ميكافيلية القومي وشايف المصلوب على باب الزنزانة
كاتبة صحفية/سامية الأغبري
كاتبة صحفية/سامية الأغبري

مأرب برس ـ خاص

قضايا التعذيب في السجون اليمنية في تزايد مستمر أو ربما بعد أن كانت مثل هذه الجرائم لا تظهر للعلن بدأت تكشف و تعري هذا النظام وتظهر الوجه الخفي له فمن قضية سامي الشرجبي إلى العيزري وجندي المهرة الذي قضى تحت التعذيب وقضية أنيسة الشعيبي وغيرها من قضايا التعذيب يقول الله تعالى "ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر " صدق الله العظيم , كرم الاسلام الانسان وجعل حقوقه مقدسة لا يجوز المساس بها دمه وماله وعرضه حرامُ حرام ويقول الرسول الكريم (لا يحل لرجل ان يروع مسلماً) أي ان يفزعه ولو مازحاً فكيف أن يقوم بتعذيبه والتنكيل به ,وجاءت المادة الخامسة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تحرم التعذيب حيث جاء فيها (لايعرض أي انسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة).. نعلم جميعاً قبل أن تكون دولة كاليمن تستمد تشريعاتها وقوانينها من الشريعة الإسلامية هي بالإضافة الى ذلك موقعة ومصادقة على كثير من مواد الإعلان العالمي ومنها هذه المادة .... مامدى إلتزامها بهذه الاتفاقيات والمواثيق الدولية؟

ألم تكن المادة المذكورة أنفا ان لم نقل الشريعة الإسلامية كافية لأن تحترم حقوق شايف الحيمي الذي مورست ضده أبشع أنواع التعذيب , حتى أسوأ الأنظمة الاستبد
ادية والقمعية لم تستخدم تلك الأساليب ,,النظام اليمني واضح أنه يستخدم سياسة القبضة الحديدية ضد مواطنيه لإرهابهم .. النظام لا يحترم حقوق الانسان ولا يلتزم بتعهداته .. النظام ممثل بأجهزته الامنية والقضاء ينتهك كرامة وآدمية المواطنين, بعدها يأتي ليتحدث عن حقوق الانسان التي يحترمها !! أين هي الحقوق وآثار التعذيب واضحة جلية على جسد الحيمي رغم مرور أشهر منذ ان عذب أين هي حقوق أنيسة الشعيبي وعبد الرزاق عبد القادر مثل هذه القضايا والفضائح كشفت زيفهم وادعاءاتهم ,,ومدى بشاعة التعذيب وقبح من عذبوه.

حين عرض شايف الاسبوع الماضي مأساته امام عدسات الصحافة والتلفزة وما تعرض له من تعذيب نفسي وجسدي وإذلال ,تساقطت دموع عجز أصحابها عن فعل شيء من اجله وغيره ممن يتعرضون للانتهاكات وما أكثرهم! آثار التعذيب بادية على كل جزء من جسد شايف الحيمي ,يداه وقدماه شاهدتان عما حدث ,الصورة تتحدث ولا تحتاج للتفسير هذا هو شايف المثخن جسده بجروح القيود والماء الحار وأيام صلب فيها على باب الزنزانة ..هذا هو المثخنة روحه بجرح غائر شعوره بالذل والإهانة وعجزه من الدفاع عن نفسه امام جلاديه..

ليس هذا فقط بل ويطلب منه جلاديه لإذلاله ان يرقص لهم, وان يترجاهم ان يرحموه !! أيعقل أننا في بلد الإيمان والحكمة والقلوب الرحيمة؟ أين هي تلك القلوب الرحيمة وأين الحكمة والإيمان ؟أمن الإيمان تعذيب الإنسان لأخيه الانسان ؟

 لنفترض ان شايف الحيمي مجرم ,زعيم عصابة ,إرهابي و.....الخ هل هذا مبرر للأمن القومي ليقوم بتعذيبه؟ , وبصرف النظر عما كانت ادعاءات الأمن حقيقية فانه أولا كان يفترض تحويله للقضاء بدلا من ممارسة هواية التعذيب والعبث بجسده والتلذذ بذلك ثانيا هو اعتراف منها بان شايف الحيمي كان في الأمن القومي واعتراف بتقييد قدميه ويديه لأنه صرخ !! ألانه صرخ تقيد قدماه ويداه ويعلق على باب الزنزانة؟ أليس المتهم بريء حتى تثبت إدانته, أليس في اعتقاله وحبسه مخالفة للقانون, ولم يكن هو الجهة المخولة باعتقاله! اما تصريحه أي الأمن كان نكتة الموسم وجود سخان في الزنزانة وقام بحرق نفسه , يا هؤلاء قليل من الخجل واحترام لعقولنا ومع احترامنا إلا ان ماذكرتموه لا يمكن ان يصدق. يقول نور الدين شقيق شايف ان أخاه يخجل من الخروج بيده الميتة الاعصاب أيعقل ان يخجل المجني عليه ويتبجح الجاني الذي خرج بتصريح يبرر فيه فعلتهم !انها ميكافيلية من يبررون للمعذبين تصرفاتهم اللا أخلاقية واللا إنسانية فالغاية الغير سامية والغير نبيلة والقذرة تبرر العمل الاكثر قذارة وانحطاط ... هذا ماحدث في الأمن القومي.!

