المؤامرة الإِيرانية-الأميركية ضد العراق واليمن
د.ثروت الحنكاوي اللهيبي
د.ثروت الحنكاوي اللهيبي

قراءة تحليلية موجزة في حوارٍ مع القيادي الحوثي السابق "الشيخ أحمد شائف العميسي"

وأنا أُتابع موضوعاً مُهماً بالنسبة لي، وهو "التدخل الإِيراني في اليمن"، كونه يُمثل امتداداً للإحتلال الإِيراني للعراق، حصلتُ على حوارٍ، جرى مع أحد القيادات الفكرية المُنشقة السابقة للمُتمردين الحوثيين في اليمن، وعدوه وقتئذٍ، بنفس مقام المرجع الإِيراني "آية الله العظمى علي السيستاني" في العراق المُحتل، ثم \"أنشق\" عنهُم، بعد أن وجد فيهم، ما كان لا يتوقعهُ، سيما "هشاشة فكرهم وشعوذته"، ثم "إِنقيادهم الطوعي لإِيران"، وأنهم مُجرد أدوات لها في اليمن، ثم أن ما يُعلنونهُ، سواء على مستوى الإِعلام، أو في مُحاضراتهم المكتوبة، أو المنبرية، هي تضليل إِعلامي، فحقيقتهم دموية-مذهبية، و...إلخ.

المعلومة الأولى المُهمة جداً، التي وقفتُ عندها في الحوار، تتمثل بإجابة "الشيخ العميسي"، على سؤال، نصهُ والإِجابة، هُما: « السؤال: هل كان لإيران دور في دعم حسين بدر الدين.؟

جواب الشيخ العيمسي: نعم حسين بدر الدين ذهب إلى إيران، وأشخاص آخرون، وقابلوا الخميني حينها، وعلي الخامنئي المرشد الحالي، ولو كانوا جاءوا بهذا الفكر الصرخة: \" الموت لأمريكا الموت لإسرائيل \" بعد هذه اللقاءات، لما كان صدقهم أحد، فاختاروا أن يتم الانطلاق، بعد احتلال العراق، وما حصل من جرائم من قبل الاحتلال الأمريكي، فقالوا: هذا هو الوقت المناسب للتحرك، فأعلنها في مران، ولكن لسوء حظه ما تمت.»

الصرخة الحوثية، هي \"البدعة الحوزوية الإِيرانية\"، التي تضمنت: الموت لأميركا لإِسرائيل\"، ونصها الذي تعمل بها "الحوثية المُتمردة الآن، هي: "اللهُ أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإِسلام.\"، والحقيقة أنه ليس هذا الشعار موضوع مقالي هذا.

الذي أقفُ عندهُ، وهو في غاية الأهمية، ولستُ أدري إِن أنتبه لها "الشيخ العميسي" وهو يتحدثُ بها، أم لا، ألا وهي: \"الأتفاق مع قائد التمرد الحوثي السابق \"المُتمرد حسين الحوثي\" على \"إِعلان الصرخة\"، بعد احتلال العراق.\".؟!

لم يذكر \"الشيخ العميسي\"، تاريخ تلك الزيارة، أو ذلك اللقاء.؟

ولكن على افتراض، أن اللقاءالزيارة تلك، كانت في السنة الأخيرة، من حياة آية الله العظمى الخميني.

فالخميني، توفي بتاريخ 3 حُزيران/يونيو 1989، بعد أن قال كلمتهِ التاريخية، التي مات عليها، بعد أن وافق مُرغماً، بقبول وقف إطلاق النار في 8 آب/أغسطس 1988، في الحرب الإِيرانية المفروضة على العراق، بعد أن حققت القوات العراقية، نصراً على القوات الإِيرانية، وهي: "بأنه تجرع كأس السم.".؟ وليس ذلك \"السم\"، الذي ختم حياته بهِ، سوى أنه قَبِل بعد ثماني سنوات، من الإِصرار على استمرار الحرب، بحقن دماء المُسلمين.؟

فتاريخ وفاة الخميني هو 1988، وتاريخ الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003 = 15 سنة.

بمعنى ماذا.؟

1-بمعنى: أن تنسيق المؤامرة الأميركية-الإِيرانية على احتلال العراق، عُمرها 15 سنة، أي منذُ كان \"الخُميني\" في الحياة، وقد تم احتساب آخر سنة من حياة خُميني، وربما التنسيق قبل تلك السنة، فعندئذٍ مدة المؤامرة ترتفع تصاعُدياً.

