باذيب فارس الفكر والقلم
محمد احمد النقيب
محمد احمد النقيب

الفعالية التي أقيمت صباح الخميس الماضي بقاعة الزبيري بجامعة تعز في الذكرى 36لرحيل المناضل عبدالله عبدالرزاق باذيب المنظر اليساري الكبير(1931ـ1976م)الذي كان له الإسهام البارز في مناوئة الاستعمار الانجليزي الذي جثم على جنوب القلب اليمني الواحد ما يقارب قرن وثلث من الزمن .

باذيب الذي حوكم من قبل الاستعمار بسبب مقالات كان ينشرها في بعض الصحف الصادرة في عدن أنذاك فتشكل الهام ثوري لدي الجماهير بالجنوب الذين كانوا يتلقفونها ليعيدوا إنتاجها ممارسات عملية ثائرة تقض مضاجع المحتلين الذين استشعروا خطورة تأثيرها عليهم بعد الرواج الذي حققته مقالاته بصحيفة النهضة التي كانت تصدر صباح كل خميس بعدن كان يعمل سكرتير تحريرها حتى توقفها عن الصدور عام 1955م.

فباذيب الذي لم تساعده الظروف على إتمام تعليمة الثانوي نتيجة لظروف أسرته المعيشية كان قد اصدر مجلة (المستقبل) الشهرية عام1949م .وهو لايزال طالباً.

فقلمه الرصين وأسلوب عرضه الشيق وأطروحاته المعمقة والمتمعنة في قضايا المجتمع واحتياجاته والمعبرة عنة شكل روافد فكرية عززت من رواج أفكاره المتمردة على المألوف في وسط اجتماعي يمتلك الرغبة للتقبل والخلاص من مستعمر بغيض.

إن شخصية عبدالله باذيب تعد من القلائل الذين مزجوا بين المعارف والثقافات المختلفة فتعليمة على يد عدد من شيوخ العلم أمثال الشيخ/البيحاني وباحميش والشيخ مطهر الغرباني مكنة من الحصول على العلوم الإسلامية بالتزامن مع المعارف والثقافات المختلفة .

فالمعروف عن هذا المناضل شغفة الدائم بالقراءة والاطلاع في جميع الثقافات والمعارف الإنسانية الشرقية منها والغربية حتى شكل ذلك مزج ثقافياً تجلى بأروع صورة بالصياغة الرفيعة المتسمة بها جميع أطروحاته المنشور منها او المنقول .

ولكون الممارسة العملية هي المحك للأفكار من حيث الإنضاج والتلائم.فالمساهمة الفاعلة في خضم الممارسة السياسية للمناضل عبدالله باذيب نضج تلك الأفكار وبلور تلك الرؤى فقتحامه الحياة السياسية منذو وقت مبكر من حياته العملية يؤكد ذلك .

فانسحابه ضمن تيار اليسار من حزب رابطة أبناء الجنوب وتشكيل حزب الاتحاد الشعبي الديمقراطي تلاها بأعوام الإسهام بتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني .

هذا الحزب الذي تجاوز العديد من المنعطفات وهو اليوم مكون رئيسي من مكونات العملية السياسية باليمن بعد تماثله للشفاء جراء الأخطاء التاريخية لقيادته السابقة .

كل هذا جعل من باذيب شخصية سياسية مخضرمة لا يشق لها غبار .أضف لذلك حلمة الدائم بوحدة اليمن الذي جسده حقيقة في حياته بتنقلاته إلى تعز نهاية الخمسينات و مطلع الستينات من القرن الماضي وإصدارة صحيفة(الطليعة).التي بلورت رؤى هذا المناضل وعززت من نهجه الثوري الذي تغير بالموقع لا بالموقف .

فمواقفه من الاحتلال ثابتة لا تتزحزح الذين ضاقوا به ذرعاً خاصة بعد نشره لمقالة ذائع الصيت(المسيح الجديد الذي يتكلم الانجليزية).

باذيب الثائر المتطلع لغدٍ ينعم فيه اليمانيون ـ في ضل وطن موحدـ بحرية وكرامة بعيداً عن المحسوبية وضغط الحاجة نافح وكافع بالكلمة والقلم رافضاً لغت العنف التي كان يجنحوا إليها رفاقه بين الفينة والأخرى.

فالعنف بالأفعال يولد من رحم الأفكار المتطرفة الرافضة للقبول والتعايش مع الآخر .

فباذيب المناضل بالكلمة الحكيمة والسياسة ذات النفس الطويل البعيدة كل البعد عن الاستفزاز للوعي الوطني لو كان فينا اليوم لما راق له بعض المصطلحات التي رددها بعض المتكلمين في تلك الفعالية المقامة بذكرى وفاته .

فالمستغرب أن البعض في اليسار لا يزال بعيد كل البعد عن حركة إيقاع الزمن وتغير أحواله .ولا يروق له إجهاد نفسه بالنضر إلى الأفق الداعي إلى تحديث منظومة التفكير الفردي والجمعي المستوجبة لتحديث المصطلحات البالية التي عفا عليها الزمان وأصبحت محلاً للتندر في سياقات تستوجب عدم البقاء أسراً مصطلحات تباعد ولا تقارب. لو كان يعيشها من يتحدثون عنه لما تناولها لا من قريب ولا من بعيد.

mohammed-alnakib@hotmail.co


في الثلاثاء 11 ديسمبر-كانون الأول 2012 09:59:33 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18385