أيضا يحق لنا ان نتساءل ماذا يعني ان يحرق جسد إمرء بمادة الاسيد في سجن , وماذا يعني دخول الاسيد الى السجن بهذه السهولة وماذا يعني صمت الجهات المعنية, مالذي يعنيه دخول عضو النيابة المساعد مهدداً : (غرماءك سيؤدبونك بطريقتهم بعيداً عن القضاء ) ويدخل غرمائه بعد يومين من التهديد ويحرقون جسده ويعمون بصره بمادة الاسيد الحارقة؟ هذا ماحدث في محافظة تعز لعبد الرزاق عبد القادر الذي صودرت ممتلكاته واعتدي على زوجته التي أجهضت جنينها وأحرقت مزارع قاته وبتواطؤ من أجهزة الأمن والقضاء .. والا لما يقوم عضو النيابة المساعد بتهديده وكيف دخل المعتدين إلي السجن ؟ عبد الرزاق كان قد اعتدي عليه مراراً وتكراراًدون ان تتخذ الجهات المختصة أي اجراء ضد الجناة واعتدى عليه في المحكمة وأمام رئيسها ايضاً لم تتخذ ضد غرماءه والمعتدون أي إجراءات بل انه وكما هو المعتاد في بلادنا يترك الجاني حرا طليقا ويعاقب المجني عليه كما حدث لعبد الرزاق , نعم ما يحدث في ظل غياب القانون وعدم حيادية الجهاز القضائي وإدارة السجن ,بتواطئها تتحمل المسؤولية كاملة ويجب ان يحالوا الى القضاء ولا ننسى هنا ان نشكر توجيهات وزير العدل الذي امر بالتحقيق ومحاسبة الجناة في قضية عبد الرزاق وان كان هذا واجبه.

انا لست ضد الأمن القومي ولا السياسي ولا البحث الجنائي ولا ضد القضاء وهم يؤدون واجبهم وفقا للدستور والقانون , وهم يمارسون أعمالهم في اطار القانون ولست ضد ان يحاسب ويحاكم عبد الرزاق او شايف الحيمي في ظل قضاء عادل ونزيه يعطي الناس حقوقهم لاأن يحاسبون في الزنازين وحسب هوى ومزاجية البعض والا لما وجد القضاء؟ انا ضد التعذيب وضد تجاوز القانون من قبل المتنفذين, ضد ان يستخدم احدهم منصبه لإرهاب الناس وتعذيبهم , ارفض إهانة وإذلال المواطنين.

وأنا مع محاسبة الجميع شايف اتهم بسرقة تليفون وحدث له ماحدث ومن ينهب وطن بأكمله من يحاسبه, أما إذا سرق الضعيف قطعوا شلوا يده وان سرق القوي تركوه!!

بالمناسبة أتساءل هل من يقوم بالتعذيب ويتفنن بإيذاء الناس وبأساليب التعذيب هل هو شخص سوي, أنالا اضن ان من يمارس التعذيب ,ويقوم بهذه المهمة القذرة هو شخص طبيعي كبقية البشر , بل انتزعت منه أدميته وإنسانيته والا لما قام بهذا الدور القبيح حتى الحيوانات ترأف يبعضها فكيف ببني البشر ؟! هل هذا الشخص راض عما يفعل ؟ يعذب ويذل أخ له ان لم يكن في الدين والمواطنة فبالإنسانية ضعيف بين يديه استقوى عليه لأنه , مقيد , كيف ينام مستريح البال وهناك مظلوم ,يتعذب لاينام ليله من اثر الجروح التي سببها له... وإعاقة دائمة ستلازمه طوال حياته!!

قد يقول قائل انه عمل فردي,نعم لكن لا بد لهذا الفرد ان يحاسب ويعاقب هو وكل من ارتكب مثل هذه الجرائم حتى لا تتحول مثل هذه الممارسات التي تعتبر فردية ولا يعاقب مرتكبيها الى أعمال إجرامية منظمة وممنهجة يحاكم كل من يستغل منصبه للحط من كرامة المواطنين , كل من رمى عرض الحائط بشرع الله و بالقوانين وداسوا على الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية...من قبل عذب سامي الشرجبي والمحكمة برأت المتهمين , إذا أين هم الجناة إذا كان هؤلاء أبرياء؟ولأنهم لم يعاقبوا ولم تطالهم يد العدالة ولم ينالوا جزاءهم ليكونوا عظة وعبرة لغيرهم استمر التعذيب..

ولا ننسى ان نذكر في هذا المقام هنا الدور الهام الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني والإعلام في كشف وفضح مثل هذه الممارسات , منظمة هود تقوم بدور هام تشكر عليه ولكن هناك منظمات اخرى دورها يكاد يكون غائبا في مثل هذه القضايا ... لاتكفي الندوات والورش بل لابد من فضح ورصد الممارسات الوحشية التي ترتكب بحق المواطنين ,فالإعلام والمجتمع المدني شريكان من اجل الرقي والنهوض بحركة حقوق الانسان في اليمن والحد من جرائم التعذيب..


في الثلاثاء 01 مايو 2007 09:29:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=1662