عندما يتذاكى الشمالي!
بكر احمد
بكر احمد

لا يمثل بيت الأحمر بشقيه القبلي أو العسكري إلا حالة من النهم الطبقي و الذي لا يمكن أن يضع حدا لجشعه إلا بعد أن يستنفذ كافة الثروات التي يراها على مد ألنظر، فهذه الأسرة لديها قناعة كاملة بان أحد أهم حقوقها المشروعة أن تضل واضعة يدها على هذه البلاد وأن تمتلك ما تشاء وحسبما تشاء، كما أن تحالفهم الدائم مع أنظمة الحكم ثم القفز فوق المتغيرات التاريخية من ضفة إلى أخرى جعل من الصعب تخمين الثروة التي يمتلكونها ولعل حميد الأحمر وثروته التي بلغت حدود قد تتجاوز ميزانية اليمن لهي دليل على أنها أسرة لن تقبل بأنصاف الحلول متى ما رأت بأن هذه المصالح قد تتضرر ، فهم تخلوا عن علي صالح حليفهم الطويل لمجرد شعورهم بأن سيقع ليبحثوا لهم عن ما يسمى بالثورة ليغيروا اتجاهها فورا ويخضعوها عنوة لمصالحهم ورغباتهم الشخصية.

أسرة متشعبة تمتلك المال والنفوذ والسلاح وتختزل بداخلها دولة تسمى مجازا بالجمهورية اليمنية هل من المعقول أن تقبل بالحد الأدنى مما يطلبه الشعب ان تعارضت هذه الرغبات مع مصالحها خاصة أنه لا يوجد أي معنى مادي أو معنوي يرغمها على ذلك،فهم وأعني بيت الأحمر وعبر التاريخ كله لم يخرج منهم شخص مثقف أو تنويري أو إنسان معبرا عن حال البسطاء والمساكين، هم دائما وأبدا يقبعون في ما يسمى بعلية القوم، فهم مشائخ كابرا عن كابر ويعتلون طبقة أعلى من ألآخرين، وهذه الميزة اكتسبوها بحق الولادة فقط لا غير، لذا فأن الحديث معهم عن الحقوق المتساوية والنظام والدولة والنزاهة وتحسين القضاء كلها أمور قد تصل إلى الشفرات الغير مفهومة بالنسبة إليهم، بل أنها نذر شئوم وخطر يتهدد حياتهم ومصيرهم في هذا البلاد المصابة بلعنة أزلية.

عليه هل نتوقع منهم شيء إيجابي في هذا الوقت الراهن وكل الأمور قد خضعت لهم بشكل متفرد ولديهم كل هذا ألنفوذ، ثم هل نتوقع منهم مثلا أن يتنازلوا عما وضعوا عليه أياديهم في الجنوب من أراضي ووكالات تجارية ونفطية، حتما هذا شيء مستحيل فالقيم الأخلاقية والوطنية وأخيرا القوة الرادعة كلها غير متوفرة لديهم فأنا لا احسب انه هنالك قانون وضعي او سماوي يتحكم بتصرفات تلك الأسرة عدى قانون الغاب القائم على وضع اليد بالقوة.

وان خصيت بيت الأحمر بهذا الكلام فهذا لا يعني أن باقي تشكيلات الطيف في الشمال ليست كذلك أو مختلفة، وان كنت لا أنكر وجود تباين فيما بينهم، ولكنه تباين قائم بسبب قلة الحيلة وليس بسبب الزخم الأخلاقي الرادع، ابدا فالشمال منطقة في العالم تتعامل بأخلاقيات عجيبة ولم تعد مفهومة حيث أنها انقرضت تماما، فمهما حاولت أن تقنع أي شخص في العالم بأن قاطع الطريق هم رجال قبائل نبلاء أو ان الفساد الإداري والنهب الممنهج هو عمل لا يقوى عليه إلا الرجال العظماء أو ان تعاطي القات وبتلك الصورة المبتذلة والمخجلة هي اروع ما استطاع اليمني أن يفعله فلن يصدقه أحد أو يتقبل حتى النقاش حوله، بينما في عقلية الشمالي هي بداهات الحياة وسبب مهم لصيرورتها، فالشمال شمال وسيبقى شمالا وما تتالي الليل والنهار والتحولات الكونية والجذرية التي تحدث في العالم ما هي إلا أسباب ترفيهية لكي يطلع عليها في التلفاز أو يتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي في الانترنت وهو تحت تأثير المادة التي تفرزها القات في فمه دون أن تؤثر عليه بأي حال من الأحوال.

لا يجب أن نستغرب عندما يختلفون في كل شيء ويتقاتلون على كل شيء فيما بينهم، ولكن يكون التنسيق في أعلى مستوياته عندما يتعلق الأمر بتعريض مصالحهم الشخصية في ألجنوب فهم وقبل أن يصدروا القرار حول نسبة تمثيل الجنوبيين في الحوار الوطني قد أعدوا عدتهم عبر تشكيل لجان وتنظيمات سياسية واجتماعية هناك وتهيئتهم كجنوبيين من حقهم تقاسم النسبة مع أصحاب القضية، لنفاجأ بأسماء جنوبية لا تمثل القضية الجنوبية بأي شكل من الأشكال وإنما مرتبطة بشكل عضوي بأفراد في الشمال وتسعى لتنفيذ مصالحهم لتدعي بأنه لها الحق بالدخول في مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة القضية الجنوبية وطبعا هذه المناقشة ستكون حسب رغبة السيد القابع في صنعاء وإملاءاته المعروفة.

التذاكي هذا وقبول اللجنة الفنية التابعة للأرياني والآنسي أصحاب المواقف المعروفة والعنصرية تجاه الجنوبيين بأن تكون نسبة الجنوبيين هي 50% ما هي إلا محاولة فارغة تكشف بأن العقلية التي كان سائدة في عهد علي صالح مازالت قائمة حتى الان ، وكيف لا تكون كذلك والأرياني كان هو الرجل الثاني والآنسي يد علي صالح المخابراتية التي تقوم بكل الأعمال القذرة آنذاك وكل القوى المهيمنة الأن ( حكومة الوفاق ) ما هي إلا تشكيلات طبيعية وجغرافية تشكلت في عهد النظام السابق وعملت معه ودعمته فترات طويلة.

يوما عن يوم يزيد إيماني بأن الهوة بين الجنوب والشمال تتسع كثيرا، وان اللغة المشتركة التي من المفترض بها أن تكون أداة تواصل بيننا قد أنعدمت، و أصبح الشمالي يعيش في معزل عن الوقائع باختياره، وأصبح يشكل في نظر الجنوبي حالة استعمارية متخلفة جدا لن تنتج إلا مزيد من ألتخلف وأن المستعمر المتخلف حين يحاول أن يتذاكى لا ينتج بتصرفه هذا إلا مزيد من المصائب والتعقيدات.


في الجمعة 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 10:38:06 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=18140