2- فصول المؤامرة الإيرانية-الأميركية، كان تنفيذ صفحاتها قائماً، مُتمثلة بحرب إِيرانية مفروضة على العراق، ثم إِصرار خُميني على استمرارها بالرغم من مناشدة العراق بوقفها.

3-ثم: "الخميني"، كان يعلم أن القوات الإِيرانية، لن تستطع أن تنتصر على القوات العراقية، فكيف يُمكن لهُ أن يُحقق النصر.؟ يُحققهُ بمسلكٍ آخر.؟! وهو: أنهُ ليس لهُ خيار، سوى الاشتراك في مؤامرة مع قوة عظمى، ضد العراق، تكون هي في الواجهة، وتكون "حكومة ولاية الفقيه الإِيرانية"، تحت الطاولة، أو وراء الكواليس.؟

4-المؤامرة الإِيرانية-الأميركية، استمرت بعد وفاة الخُميني، وتبناها تلميذهُ النجيب \"المُرشد آية الله العُظمى علي خامنئي\"، وبدأت فصولها كما يشهد الواقع الميداني في العراق، سلّم الاحتلال الأميركي العراق لـ \"حكومة ولاية الفقيه\" جهراً.؟

5-لماذا سلم الاحتلال الأميركي العراق لإِيران: هذا هو ثمن المُكافأة الأميركية لإِيران، إِنها تقسيم \"الغنيمة\" العراق بين طرفي المؤامرة: أميركا، وإِيران.

6-ما يؤكد أعلاه، من ضمنِ الكثير الذي يُؤكده، هو الأمير السعودي \"تركي الفيصل\"، رئيس الاستخبارات العسكرية السعودية خلال فترة الغزو الأميركي-الإِيراني للعراق، ولعب دوراً محورياً في تسهيل مهمة الغزو، يقول في مُحاضرةٍ لهُ بتاريخ 4 نيسان/إِبريل 2009، في جلسة حوارية جرت في مركز الدراسات الاستراتيجية، بالجامعة الأردنية بعمان، ما نصه: «أن أمريكا طلبت من السعودية عدم التدخل في الشأن العراقي لمدة ثلاث سنوات منذ دخول الاحتلال.؟!».

7-ثم نفسهُ "الأمير تركي"، يُؤكد بنفس مُحاضرتهِ، أن: «الولايات المُتحدة قدمت العراق لإيران، على طبق من ذهب.؟!».

8- ومن الذي يؤكد ذلك أيضاً، وعلى مستوى عالٍ من الأهمية، هو قائد الحرس الثوري الإِيراني الإِرهابي في العاصمة طهران، "العميد حسن همداني"، الذي أعلن خلال حضوره، استعراض \"فرقة محمد رسول الله\"، بتاريخ 5 تشرين الأول/أكتوبر 2010، ما نصه: « إن أمريكا ما جاءت إلى العراق، إِلا للاستيلاء على ثروات، ومقدرات هذا البلد، بما يجعلنا نعتقد، أنها ستبقي قواتها هناك.».

هُنا نتساءل: لما كانت \"حكومة ولاية الفقية الإِيرانية"، تُعادي \"أميركا\"، كما يُشاع.؟ و \"همداني\" يعترف بأن أميركا المُحتلة، لن تنسحب من العراق.؟ فلماذا لا تُقاتلها في العراق.؟ وقد أصبحت دولة جوار لها.؟ بمعنى أن \"أميركا\"، قد جاءت بنفسها، لتجاور \"إِيران\".؟ فأين العداء الإِيراني لأميركا، ثم \"الموت لأميركا\"، ثم \"الشيطان الأكبر أميركا\" وغير ذلك من التُرهات الإِعلامية، التي نجحت في إِيران بالضحك، وخداع عقول البسطاء، والمهووسين من ما يُسمى المُثقفين العرب.؟! ثم لو لم يكن هُناك مؤامرة ايراني-اميركية مُشتركة، كيف تسمح الأخيرة لإِيران، بالتحكم بالقرار السياسي العراقي، وقتل وطنيي، ومُثقفي، وعُلماء، و...إِلخ.

