برلمان اليمني وحظيرة.....
عبد العليم الحميدي
عبد العليم الحميدي

مأرب برس - خاص

قمت بزيارة صديق لي ممن تعرفت عليهم مؤخرا أمريكي الجنسية – عربي الهوى وجدته معجباً بل ومذهولاً باليمن وتاريخ اليمن ومستقبل اليمن وسأل أسئلة لا تحصى ولا تعد على اليمن وكنت مسرورا أن ألقى أشخاصاً غير يمنيين يهمهم أمر اليمن أكثر من حكامها ، فجأة وهو يتنقل بين القنوات الفضائية توقف على الفضائية اليمنية وما كان يعرض في ذلك الوقت هو جلسة للبرلمان اليمني وبما أن المجلس كان في حالة انعقاد ولكن بوضع مزري وصخب يشبه حاله حال أحد أسواق القات ، لم يفهم صاحبي ما الذي يعرض وسأل ما هذا هل هذا محكمة في مسلسل ؟ هل مسرح ... الخ فرددت عليه إن هذه جلسه برلمانية تبث من البرلمان اليمني – قلتها وأنا ابتلع ريقي لشناعتها- فما كان منه إلا أن بدت عليه الحسرة ورد بطريقة غير شعورية " أوه ماي جد - " معناها آه ياربي - وشعرت إن تلك الجلسة التي بدء فيها البرلمانيون يتناطحون كانت كفيلة بتغيير وجهة نظر صاحبي 180 درجة مئوية وعندها تمنيت أن فضائيتنا ليست بفضائية وغوغائيتنا بقيت أرضية !!.

عدت إلى البيت بعد لقاء طويل مع صديقي كان لقاءاً حميماً ومشجعاً في بدايته وانتهى بخيبة أمل كان سببها البرلمان أسأل الله أن يسامحه ، عدت خائباً وحائراً أندب حظي وحظ اليمن وشعرت وقتها أن كل شي بات ضدنا الزمان والناس وسألت نفسي حينها لماذا نواجه نحن اليمنيون كل هذه الانتكاسات كل ما حاولنا الظهور بصورة تعكس عراقتنا وأصالة شعبنا ، نتفاجأ بظهور أحصنة منيعة بيننا وبين ما نشتهي ، نشتهي أن يرى العالم الشعب اليمني مثله مثل بقية شعوب العالم لها نجاحات ولها إخفاقات ،لكننا نواجه الهزائم المعنوية والنفسية الواحدة تلوى الأخرى عندما نرى أن الإخفاقات جزء من حياتنا وعندما نرى أيضا عوامل بارزة لتلك الإخفاقات فتارة تطل علينا الصحف بخبر تهريب الأطفال اليمنيين إلى السعودية لغرض التسول وأخرى تمطرنا بخبر مطار صنعاء الدولي وهو مكتظ بالعمالة المجهولة المرحلة من المملكة السعودية والتي دخلت المملكة بطريقة غير شرعية وبأغراض دنيئة ليس لممارسة الأعمال المشروعة فحسب وإنما لتمارس أعمالاً غير أخلاقية وكل ما سمعنا شيئاً من هذا القبِيل قصرت قاماتنا و انحنت معها هاماتنا ودست رؤوسنا في الأرض وعندها يصبح أملنا فقط هو الانتظار لعل الواحد القهار أن يحني رأس كل من كان السبب وراء تسولنا وشظف عيشنا وليته كان تسولاً فحسب بل بتنا متسولين من الدرجة الأولى من هرم السلطة إلى أطفال الشوارع إلى المقيمين غير الشرعيين من الدرجة الثانية ويعلم علام الغيوب ماذا ينتظرنا بعد .

نعم يمكن التغلب على كل ما أشرت له أعلاه من انكسارات وهزائم وإحباط و .. .الخ بطرق قد تكون غير أخلاقية حيناً ومبرره تبريراً بعيداً بعد الشمس عن الحقيقة أحياناً أخرى ولكن من باب "الضرورات تبيح المحظورات" فيمكن أن نقول أن المتسولين أميون وأن المقيمين غير الشرعيين في الدول المجاورة دفعتهم الحاجة وقد يتم قبول مثل هذه التبريرات السطحية عند البعض ممن لا يعرفون الكثير عن حالنا البائس في اليمن فيما يثير البعض الأخر تساؤلات تشيب منها الولدان .

