هل كان ياسر العواضي سيدخل الجنة ؟
عبد الإله المنحمي
عبد الإله المنحمي

لا ندري ..حقيقة . دعونا لا نستعجل كثيرا بالحكم على الرجل , يبدأ ياسر العواضي سرديته الحزينة على طريقة احلام مستغانمي في رواية عابر سرير "كان اليوم بائسا من اوله "بحسب العواضي وكنا مساء بحسب تعبير هذه الاخيرة لكنه يستدعي في مضمون رسالته بشكل كبير جورجي زيدان في رواية 17 رمضان التي تحدثت عن مؤامرة اغتيال الامام علي بن ابي طاب على يد احد الخوارج .

محاولة اغتيال الامام علي صالح بن ابي طالب يكتبها العبقري جورجي العواضي الذي حشد في جملة واحدة ستين الف رواية , وللعلم فأن الكثير من شيوخ الدين الموالين للنظام كان قد اطلقوا على حشود الثوار تسمية الخوارج وبلغت قلة الحياء ببعضهم ان قال ان خوراج القرن الاول من الهجره اقل شرا من هؤلا ولذالك لا استبعد ان صاحبنا اثناء سماعه لخطبة الشيخ علي المطري في جامع النهدين كان قد سمع هذا المصطلح اكثر من مرة على هذه الشاكلة , لكن على الاقل انتظر الخوارج المعاصرون حتى بدأ الامام علي صالح بن ابي طالب بالصلاة اما عبد الرحمن ابن ملجم فقد باشر الامام علي قبل ان يبدأ صلاته.

بالعودة للحديث عن الكولونيل اورلينانو بوينديا الذي استهدف لأربع عشرة محاولة اغتيال وثلاثة وسبعين كمينا ومرة لأعدامه في الرصاص امام فريق الرماة كما نجا من الموت بجرعة سم كانت تكفي لقتل جواد حسب تعبيرجابريال ماركيز في رواية مائة عام من العزلة يتبادر الى الاذهان بشكل مباشر فخامة الرئيس علي عبد الله صالح في رواية ذاكرة الجسد المحترق لياسر مستغانمي العواضي ماركيز .

دخل ياسر العواضي الى دار الرئاسة مشيا على الاقدام وكان باستقباله الشهيد القاسمي , الاجواء على ما يبدو كانت احتفالية رائعة , الرجل يرتل قول محمود درويش مشيا على الاقدام او زحفا على الايدي نعود وبالفعل عاد البعض حسب تعبيره زاحفا بعد الاصابة اما هو فقد كان جاثما وهو يرى صديقه رشاد العليمي يزحف على ظهره ولا زلت حائرا الى الان كيف يكون الزحف على الظهر ياصديقي ؟

اننا يا حضرة الشيخ ياسر العواضي تدمى قلوبنا و نأسف كثيرا لما حدث لكم في النهدين يومئذ ولكننا لا ننسى ما حدث ايام الثورة هل تتذكر معي ذالك اليوم ألمشئوم و انا هنا اقصد جمعة الكرامة عندما هاجت اعصاب بعض من اصدقائك واسقطوا في اقل من ساعة 57 شابا لا ذنب لهم غير انهم خرجوا مطالبين ببعض من حقوقهم المستلبة,لذالك نحن نرجوكم لا تذكروننا بالماضي ولا تحدثوننا عن التاريخ ,فقد دخلتموه جميعا من باب الخدم عندما سفكت اول قطرة دم مع انطلاقة الثورة المباركة,حكم صالح اليمن ثلاثة عقودا لم يقدم له شيا , كان يستطيع ان يخلق وعيا وينشئ جيلا متعلما لكنه لم يفعل لأنه لم يكن يريد. اسس الشهيد الحمدي مشروعا لبناء دولة حديثة فجعله صالح ساقية لرفد القبائل بالمزيد من أوهام العظمة ووسائل الجهل وسبل التمكين من اجل التخلف , حول صالح اليمن الى قبيلة شعثاء لو اقسمت على ابليس لتبرأ منها,كان ينام في قصره امنا لا يهمه ما يحدث في الاطراف , ترك البلاد فريسة سهلة للعابثين وأصحاب المطامع ,غيب مفاهيم القانون فانتشرت الفوضى و كرس مبادئ النزاع بين القبائل فأغرقها بويلات الحروب والثارات , سمح لظاهرة السلاح بالانتشار ومثلها شجرة القات فأدخل البلاد في دوامة من الجهل والتخلف لا ضفاف لها كان مشروع صالح في حكمه مشروعا هادما لكل ملامح الحياة الحديثة لم يترك لمن جاءوا من بعده من فرصة للبناء.لا تحدثوننا عن بعض من فضائله –نحن نرجوكم-فهو لم يكن عمرو ابن عبد العزيز ولا عمرو ابن الخطاب فقبل شهور قليلة قدم الرئيس الالماني استقالته من منصبه لمجرد اتهامه باستغلال منصبه وكذالك رئيس الوزراء في جمهورية هنغاريا لأسباب متناهية في البساطة اما علي صالح فقد خرجت الملايين شاهرة سيف الحق بوجهه فاستل لها سيف الباطل , سماهم الخارجين عن القانون ولم يكن في دولته اثرا ماثلا لما يسمى قانونا كنا نعيش في اللاقانون واللانظام منذ خمسين الف سنة ,خرجت الشعوب العربية في مصر وتونس مطالبة بالتحرر من انظمتها الدكتاتورية , اما نحن فخرجنا مطالبين بإيجاد نظام ما , كان يمارس علي صالح دكتاتوريته اثناء الثورة بكل حرفية قتل في يوم واحد خمسين شابا بأعصاب باردة والى ذالك منح قانونا للحصانة من أي ملاحقة قانونية .فماذا يريد اكثر من ذالك ؟

