أهذا هو مشروع إنقاذ للثورة ام مشروع لإنقاذ للنظام السابق .

ولأني لم استوعب ان يكون قد وصل الرجل إلى هذا المستوى الضحل فقد ظللت ابحث عن أشياء قد تبدو مرضية ومنطقية في مشروع الحوثي ربما تكون قد استهوت السيد سلطان او استطيع من خلالها ان التمس له العذر او قد تكون مبررا له أمام ما تبقى له جمهور على مستوى مديريته على الأقل لكني لم أجد أي شيء سوى الكثير من علامات الاستفهام والغموض.

لماذا ينبغي على السيد سلطان ان يكون تابعاً للحوثي بالمطلق بدلا من ان يحافظ على خط السياسي المستقل الذي انتهجه مبدياً تعاطفه مع الحوثي كما فعل بعض القادة في الحراك الجنوبي و بذلك يكون قد حافظ تاريخ نضاله مع الاحتفاظ بقاعدته الشعبية؟ و تكون المسالة مسالة تنسق متبادل لا اقل و لا أكثر .  

لا ندري ما الذي أصاب الرجل ؟؟ أهي سوء الخاتمة التي لطالما ظلت لعنة تطارد النخب السياسية في تعز بعد ثورة 26 سبتمبر والتي سجلوا أروع البطولات و قدموا أكثر التضحيات لكنهم لم يوفقوا في اللحظات الأخيرة فخسروا وخسرت معهم تعز حصاد سنوات من الكفاح و النضال و حصد الثمار غيرهم .

أم ان جنون العظمة و الخوف من الإصلاح (إصلاح فوبيا) قد ساقه إلى مألات غير محسوبة و مغامرات غير مدروسة فسارع الى الارتماء في أحضان تيار سياسي له أيديولوجياته الخاصة و التي تتناقض في مجملها مع الواقع و مع ابسط الأبجديات السياسية التي لطالما كان ينادي بها السيد سلطان خلال مشواره السياسي و الحافل بالنضال و رفض التبعية والولاءات لغير الوطن.  

الم يعلم السيد سلطان ان مشروع الحوثي يقوم في الأساس على فكرة الولاية للبطنين و على منطق السيد و العبيد و الرعية ويعمل على تأصيل الطبقية و الطائفية هل هذه الحرية التي ظلت تنشدها لتعز لتكون ملحق تابع لمركز صعدة تدين بالطاعة و الولاء للسادة هناك و يكون أبناءها مجرد عبيد و رعايا صالحين يدفعوا الخمس من دخلهم لبيت المال و ليس لها الحق في الاعتراض و الاحتجاج على الحكم لان ولاية السيد مستمدة من ولايته الله أهذا هو المشروع الحضاري الحديث الذي تهديه لتعز وأبنائها وفاء لوقوفهم معك في أحلك الظروف ...

لست ادري ان كان السيد سلطان قد قرأ التاريخ وعرف علاقة تعز بصعدة وكيف كان وضعها السياسي و الإداري خلال فترات حكم ألائمة لليمن من العام 1517 م و حكم العثمانيين الأول و الثاني مروراً بالدولة القاسمية وحتى المملكة المتوكلية اليمنية و التي تشكل المرجع التاريخي التي يقوم عليها مشروع الحوثي .، هل تعلم الظروف المعيشية التي كان يعيشها الشعب اليمني خلال الفترات الزمنية أنفة الذكر.

لا ندعوك الى الغوص في عمق التاريخ , بل تأمل حالة اليمن بوجه عام و تعز بوجه خاص خلال فترة أربعينات و خمسينات القرن الماضي قارنها ليس بمصر و بلاد الشام . بل قارنها بمدينة عدن( التي تبعد عنك حوالي 90 كم ) خلال نفس الفترة حيث كانت تحت حكم الاستعمار الأجنبي . بل إسأل الأكبر منك سنا دعهم يروى لك قصص الجوع و المرض و المعاناة أثناء حكم أسيادك بيت حميد الدين و اسأل نفس الفئة العمرة من ممن عاصروا حكم الاستعمار البريطاني في عدن عن حياة الرخاء والعيش الرغيد الذي عاشوه خلال نفس الفترة..

أليس من المعيب عليك وعلى تاريخك ان تضع يدك في يد من يسعوا إلى إعادة إنتاج الماضي البغيض وتساعده على اجترار تلك المشاريع المندثرة. و تصديرها لتعز بعد أن تجاوزتها بعقود.

 
في الثلاثاء 08 يناير-كانون الثاني 2013 04:41:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18726