اليمن الجديد ومتطلبات المرحلة
عارف علي العمري
عارف علي العمري

دلف اليمنيون مع صبيحة يوم 21 فبراير الماضي مرحلة جديدة تختلف عن الماضي, مرحلة ميلاد الجمهورية الثالثة - إن جازت التسمية - ودخل اليمنيون تلك المرحلة وجمهوريتهم مثقلة بتركات كبيرة من الفساد, ورصيد كبير من السمعة الملطخة بالفساد لبعض كبار المسؤولين الذين تولوا مناصب قيادية أو إدارية, فهناك ملايين من الفقراء ومثلهم من العاطلين عن العمل, إضافة إلى التشظي الواضح للعيان في اللحمة الوطنية والتي كان أبرز أسبابه غياب الأمن والمناكفات السياسية التي أجادها صالح خلال سنوات حكمه.

هناك بعض من أدركوا أهمية التغيير وتكيفوا معه باعتبار التغيير سنة من سنن الله في الأرض, وعاملاً مهماً لحفظ التوازن بين البشر, وفي المقابل فإن الكثير من اليمنيين وللأسف لايزال يعيش بعقلية الماضي البغيض, عقلية حب التسلط والاستبداد, وهو على أهبة الاستعداد لارتكاب أسوأ الأعمال نكاية بالوطن نظراً لأن هناك مصلحة فقدها, وكل من فقد مصلحة في ظل التغيير الذي شهدته اليمن كانت مصلحته غير مشروعة إطلاقاً.

لقد جاءت حكومة الوفاق كمدلول بديهي للحكمة اليمانية التي تثبت وجودها مع كل كارثة تحل بالوطن, وليس من الضروري أن يكون جميع اليمنيين حكماء, بل من المهم أن يكون هناك من يسمع صوت الحكمة للآخرين, فما يجري في بعض المناطق اليمنية يدعو إلى الإشفاق على هذا الوطن والمواطن الذي يكرس حياته للحصول على لقمة العيش, في الوقت الذي يسعى فيه أمراء الحرب إلى طحن الوطن والمواطن من أجل امتيازات خاصة.

إن المرحلة تتطلب من الجميع التغلب على جميع الخلافات الضيقة, والتخلي عن المطامع الشخصية, وتحويل النزاعات العدوانية والطائفية والأنانية إلى أعمال خير وتكافل وتعاون لبناء اليمن الجديد, من أجل استعادة الصدارة لليمن بين جميع بلدان المنطقة العربية، والتي فقدها منذ أن ابتلي بالملكية وحب التوريث.

إن الانقسامات والنزاعات الموجودة سواء في صعدة أو أبين أو أي مكان آخر في هذا الوطن العظيم لن تؤدي إلا إلى الحروب والصراعات المستمرة التي ترفع أعداد الأيتام وتفاقم مشاكل اليمنيين جميعاً.

علينا أن نتجه إلى مرحلة بناء السلام وتعزيز الشراكة الوطنية، وأن نتجه إلى المشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني, والذي من خلاله نستطيع أن نتجاوز كل الخلافات والمؤامرات التي تحاك لليمن من أطراف إقليمية ودولية لا تحرص على مصلحة اليمن بقدر حرصها على مصلحتها.

إننا لسنا كائنات بلا حول ولا طول في عالم يقوم على الفوضى - بحسب تعبير رديتشارد نيكسون - بل إن لدينا الأدوات اللازمة لبناء اليمن الجديد والاستقرار الاجتماعي, فمن يبدأون بالاعتداء على المواطنين في حجة أو يعتدون على أبراج الكهرباء وأنابيب النفط لن يفعلوا ذلك إلا إذا اقتنعوا بأنهم سيربحون من وراء ذلك العدوان, ولن تمضي أي جماعة في خوض الحرب إلا إذا اقتنع قادتها بأنهم يستطيعون أن يحققوا أهدافهم ولو على أشلاء المغرر بهم من قليلي المعرفة وشحيحي الاطلاع.

ما ذنب أبناء صعدة وحجة وهم يهجّرون من ديارهم ويدفعون ضريبة القتال الدائر هناك, لقد هجّرت آلاف الأسر، وتعيش أوضاعاً معيشية قاسية في مخيمات النازحين, وقتل المئات من الشباب الذين أصبحوا ضحية لكذبة كبرى مفادها «الموت لأمريكا» وكأن حجة أصبحت ولاية أمريكية, إني أشفق على أولئك الشباب المحسوبين على الحوثي وأبنائهم يتعرضون لليتم، ونسائهم يصبحن أرامل بلا عائل لهن, في الوقت الذي يعيش فيه يحيى الحوثي في أرقى فنادق ألمانيا, ويتنعم أخوه عبدالملك بعائدات الخمس التي تفرض قهراً على أبناء صعدة.

ومنذ أن اندلعت المعارك المصطنعة بين الحوثي والنظام البائد وصعدة تدفع الثمن, يقتل شبابها والمستفيد هو الحوثي, تخرب ديارها والرابح الوحيد هو الحوثي, يعطى شبابها قليلاً من فتات الدولارات التي تضخ بها خزائن الملالي في إيران ويتنعم الحوثي برغد العيش, فما يجري في شمال الشمال لعبة إقليمية يساق فيها أبناء صعدة إلى محرقة الموت لتحقيق طموحات غير مشروعة لآية الله العظمى في ضحيان.

على شباب صعدة أن يعرفوا جيداً أن من يعتدون عليهم في حجة وعمران ودماج هم يمنيون في المقام الأول والأخير وليسوا جواسيس لأمريكا أو اسرائيل, واليمنيون لن يستسلموا أو يركعوا لأي شخص يريد أن يعيدهم إلى حضيرة التقديس والتبجيل لذاته, وهم مستعدون لدفع أرواحهم فداء لكرامتهم, وبالتالي فإن ما يرسمه لهم الحوثي من أحلام طوباوية في السيطرة على اليمن وحكم آل البيت ضرباً من الخيال, فحكم الفرد الواحد والأسرة الواحدة قد انتهى في 26 سبتمبر 62م, وثار الشعب اليمني ضده في 3 فبراير 2011م.

لنتجه جميعاً إلى أبناء صعدة ونمد إليهم أيدينا بالسلام والمحبة, فمن أجل اليمن عموماً وصعدة خصوصاً يسقط عبدالملك الحوثي ويعيش المذهب الزيدي, ومن أجل اليمن القوي المستقر وداعاً للعنصرية وأهلاً بالأخوة القائمة على الود والاحترام, من أجل أمن واستقرار صعدة سحقاً لمشاريع الملالي وبعداً لطموحات إيران, لأجل اليمن نعم للشراكة والديمقراطية والبناء الواعد من أجل مصالح اليمن.

إنني أدعو إلى ثورة ضد كل من يخدم أجندة خارجية سواء كان في جنوب الجنوب أو في شمال الشمال, ثورة تحرر صعدة من قبضة الحوثي, إن المرحلة تتطلب ثورة ضد كل من يحلم بعودة اليمن إلى مربع الجهل والفوضى والاستبداد


في الثلاثاء 18 سبتمبر-أيلول 2012 05:00:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=17349