جوهر التغيير..أن تتغير الثقافات السلبية..
بدر الشميري
بدر الشميري

ُيُعَول الكثير من اليمنيين على القادم،والأمل يملأ قلوبهم، بمستقبل زاهٍ ، بحلة قشيبة، ألوانها الآسرة ،تسلب العقول ،وتُذهبْ قتامة السواد الجاثم على طموحهم بحياة كريمة ،أن يروا الوجه المشرق الوضاء لليمن،وأثر الثورة واقعا ملموسا ، ينعمون به، ويُذهبْ عنهم معانات سنوات عجاف، أهلكت الحرث والنسل ،وحرمتهم أساسيات الحياة ..

التعويل دون تغيير الثقافات السلبية الموجودة في المجتمع اليمني ،والتي يمارسها-للأسف- الكثير ،ويجهلون أثرها السلبي عليهم وعلى حاضر ومستقبل اليمن، سواء كانت تلك الثقافات موروثة منذ عقود ،أو استحدثها النظام السابق،حتى تبقيه في السلطة ،وتذهب بأحلام الشعب،ذلك التعويل دون التغيير في الثقافات السلبية بإسقاطها ،والتحول الى ثقافات ايجابية ذات فائدة وجدوى، لا يكفي لتحقيق المستقبل المنشود،واليمن الجديد..

الملاحظ في اليمن منذ قيام ثورة 26سبتمبر 1962 والى الآن، أن التغيير لا يضرب في عمق الثقافات السلبية ،ولا يخوض في فنائها أي صراع للخلاص منها،بل يتجاهلها ،وكأنها من العادات والتقاليد المقدسة، فعلها تعبد جالبة للثواب ،وتركها معصية موجبة للعقاب ،يمر عليها مرور الرضا والقبول ،يفارقها وتبقى ثابتة الجذور، وأثرها في سلوك الشعب، بممارساتهم اليومية ...

تتغير الانظمة الحاكمة في اليمن ،وتتغير الأسماء والأشخاص ،والأحزاب حتى نوعية أنظمة الحكم (من ملكية الى جمهورية)،وتظل الثقافات والظواهر والممارسات السلبية كما هي، موجودة، متجذرة يستخدمها كل نظام ،ويستثمرها في حكمه..

اليمن أكثر دول المنطقة، شهدت ثورات وانقلابات ،وتغييرات بفترات زمنية متقاربة، ضد الفساد والظلم والاستبداد وغياب القانون ،وتظل أكثر دولة تعاني من الفساد والظلم وغياب القانون،تنتهي الثورة وتبقى تداعيات وأسباب حدوثها واندلاعها.وهلم جرا...

المتابع لأحداث التغييرات في اليمن منذ خروج الأتراك 1918 ،والأنظمة الحاكمة في اليمن-باستثناء فترة حكم الحمدي- تواجه سخط الشعب ورفضه للفساد والتعسف والاستبداد ،،تمردْ على حكم الإمام يحيى -بعد خروج الأتراك ببضع سنوات- قوبل بالقمع،ثم ثورة 1948 ،وأطيح فيها بالإمام يحيى ،وجاء من بعده ابنه الإمام احمد ،واندلعت ضده ثورة 1955 وفشلت ،ثم لحقت بها ثورة 1962 ،و بهذه الثورة مزقت اليمن صفحة الامامة والملكية..

تولّى السلال حكم اليمن الجمهوري وحدث الانقلاب عليه في 1967م بذرائع مختلفة،ومن بعده الارياني (وكانت فترة السلال الارياني واقعة تحت تأثير تجاذبات وصراعات الداخل على السلطة ببروز مشايخ القبائل والعسكر،-وعودة الملكية بقوة -، وأيضا” تأثير النفوذ الخارجي ،آنذاك كانت تطلب اليمن رئيسا” يرسخ الحكم، ويعمل على تغيير ثقافات خلفتها الإمامة ،وثقافات طفت على السطح وراءها الصراعات الداخلية(شيوخ القبائل والعسكر) والخارجية، للخروج باليمن من أزماته الى يمن مستقر،يمن القانون، يلبي تطلعات الجماهير التي ضحت بمئات آلاف من أبنائها من أجل ذلك..

صعد المقدم إبراهيم الحمدي الى الرئاسة في 13يونيو1974، وبدأ بالتغيير الفعلي، الذي نحن بصدده ،ونناشد من الآن فصاعداً تبني هذا التغيير المتمثل بمحاربة الثقافات السلبية وتفعيل دولة القانون، كان الشهيد الحمدي الرئيس الوحيد الذي خاض بجدية هذا الجانب فغير الكثير،ولمس الجميع اثر أفعاله ،رغم قصر فترة حكمه -13 من يونيو 1974 حتى 11 أكتوبر 1977- قتل وقتلت أحلام الشعب ودفنت معه رحمه الله،وجاء من بعده الغشمي ،حتى وصلت السلطة الى يد صالح وكل تلك الأحداث- باستثناء كما أسلفنا فترة الحمدي- لها أسبابها تصب في قالب إخراج اليمن من الفساد ،وشراك الأزمات،ولكن دون نتيجة حقيقية تذكر، يلمسها المواطنون غير تغير أسماء الحكام، دون تغيير سلوك الحكم،والثقافات والممارسات الخاطئة .. نحن أمام مرحلة التحدي الحقيقي، إن أردنا تحقيق الطموح بالمستقبل الزاهر، الواعد بيمن جديد،مرحلة تفرض التغيير في الفكر والوعي ،ونشر ثقافة البناء لا الهدم،ثقافة تأصيل أصالة الإنسان اليمني التي غيبت كثيرا ،ثقافة نبذ الغلو والتطرف وارتكاب أعمال إرهابية ليست من الإسلام وأخلاق المسلم،ورفض العصبيات القبلية ،والممارسات غير السوية ،المشوهة للقبيلة اليمنية من قطع الكهرباء واختطاف الأجانب وتعسف المواطنين واضطهادهم وتهجيرهم من قراهم ،والجري وراء المصالح ،ومحاربة المناطقية والمذهبية..

نكرس ونفعل ثقافة صقل الصدأ عن الجوهرة (اليمن) حتى يعود بريقها ،يضيء الآفاق ،ويصدح ذكرها الحسن في أرجاء الكون..

ينبغي أن نقف جميعا -كما تجلت هذه الوقفات في ساحات التغيير والحرية في ربوع اليمن- على صعيد تغيير السلوكيات والممارسات الخاطئة من اجل الوطن، نعمل بيد واحدة ،وبقلب واحد، يد تصلح ما أفسده الفاسدون،وقلب يخفق بأمل المستقبل المشرق، بطموح التجديد النابع من النفس، بدافع التخلص من الإرث السلبي ،والسلوك غير السوي،من أجل بناء وطن اسمه اليمن الجديد،يمن القانون ،يتسع للجميع خالٍ من الفساد والأنانية وحب الذات...

دعوة الى ثورة الوعي والفكر والمعرفة،واحترام القانون، فبوعي الشعوب تبنى الأمم والحضارات...

badrhaviz@hotmail.com
في الإثنين 14 مايو 2012 05:41:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=15536