أخلصُ: أن \"الشيخ العيمسي\" كان دقيقاً في قولهِ، وتشخيصه، حتى وإِن رُبما، نكَره بعد قراءتهِ مقالي هذا، ولا أعتقد ذلك، لأني أستشف من متابعتي لحواراتهِ أنهُ \"شُجاع جداً\"، و \"جريء في قول الحقيقة\"، و"قلبهُ على وحدة الإِسلام واليمن"، وهذا ما سنجده حقيقةً أدناه.

ثم ننتقل إِلى المؤامرة الإِيرانية-الأميركية على اليمن الشقيق، يقول "الشيخ العيمسي"، في نفس الحوار أعلاه، في اعتراف في غاية الأهمية، يجب أن يكون درساً لأتباع "المُتمرد الحوثي"، وذلك بالإِنشقاق عنهُ، والابتعاد عن تبعيته لإِيران، سيما منهُم مَن أدعوا بالثقافة، والوطنية، وغير ذلك، اللذين فضلوا مصالحهم الشخصية النفعية، على مصلحة بلدهم الأُم اليمن، يقول بإِجابةٍ شُجاعة على سؤالٍ وجه لهُ، نصهُما:

« سؤال: كيف ترد على إدعاء الحوثيين من أنهم لا يحملون أجندة خارجية.؟

جواب الشيخ العميسي: أقول لك: قبل الثورة الشعبية، وتحرك الشعب بمُختلف شرائحه، الحوثي كان يصور نفسه على أنه مظلوم، ويرفع الرايات السوداء، ويصرخُ يا حُسين، ويرى أنه الحُسين، الإشاعة، والهيلمة هي التي صنعت عبد الملك، وهو شخص بسني، صَنعتّهُ الإمكانات الموجودة، تصور أن آل بدر الدين، كانوا لا يمتلكون اللقمة في الثمانينات، بل يُقال إن بدر الدين، ما كان معهُ إلا ثوبين، ثم أصبح بعد ذهابه إلى إيران، والصلاة أمام الخميني، والتبخُر بمباخر إيران، أصبح ملياردير، وعندما جاءت الثورة، تحرك الشباب الذين كانوا جذوة الثورة، وكان يُنظر لهُم أنهُم شباب نت، وبلوتوث وبعد تحرك الأحزاب، أراد الدفع بأصحابهِ، وخلاياهُ النائمة في صنعاء، التي ما كانت تظهر في العلن، خوفاً من المُخابرات اليمنية، فأول ما فعلهُ أنشأ جماعة الصمود، بإيعاز من إيران، وبعثوا مندوبين لهُم، إلى ساحة التغيير، وحشدوا لهم الدعم الإعلامي، بقنواته المُتعددة: كالمنار، والعالم، والاتجاه، وبرس تي في، وقيل لهُم: إن هذه ستُسوق فِكركُم، خالفوا الشباب الثوار، إذا قالوا يمين، أنتم قولوا يسار، كان توجههم: خالف تعرف.?!

سؤال: برأيك هل تعتقد أن رفض الحوثيين للتسوية السياسية كان بتوجيه إيرانياً.؟

جواب الشيخ العميسي: لو كانوا يُقدرون تضحيات الشباب، لكانوا حافظوا على شباب صعدة، الذين حولوهم إلى مُتسولين، وحولوا ميسوريها إلى فقراء، وأعزاءها أذلاء، ولذلك أعتقد أن الحوثي أثناء الثورة، صٌدم بعد فشله، في تسويق نفسه باسم الثورية، ورُكوبه موجة الثورة، وتحركت معهُ كل مليشياته، حتى مليشيات العراق منها، عصائب أهل الحق، المدعومة إيرانياً، وحزب الله العراق، وحزب الله اللبناني، وجيش المهدي.

في قراءةٍ تحليلية موجزة، للدور الإِيراني في اليمن، من خلال ما ورد أعلاه:

1-التنسيق الحوثي المُتمثل بالأب الروحي للحوثية المتمردة \"الشيخ بدر الدين\"، كان منذُ عهد \"آية الله العظمى الخميني\"، بمعنى قد مضى عليه عقود من الزمن، تغسل فيها \"حكومة ولاية الفقيه\" عقلهُ، سيما وأنهُ رجلٌ صاحب علم \"علامة\"، واستطاعت بدبق \"المال\"، والجاه\"، أن تُحيدهُ عن المذهب الزيدي، الذي عاش أهلهُ في اليمن، منذُ قرون خلت في انسجام، ومحبة مع نظرائهم من المذاهب الأُخرى، ومع غير المُسلمين، فعاد \"الشيخ المذكور لليمن من إِيران ليبدأ انحرافه عن الزيدية، والتنظير لما هو غريب عن الإِسلام، ومُتطابق مع بدعة \"ولاية الفقيه الإِيرانية\"، ودورهُ هذا يتطابق مع دور من مثل \"حزب الدعوة الإِيراني\"، والمجلس الأعلى للثورة الإِيرانية في العراق\"، وغير ذلك الكثير.

