أبناء نيوتن و اينشتاين يكافحون الفساد
اكرم الثلايا
اكرم الثلايا

- يكاد كل طفل تسرب من مدرسته ولجأ  لجولات المرور ليشحذ ويكسب رزق يومه لإعالة أسرته , يعلم ماهي الأسباب ومن هم الأشخاص الذين صنعوا بجشعهم وأنانيتهم مصيره المحتم في الشارع لأنهم أعلام في هذا الوطن الممتحن بفساد بعض زعمائه وقادته ونخبه ومشايخه وأحزابه السياسية , وأعضاء مجلس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ما زالوا لا يعلمون من هم المفسدين في وطنهم .. عفوا .. أقصد في وطننا نحن , ودولتهم هم

-لا بد من القول بأن أعضاء هيئة مكافحة الفساد يعلمون علم اليقين بأنهم مختارين سلفا من قبل نظام الحكم السابق بمساوئه وبحسناته لا فرق , وأنهم انتخبوا بطريقة قانونية انفرادية احديه الجانب من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم آنذاك , وأن حضروهم على رأس الهيئة كان ضرورة دولية كشرط وضعته الدول المانحة لتدفق المساعدات لليمن نظرا لمعرفة العالم بأسره بمدى حجم الفساد الذي وصل إليه المسؤولين في اليمن لإدارة دولتهم كسداح مداح حتى أوصلتنا للكساح الشعبي العام.

- وكضرورة حتمية قانونية يعد مجلس هيئة مكافحة الفساد منتهي الصلاحية الشرعية بعد انتهاء ولايته الشرعية وفقا لقانون إنشاء الهيئة الصادر عن مجلس نواب الأمة , واستناداً للمبادرة الخليجية وكاستثناء رئاسي وجه رئيس الجمهورية الأخوة مجلس النواب بالنظر في قانون هيئة مكافحة الفساد وتعديله مع استمرار مجلس الهيئة في أداء مهامه (على حد معرفتي إذا لم يكن من أسرار الدولة العليا فلعلي جاهل) وأداء المهام في القانون الإداري في حال فراغ قانوني أو دستوري أو عدم وجود نص منظم , يعني عند كل فقهاء القانون الدستوري والإداري _ تسيير أعمال إدارية _ ولكن عجب العجاب أن أعضاء مجلس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذين لم يحيلوا قضية واحدة معتبرة إلى القضاء حتى تاريخ لقاءهم برئيس الجمهورية السابق علي عبدالله صالح بتاريخ 7 فبراير 2011 م , ووجههم آنذاك بفتح ملفات الوزراء ونحوهم من المفسدين وإحالتهم للقضاء كإستدراك سياسي فات أوانه إبان الثورة الشعبية , ولم يحرك بطبيعة الحال أعضاء مجلس هيئة مكافحة الفساد مفاتيح أدراجهم الناعمة طيلة الثورة وبعدها ولم يحال أحد للقضاء (هذه حكمة يمنية لإدارة ملفات الفساد السياسي والمالي ), إلى أن استقر حال نظام الحكم الجديد واتضحت الرؤية السياسية لأعضاء المجلس , بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني بخليطها من اليسار واليمين ووسط اليسار كطرف أقوى وخليط المؤتمر وحلفائه كطرف أضعف وسرعان ما تبدل حال مجلس الهيئة ولكن بعد فوات الأوان وفي الوقت الضائع بعد انتهاء الولاية الشرعية والقانونية لأعضاء مجلس الهيئة ,حيث أن توجيه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لمجلس النواب لبحث تعديل قانون الإنشاء واستمرار أعضاء المجلس بالعمل لا يعد سوء تكليف شرفي لا يلغي القانون ولا يعطيهم الحق باتخاذ قرارات فاسدة تأول لتبرئة المفسدين , وماهو إلا عمل إداري بإمكان الموظف بمنصب الأمين العام للهيئة القيام به وفقا لقواعد ونصوص القانون الإداري.

- بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني أصبحنا نقرأ على صدر صحيفة الثورة ومواقع إخباريه بشكل شبة دوري عن اكتشافات هيئة مكافحة الفساد وإحالاتها الخارقة لتلك المؤسسة وذاك المسئول الفاسد وإبطال تلك الاتفاقية التي أضرت بمصالح اليمن العليا , وكأنها قضايا جديدة والحق أنها قضايا كانت في الأدراج الناعمة منذ عدة سنيين, أما فساد الحكم المحلي ومديرياته فهو سمة طبيعة عن أعضاء الهيئة ويحظى مدراء المديريات بحماية أحد قطاعات الهيئة .. لدرجة أنني اعتقدت أن أبناء نيوتن وأينشتين يتنافسون داخل مقر هيئة مكافحة الفساد لتبرئة هذا وإدانة ذاك !, وهذه الإعلانات عن اكتشافات أعضاء مجلس هيئة مكافحة الفساد تريد أن تبرر عن مستوى الإنفاق الذي ينفقه أعضاء مجلس الهيئة على سفرياتهم على سبيل المثال وليس الحصر للخارج الصيفية والعملية والتي ارتفعت وتيرتها بعد انتهاء ولايتهم الشرعية بمعدل 12 سفريه في السنة , ونفقات مؤتمراتهم الصحفية الدعائية ودوراتهم وندواتهم مدفوعة الأجر , ناهيك عن ملايين الدولارات التي تتقاضها الهيئة كمساعدات من مجموعه دول الاتحاد الأوروبي ولاسيما دولة ألمانيا الاتحادية التي يعاني رعاياها التجاريين في اليمن من حماية هيئة مكافحة الفساد لبعض كبار المفسدين في بعض الهيئات والمؤسسات الوطنية , وكثيرة هي المساعدات الأمريكية ودول مانحة أخرى, وجميعها لا تنشر في أطار ميزانية معلنة وشفافية ميسورة الإطلاع , أو حتى تقر من مجلس نواب الأمة

- خلاصة القول أن كل الإحالات لقضايا الفساد التي قام بها أعضاء مجلس الهيئة للقضاء بعد انقضاء ولايتهم الشرعية لا قيمة قانونية لها , وأي محام محترف يستطيع أن يدفع بها أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة المحكمة بعدم شرعية وقانونية أعضاء مجلس هيئة مكافحة الفساد للأسباب سالفة الذكر , وبالتالي إحالات أعضاء مجلس هيئة مكافحة الفساد في هذا الوقت الغير قانوني هي في حقيقة الأمر براءة لأي مفسد نهب مليارات اليمن العظيم وشعبة المنكوب , وسوء كان ذلك عن قصد من أعضاء الهيئة أو عن غير قصد مع علمهم بعدم شرعيتهم كما شرحنا سابقا , وما الاستمرار بإصدار القرارات والإحالات للنيابة والقضاء ألا إصرار على ممارسة انتهاك الدستور والقانون باسم القانون البرى منهم حيث يطبقون قانون أعوج على غيرهم ويستثنون أنفسهم.

- ولعل قائل يقول لعلهم ينشدون رضا العهد الجديد في ظل تناسيهم أنهم من صنيعة العهد القديم وعهدته , وبذلك يفوزون بعهده أو تمديد وفقا للمبادرة الخليجية أو يستمرون في استنزاف الهيئة ماليا وقانونيا, ولما لا ؟ فمن باب المساواة في المواطنة الحق في الحصول على تمديد من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب , فكثير هي التمديدات لرئيس الجمهورية لجهات مختلفة , وكثير هي التمديدات لمجلس النواب لنفسه بتعديلاته للقوانين , فلماذا لا يمدد لأعضاء مجلس هيئة مكافحة الفساد ؟! , وحتى الشعب اليمني المسكين بحاجة لتمديد وبلا مساعدات أو قروض وبلا اتفاقيات,, فهذه هي الديمقراطية بلا حدود والمبادرة بلا ضابط التي ارتضيناها لأنفسنا عوضاً عن الاقتتال في الشوارع لإخراج المفسدين والظالمين من اليمن.

- وقد نلجأ في نهاية المطاف لسؤال المفسدين أيهما أشرف لنا للتخلص من الاقتتال السياسي الحاصل ... هل هي الديمقراطية أم المبادرة أم التمديد؟

- فهنيئا لكم أيه المفسدين البراءة الوطنية ...

  Althulaia72@gmail.com


في الخميس 13 ديسمبر-كانون الأول 2012 07:19:01 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18426