إن الطامة الكبرى وشر البلية المضحك والعجب العجاب في بلد عجيب بامتياز أن يكون مصدر الخجل والانتكاسات وجرح الكرامة هو البرلمان اليمني الذي أصبح أيضا ، مصدر التخلف ، مصدر الجهل ، مصدر عدم احترام الذات ، مصدر عدم فهم الدور ، مصدر تكريس التفرقة سواء بقصد أو بدون قصد ، مصدر الاستعلاء الغير مبرر ، مصدر عدم احترام الرأي ، مصدر عرض النفوذ والعضلات ، مصدر القمع .. الخ وهذا كله يبدو جليا من مجلس يفترض فيه أن يكون مرآة اليمن إلى الخارج ويعكس صورة مشرفة لكل اليمن من خلال عقد جلساته التي يفترض أن تعكس العمق الديمقراطي في بلادي الحبيبة وطرح الآراء بطريقة تتناسب مع تسميته بالسلطة التشريعية إلا أننا وللأسف الشديد نجد أن جلسات البرلمان أقل ما يقال عنها بأنها مناطحة ثيران على غرار قيادة السيارات في اليمن كما أطلق عليها أحد السياح الأوربيين!!!. إن الملاحظ في جلسات البرلمان اليمني هو طريقة تعامل رئيس الجلسة مع الأعضاء وكأنهم طلاب مدرسة ابتدائية يهددهم فيها بقطع الصوت عن النواب ودائما ما نسمع " أقطب " من قبل رئيس الجلسة وهي كلمة متعارف عليها في أسواق القات. بالنسبة لي فإنني ليس لدي أي إشكال مع تلك الكلمة " أقطب " مع أني أحيانا انطقها بحرف القاف وأحياناً أخرى بحرف الجيم ، إلا أن إدارة جلسات البرلمان تعكس مدى التخلف والجهل الذي نعانيه فلا النائب يحترم قوانين وقواعد المجلس ولا رئاسة المجلس تحترم النواب ويبدو ذلك واضحا من خلال رد رئيس الجلسة على بعض تعليقات النواب حول قضايا هامة في حين ينسى أن الرد والتوضيح عن استفسارات معينة أثارها نائب ما هو من اختصاص اللجان المختصة. إن البرلمان اليمني اليوم ليرسم صورة واضحة وناصعة أننا لا نزال نعيش في القرون الوسطى .

نعم هناك نواب وممثلين نعتز بوجودهم في البرلمان ولكنهم للأسف الشديد لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة جدا مقارنه بنواب تتراوح مؤهلاتهم ما بين القراءة والكتابة والأمية في بعض الأحيان .

إنني أطالب بإقامة دورات تثقيفية مكثفة لأعضاء البرلمان لتلقينهم أسس النقاش ، أسس احترام الوقت بمعنى أن يحترم النائب الوقت المسموح به لإبداء رأيه حتى لا يضطر رئيس الجلسة لاستخدام العصا والجزرة ، كما أطالب بدورات مهنية للأعضاء يتعلمون فيها مبدأ حسن الاستماع والإنصات. وبدوري أطالب هنا من أعضاء المجلس أيضا أن يتابعوا بعض جلسات المجالس النيابية ومجالس الشورى ليروا وليتعلموا بعض الأدبيات من تلك المجالس وأقترح عليهم كذلك متابعة جلسات مجلس الشورى السعودي حيث أنه بمجرد متابعة جلسه واحده من جلساته ما تلبث أن يأخذك الإعجاب بعيداً بطريقة الحوار والنقاش وفجأة تجد نفسك تكن لأعضائه ولأعضاء رئاسته جل التقدير والاحترام عوضا عن كفاءات أعضائه في تخصصات متنوعة وفقا لحاجة البلد .

إنني أطالب الفضائية اليمنية أن تتيح لـنا نحن الشباب اليمنيين مساحة كافية من الوقت مماثلة لما يمنح لمجلس النواب لعلنا نعكس صورة بلادنا الحبيب بشكل يعكس حضارتنا وثقافتنا لُنري العالم أجمع بأننا أمة ذات تاريخ عريق ومستقبل واعد وأن شباب اليمن قادرين على إحداث تحول تاريخي في مسيرة البلد لعلنا نصلح ما أفسده البرلمان وخير دليل على ذلك انخراط الشباب اليمني في أعراق الجامعات العالمية والعربية واليمنية وأننا الأقدر على صنع تاريخ بلدنا وتمثيلها خير تمثيل بما يتلاءم مع متطلبات العصر ومواجهة الصعاب ، أما أن يعكس البرلمان الحالي صورة اليمن الغالي فهذا ما نرفضه رفضاً تاماً ويجب أن يسمعنا القاصي والداني أننا بريئون من البرلمان براءة الذئب من دم يوسف وأتمنى من الجهات ذات العلاقة وقف عرض جلسات البرلمان الحالي ولا مانع من استئنافها إذا ما تم التحاقهم بالدورات التدريبية المشار لها أعلاه واستفادوا منها وطبقوها .

مرة أخرى أقول بأن البرلمان اليمني قطعا لا يخلوا من أعضاء نكن لهم كل التقدير ويشرفنا أن يمثلونا فيه وتمنياتي كما هي تمنياتكم أن أرى البرلمان اليمني وجلساته قد تحسنت وتطور أدائها وخرجت من مرحلة التناطح إلى مرحلة الحوار والتفاهم .

ختاماً ... لقد تركت العنوان ناقصا آملاً من القراء الكرام إكماله كل حسب وجهة نظره قاصداً مشاركة القارئ وتفاعله ليس إلا .


في الإثنين 30 إبريل-نيسان 2007 11:49:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=1656