إلى شباب الثورة ..ماذا لو حكمنا الحوثيون خلفا لنظام صالح ؟؟ !!
نادر محمد العريقي
نادر محمد العريقي

مما لا يخفى على كل يمني أن حرص الحوثيين أن يصلوا إلى سدة أشد من حرصهم على نشر المذهب الشيعي الإثنا عشري في اليمن .. ومن أجل هذا الغاية استخدم الحوثيون كل إمكانياتهم في سبيل ذلك ابتداء من الارتهان للخارج الإيراني الداعم الرئيسي للحوثيين ومرورا بالتحالف مع قوى النظام الساقط وفصائل الحراك الجنوبي المسلح بغية إفشال حكومة الوفاق الوطني وأخيرا وليس آخرا استخدام العنف بشتى أنواعه من قتل واعتقال واختطاف وتعذيب وتخريب لكل شكل من أشكال المعارضة للظاهرة الحوثية أو مناصرة للقوى المساندة لحكومة الوفاق .

ولكن السؤال المهم ماذا سيكون حالنا لو وصل الحوثيون إلى السلطة وكانوا حكاما لليمن ؟؟!! .. كيف ستكون صورة اليمن الجديد الذي ننشده؟؟!! هل سيبكون اليمن سعيدا أم أن التعاسة ستلازمه طوال حكم الحوثيين؟؟!! .

والجواب كما أراه لا يحتاج إلى كثير معاناة فالماضي يدل على الحاضر والواقع يكشف لنا المستقبل كما أن القناعات الفكرية والأيديولوجية تدلك على نوع الممارسات السياسية .. وبناء على القواعد السابقة فإن ماضي الحوثيين قبل الثورة وواقعهم بعد الثورة ومذهبهم الشيعي يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن وضع اليمن في ظل حكم الحوثيين لا سمح الله سيكون كالتالي:

-الانقلاب على أحلام الثوريين في بناء دولة مدنية حديثة تقوم على الشراكة السياسية وتحترم إرادة الأمة في اختيار حكامها ومحاسبتهم وعزلهم .. والانتقال باليمن من استبداد عائلي سياسي إلى استبداد عائلي ديني يجعل الحكم حقا لمن ينسبون أنفسهم لآل البيت يتوارثونه بينهم ويؤثم كل من يعارضهم أو ينافسهم على الحكم كون الإمامة لا تكون إلا في آل البيت وعدم الأخذ بذلك كفر مخرج من الملة وعداء لآل البيت..والمرتد حكمه الذبح بالسكاكين على الطريقة الشيعية.

-نشر الفوضى الطائفية التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي في اليمن وذلك من خلال الإقصاء والتضييق على كل من لا يتبنى المذهب الشيعي الإثنى عشري سواء في المؤسسات الرسمية أو الأهلية السياسية منها والدينية والثقافية كما سيفرض الحوثيون المذهب الشيعي كمذهب رسمي وسيتم تجاهل المذهب السني الذي يمثل مذهب الغالبية العظمى في اليمن.

-تحويل اليمن من دولة مستقلة ذات سيادة كاملة إلى دولة تابعة للإرادة الإيرانية اقتداء بحكومة المالكي في العراق وحزب الله في لبنان .. كما أن السلطة الحوثية سيكون غاية مناها ليس إرضاء الشعب من خلال تلبية احتياجاتهم وإنما إرضاء الآيات في (قم) من خلال تنفيذ أجنداتهم الطائفية في اليمن .

- إلغاء التعددية الحزبية ومصادرة الحريات العامة والدينية منها على وجه الخصوص.. أما الحريات العامة فلا يحق لأحد كائنا من كان وزنه السياسي أو الاجتماعي أو العلمي أو الديني أن ينتقد ممارساتهم في إدارة شؤون البلاد فعلماء آل البيت أقرب وأعلم بالحق من سواهم كون الله فضلهم واصطفاهم على العالمين كما يقولون!! .. وأما الحريات الدينية فمن خلال منع اليمنيين من ممارسة شعائرهم وفق المذهب السني كما هو حاصل منذ زمن في إيران من محاكمة وإعدام المعارضين السنة كما أن السنة البالغ تعدادهم أكثر من خمسة مليون لا يمتلكون مسجدا واحدا لأداء شعائرهم وفق مذهبهم والأوضح من ذلك ما نراه اليوم في صعدة من إغلاق المساجد واعتقال الأئمة ومنع صلاة التراويح .. فلا تراويح في ظل حكومة حوثية كونها بدعة عمرية ما أنزل الله بها من سلطان ومن فعلها فمصيره غيابات السجون وأنيسه سياط الجلادين.

-إدخال اليمن في صراعات طائفية مع دول الجوار ودول الخليج على وجه الخصوص وذلك من خلال قيام حكومة الحوثيين بدعم وتنفيذ المشروع الإيراني الطائفي التوسعي في المنطقة العربية بالتحالف مع القوى الشيعية وعلى رأسها إيران وذلك لن يرضي الدول في المنطقة العربية مما قد يفرض علينا عزلة إقليمية عن أشقائنا العرب يغيب معه التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي ..إلخ .. كما لا يبعد أن تقوم حكومة الحوثيين بتأييد الاضطرابات الواقعة في المنطقة الشرقية السعودية ذات الأغلبية الشيعية بغرض طائفي مما قد يجرنا إلى صراع سياسي أو عسكري مع آل سعود سيمتد لا محالة إلى دول الخليج عامة ولا شك أن ذلك سيؤثر على التنمية في اليمن ويحولنا إلى بؤرة صراعات داخلية وخارجية تحاكي ما كان يفعله النظام السابق لا رده الله.

