عن صوملة باسندوه وأخوة يحيى الراعي
عبد الملك المثيل
عبد الملك المثيل

باستثناء البيان الصادر من مجلس الوزراء ، بخصوص ما قاله الشيخ الشايف عن باسندوه وصخر الوجيه ، والذي طالب برفع الحصانة عن النائب البرلماني من أجل رفع دعوى قضائيه ضده ، لم نرى أو نسمع أو نقرأ موضوعا أو بيانا من أي جهة سياسية أو حزبيه أو حتى رياضية تعبر عن أسفها الشديد لصدور كلام كذلك الذي قيل من السيد النائب ، خاصة ونحن في زمن الثورة وتجاوزنا مثل تلك المفاهيم العنصرية منذ ما يزيد عن 1400 عام ، كما أننا اليوم في عصر التجنيس والإعتراف بحقوق الإنسان ومنحه الفرصة لإثبات وجوده ومواطنته وشرف تمثيله للدولة المجنسة له وما وجود اللاعبين الأفارقة في المنتخبات الأوربية عنا ببعيد .

يشعر الإنسان بالخجل وهو يسمع ما صدر من الشايف ، في نفس اللحظة التي تنتابه موجة ضحك وبكاء في آن واحد بخصوص ما جاء في بيان مجلس الوزراء ، لأن القصة ستنتهي باعتذار وسحب كم رأس بقر وغنم مع مئات الربط من القات ومن ثم إسالة دماء الحيوانات ومضغ القات بين الحاضرين الذين سيناقشون أسباب الفساد المالي والإداري والأخلاقي والإجتماعي في وطننا المنكوب ، محملين في نقاشهم الإمام والعدو الصهيوني والمتآمرين على الوطن والحاقدين أسباب ذلك كله ، مع أنهم أخطر وأمر من كل ما مر ذكره ولكنهم لا يشعرون .

بإختصار شديد كان الشيخ الشايف ( الإبن ) في تصريحه ذلك وتحت قبة البرلمان يبصم بالعشر على ما قاله الأستاذ الكبير / عبدالكريم الرازحي ، كما أنه أيضا كشف وبوضوح عن جسدنا الإجتماعي الممتلئ بفتحات المناطقية والعنصرية المنتشرة بين أبناء اليمن والوطن الواحد منذ عشرات السنين ، دون ان تقوم أي حكومة بمعالجة تلك الكارثة العنصرية عبر قانون رادع وصريح وحازم يلزم كل شخص بلع لسانه حال تفكيره في إهانة أي مواطن بالطريقة التي أهين بها باسندوه والوجيه مع جل إحترامي وتقديري لشخصيهما .

نحن كأبناء وطن واحد مجرد بدو وبراغلة ودحابشه ومخربين وخبينه وصوماليين وهنود ....الخ ، حتى أن العاقل عندما يسمع مثل تلك الألفاظ يشعر أنه لم يعد مواطن يمني ( أصلي ) في البلاد ، ونحن بذلك نتجاوز كل القيم والتوصيات والأوامر الدينية والأخلاقية والإنسانية ، وما أقبح واشد تلك التجاوزات عندما تصدر من أولئك الذين يسمون أنفسهم ( علية القوم ) مع مرتبة شرف فوق كرسي مجلس النواب .

نحن على معرفة وعلم وإطلاع منذ زمن طويل ، بوضعنا وحالنا كمواطنين ( قصر أو ناقصين ) في مفهوم السلطة القبلية وشيوخها في حاشد وبكيل ، وكثيرا ما تكلمنا عن ذلك المفهوم المقزز للنفس غير أن العديد من الناس إتهمونا عند طرح تلك المشكلة الإجتماعية الخطيرة بالمناطقية ، وإثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد ، رغم اننا لم نقل في أحد شيء أو ننتقص من قدره وقيمته بل أنزلنا الناس منازلهم ، ومع أنهم لم يجدوا لنا منزلة في مفاهيمهم سوى التنقيص والتحقير ، فليس من المدهش أن نتعجب عن ما يسمى ( أبناء وطن واحد ) وشخصيا أعتقد أن ذلك الشعار يعني عندهم شد الرحال والذهاب للطواف حول قصورهم وطرق أبوابهم لتقديم الولاء والطاعة ، وتقديم القرابين من هذا وذاك لعلية القوم لعلهم يمنحوا الحجاج ما يسمى تأصيل النسب وكأن اليمن بمواطنيها لا نسب وحسب لها ولهم .