2- لم يكن \"الفكر الحوثي المُنحرف\"، فكراً علمياً، أو مُحاوراً، أو ذا جذور فقهية عميقة، ثم لم يكُن إِنسانياً، ثم ليس فيهم مُنظراً مُتعلماً، بل دُعاة حوزويون، أُميون، لا يفهمون سوى عكس الحقائق الشرعية، والوطنية، ويكفي وصف الشيخ \"العميسي\" أعلاه، كيف جعل من شباب صعدة متسولين، و...إلخ، فإِذاً هي \"حركة تمرد إِيرانية\"، فاقدة للشرعية الدينية، والوطنية، ومُخالفة للدستور اليمني وقوانينهُ، وجرائمها ضد الإِنسانية في محافظة صعدة، والجوف، وعمران، ومديريات دماج، وعهم وغيرهما منذ عام 2004 ولغاية ما نحن ُ عليه الآن يشهد، ويؤكد ما ذهبنا إِليه.

3-خلق إِيران للفوضى، مسلك يؤدي إِلى تحقيق المؤامرة الإِيرانية-الأميركية على اليمن، نجدها في ما، كشفهُ \"الشيخ العميسي"، بقيام قائد التمرد الحوثي، وبإِيعاز من إِيران، بتشكيل ما يُسمى" جماعة الصمود"، وقد جاء اختيار اسمها، بما يؤدي إِلى تعنت أفرادها، باستمرارية إِطاعة الأوامر الإِيرانية، ثم تسمية ذات خدعة إِعلامية، بمعنى: صمود ضد المؤامرات الأميركية.؟ في حين هيَّ مَن يُمارس دور التآمر على اليمن، وهُنا لا بد من الأنتباه، إِلى شدة الخُبث الإِيراني، في آلية وسائل، إِثارة الفوضى في اليمن، كما اثارها في العراق المُحتل، من خلال ما يُسمى، بـ: \"مُنظمات المُجتمع المدني"، فضلاً عن المِيلشيات التي سنأتي على ذكرها أدناه.

4- ثم من الذي يؤكد، على"نية ولاية الفقيه" بسيادة الدول العربية، هو التناغم بين الميلشيات في العراق المُحتل، وميليشيات التمرد الحوثي، الذي يؤكد أنها: عبارة عن اذرع مذهبية، إِرهابية، لا شرعية، ولا أخلاقية، وأنها ضد الإِنسانية بشكلٍ عام، وضد وحدة الإِسلام والمُسلمين والعروبة، بشكل خاص، فهذا التنسيق المُشترك، الدقيق، ثم الوثيق من قبل تلك الميلشيات في العراق، واليمن، يؤكد \"المؤامرة الإِيرانية-الأميركية على اليمن، وأنها تُريد أن تجعل من اليمن، نفس ما عليهِ العراق منذُ سنة العجف 2003، وهذا ما نجد بوادره، التي لا يُمكن نكرانها، حيث الشعارات الحوثية في المدينة القديمة بصنعاء، ثم فرض \"الحوثية\" أنفسهم في لجنة الحوار الوطني، ثم التمدد الحوثي للإحتلال مُديريات صعدة، وعُمران، والجوف، ثم فرضها الوصايا الحوثية-الإِيرانية في مدارس صعده بالذات، ثم الأندفاع غير المحسوب، والتعاطف الكبير جداً، والغير وطني، من قبل عدد من الإِعلاميين، والنواب، والسياسيين، والتُجار وغيرهم في اليمن، في مُساندة التمرد الحوثي، والتعاطف معهُ، ناهيك عن ضعف الدولة اليمنية، في مُعالجة كُل ذلك، جراء المشاكل العويصة، والمُستعصية، التي تركها الرئيس "صالح"، ولا زال حجر عثرة ضد وحدة، واستقرار اليمن.


في الأربعاء 05 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:56:01 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18297