-استخدام المال العام والوظيفة العامة في شراء الو لاءات وكسب الأنصار ونشر المذهب الشيعي وفتح الحسينيات وليس بغائب عنا ما يفعله الحوثيون اليوم بالمال الإيراني..كما أنها قد تلجأ إلى استخدام العنف في قمع المعارضين لها والانتقام من جميع خصومها سواء أكانوا رجال فكر أو زعماء سياسيين أو قادة عسكريين أو مشائخ قبائل أو علماء دين فالحوثيون لم يتوانوا عن الانتقام من مشائخ القبائل والقادة العسكرين والدعاة الذين وقفوا ضدهم في صعدة بالرغم من الاتفاق مع الدولة على وقف الحرب إلا أنهم خانوا العهود ونكثوا المواثيق.

-استبدال الأعياد الوطنية بالأعياد الطائفية خاصة إذا علمنا أن عيد الثورة اليمنية 26سبتمبر كان إنهاء لحكم الإمامة في اليمن وهو بقدر ما تمثل ذكراه فرحة كبيرة لليمنيين في كل أنحاء الوطن تمثل ذكراه ألم وبؤس للحوثيين الذي يرون عهد الإمامة أزهى عصورهم ويحلمون بعودتها إلا أنهم يريدونها إمامة شيعية لا زيدية .. ولذلك سيشهد اليمنيون أعيادا واحتفالات وإحياء مناسبات غريبة عنهم لا تمثل إلا التراث الشيعي مثل (عيد الغدير - يوم عاشوراء ....والقائمة تطول) بل ومن هذه الاحتفالات ما سيكون مؤذي لمشاعر اليمنيين مثل (الاحتفال بيوم مقتل عمر) ..وإذا كان الاحتفال بالأعياد الوطنية قد أرهقت الميزانية العامة فكيف بأعياد واحتفالات الشيعة التي لا تنتهي إحياء لذكرى مولد إمام أو مماته أو انتصاره أو لمقتل عدو..إلخ.

-لن تكتفي حكومة الحوثيين بالضرائب والواجبات المفروضة على كاهل المواطنين بل ستفرض الخمس (20%) على جميع الأرباح التجارية إلا أنها لن تورد لخزينة الدولة بل للآيات والمراجع من علماء آل البيت (الحوثيين طبعا) وما كان يأخذه صالح بالاحتيال سيأخذونه علنا على رؤوس الأشهاد ومن أبى فقد عصى الله وعترته وعقوبته واجبة في الدنيا قبل الآخرة .

-تغيير المناهج التعليمية بما يتوافق مع المشروع الطائفي الإيراني ويحقق أهدافه وتحويل المنح الدراسية إلى إيران وإرسال البعثات العلمية إلى قم واستقدام أصحاب العمائم السوداء من إيران إلى اليمن وطبع الكتب الشيعية وتوزيعها وتعيين الخطباء والمرشدين الدينين الذين ينتمون للمذهب الشيعي في سائر المحافظات.. إضافة إلى الاستفراد بوسائل الإعلام الرسمية وجعلها حكرا على خدمة الأجندة الحوثية الإيرانية.

- تغيير كثير من المظاهر والأوضاع في اليمن .. فيستبدل العلم الوطني الذي يمثل إنهاء عهد الإمامة لترفع الرايات السوداء ..ويستبدل الشعار الوطني (الله - الوطن - الوحدة) ليكون شعار (لبيك يا حسين) .. ويستبدل اسم الحرس الجمهوري ليكون اسمه الحرس الثوري ..وتستبدل العمائم البيضاء لتكون العمائم السوداء .. ويستبدل النشيد الوطني لتكون بكائيات الشيعة ..ويستبدل الاحتفال بعيد الثورة الشبابية ليكون الاحتفال بعيد الثورة الإيرانية .. وتستبدل الوحدة مع الجنوب لتكون الوحدة مع المنطقة الشرقية السعودية .. وتستبدل صور رئيس الجمهورية في المؤسسات الحكومية والمرافق العامة لترفع صور الخميني.. ونستبدل الحج إلى مكة بالحج إلى كربلاء..ونستبدل تقبيل الحجر الأسود بتقبيل العمامة السوداء..ونستبدل زيارة قبر الرسول بزيارة قبر الحسين..ونستبدل إعدام المعارضين بالرصاص إلى طريقة الذبح بالسكاكين.

-وفي الأخير يتبين لنا من خلال ماسبق أن وصول الحوثيين للحكم لا يمثل مصلحة لليمنيين بقدر ما يمثل مصلحة للحوثيين.. كما أنه لا يحقق مطالب الثوار وقوى المعارضة في بناء اليمن الجديد وإقامة الدولة المدنية الحديثة بقدر ما يحقق مطالب الحوثيين ودولة الفرس في نجاح المشروع الطائفي التوسعي .. وبدلا من أن يكون الحوثيون في خدمة اليمن ستكون اليمن في خدمة الحوثيين.. وبدل أن نبني اليمن سنبني إيران .. وبدلا من تقوية الجبهة الداخلية وتحقيق السلم الاجتماعي سنرى الفوضى والصراع الطائفي .. وبدل أن نكون أسيادا في أوطاننا سنكون عبيدا للحوثة وأتباعا لإيران.. وبدل أن يحكمنا الرئيس اليمني سيحكمنا الخامنئي ..فهل نرضى بعد ذلك بحكومة حوثية ؟؟!!


في الثلاثاء 16 أكتوبر-تشرين الأول 2012 07:59:14 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=17722