تصريح الشيخ النائب لا يحتاج لعقلية من كوكب آخر حتى تفهم معناه ومصدر ثقافته وعمق التمييز في حروف كلماته ، فهو يعبر عن خلاصة الثقافة التي تربى ونشأ في أحضانها ، ولهذا فباسندوه كجنوبي صومالي ، والوجيه بحاجه للتربية لأنه من الحديده حيث لا قبيلة يستند إليها ، ولكن الراعي أخو الشايف لأنه يمني فأكرم وأنعم بتلك الأخوة وعظم الله أجر باسندوة والوجيه ونحن لأننا لا نستحق أخوة حاشد وبكيل.

تلك المناطقية والعنصرية البغيضة ثقافتان رعتهما سلطة المخلوع علي عبدالله صالح ، بمباركته وتاييده وسبق وقال ذلك في هندية البيض وأندنوسية العطاس ثم في النهاية هم أهل الوحدة والأخوة وقالوا...البيض إنفصالي .

أولئك البشر ياسادة يا كرام يؤمنون انهم من سلالة يمنية خالصة أبا عن جد عن ام وكذلك أخوال ، وما بقي من أجناس في البلاد مجرد تكملة عدد ، ولهذا فنحن بحاجة ماسة لثورة إجتماعية تطيح بعقليات الإنفصال والمناطقية وتزرع في رؤوس القوم مفاهيم جديدة لعلهم يستوعبون متغيرات الزمن ويتقنون إحترام حقوق الإنسان .

عار علينا أن يكون لنا مجلس نواب لا قيمة أو وزن أو حاجة له ، ولك يا أستاذنا عبدالكريم الرازحي ابلغ معاني الإحترام فهذا المجلس منتهي الصلاحية أصلا وليس له تاريخ إنتاج ، كما أنه لا يجيد سوى إحتضان عقليات خاوية مع تقديرنا لبعض الشخصيات التي يجب عليها مغادرة ذلك المكان إن كان لديها ذرة من تقدير الذات والخجل من عباد الله ، وليعلم الجميع أن سحب الكلام والإعتذار لن يفيد في شيء طالما وتلك المفاهيم العنصرية منتشرة وممارسة بكثرة في الأوساط السياسية والشعبية ، ولتأكيد ذلك لم نسمع كلمة من حزب أو شيخ أو معارض يستنكر ما قاله النائب فالكل يحملون نفس المفاهيم إلا من رحم ربي .

أنا يمني...واسألوا التاريخ عني...أنا يمني

تلك الكلمات مطلع لأغنية وطنية ولا أدري هل سمعها الشيخ ام لا ؟ ومع اننا رددناها في مختلف المراحل الدراسية إلا أنني والله عشت في صنعاء وانا ( مخرب ) رغم أننا دفعنا أرواح ودماء وتضحيات لم يقدمها شيخ من اولئك الذين ينقصوننا حقنا ، وأحيانا بحسب مزاج القائل كنت ( خباني ) ولي طبعا الفخر في ذلك ، ويشهد الله أننا لم نرد في يوم على من نادونا بتلك الروح الجاهلية سوى بقولنا ..فوق العين والراس ، لأن أخلاقنا وتربيتنا وسلوكنا عناوين بارزة لمفاهيم أحببنا أن نرتقي بها لمكانة أمر بها الله ورسوله ولا يتحلى بها سوى الفرسان .

للأسف لم أشعر وغيري الملايين بإنسانيتنا في يمن غيرنا مع ملاحظة انني كفرد إستمعت لمحاضرات دينية كثيرة لمشايخ وعلماء اليمن الذين طبعوا في ذهني صورة سوداء عن امريكا الكافرة الفاجرة والعياذ بالله .

عندما وصلت إلى أمريكا وبعد رحلة تعمقت في تفاصيلها لعشر سنوات واكثر آمنت أن الأمريكان في وطنهم أهل شيمة وكرم وينزلون الضيف منزلته ويقدمون له قانون يحميه ويصونه ثم يناشدونه التمسك والتقيد به ، وبعد فترة إختبار لسيرته وسلوكه يمنحونه الجنسية الوطنية رغم أنه وهو يحمل الأوراق المؤقته حاصل على كافة الحقوق والإمتيازات التي تساويه بإبن الوطن الأصلي ، ويا ويل من يجرؤ أو توسوس له نفسه بإحتقار أو التعامل بعنصرية مع أي مواطن من قانون لا يرحم ويفرق بين احد .

سأعترف هنا أنني مؤمن بالله ومسلم موحد مصلي صايم بفضله تبارك وتعالى ولكن سأعترف أيضا بأنني منذ وجودي في هذا الوطن العظيم فمهت جيدا من هم الكفرة الفجرة .

aalmatheel@yahoo.com

 
في الثلاثاء 17 يوليو-تموز 2012 06:53:25 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=16535