اقبل الامام علي بن ابي طالب وبين يديه ابناه الحسن والحسين وحاجبه قنبر فابتدره ابن ملجم بضربة شجت رأسه وهو يقول الحكم لله ياعلي وليس لك ولأصحابك فقال الامام علي: فزت ورب الكعبة لكنه لما اغشي عليه قال للحسن:لاتقتلوا الرجل فأن انا مت لاتمثلوا به , النفس بالنفس , وان بقيت رأيت رأيي فيه رأيي . لكن المشهد يبدو دراميا وممتعا للغاية في اوراق العواضي فقد دخل علي صالح وبين يديه طارق وعندما اغمي عليه بعد الانفجار كان يقول له :قل للقوات لا ترد انا بخير لكنه عندما عاد من الرياض سليما معافى اصدر عفوا عاما عن كل المتهمين السياسيين الا المتهمين في حادثة النهدين فلا بواكي عليهم .

كان ياسر واحدا من الذين استهدفوا في تلك العملية الجبانة وهو اول ضحية تخرج من المسجد بعد الانفجار كانت ساقه تئن متـأثرة بجروح بالغة وكان يتمنى بل وحاول بترها مرات ومرات لكنه عندما رأى رشاد العليمي يزحف على ظهره ويستنجد فيه لم يتمالك اعصابه وسل على الفور سيفه "جنبيته" ورفع ذراعه ولولا تدخل احد الضباط بمسكه يد الرجل لكانت ساقه المجروحة اول الضحايا,نحن امام فلم هندي ممتاز يا رفاق فهو يحاول ان يقطع ساقه في سبيل انقاذ صديقه ولم لا يفعل وقد قال الله بعباده المؤمنين ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة يعني بمعنى اخر ويقطعون ارجلهم وان كان بها شي من الالم في سبيل من يحبون .

عندما حدث الانفجار كان الرجل المؤمن العواضي على وشك السجود فلم يتغشاه في تلك اللحظة إلا شوقه الى خالقه وسعادته بأن سيلقى ربه ساجدا ,ياسر كغيره من البشر الطيبين لا يحب الموت لكنه وقتئذ لم يخشه انما سارع للسجود ولم تكن بمخيلته وحسه المشترك سوى صور الجنان والمروج الخضراء التي فيها , كان بإمكانه ان يتذكر الحور العين ولكنه نسي بفعل بعض التأثيرات اللامعقولة من مثل اصوات الدخان التي كانت تشبه على حد تعبيره فحيح الافاعي .

لم تخل حكاية صاحبنا من بعض التعبيرات الوجدانية التي تدغدغ المشاعر الانسانية فهاهو يخبرنا بأنه عندما ذهب للصلاة لم يكن قد تناول الافطار بعد كان سيلقى الله ساجدا صائما بالوقت ذاته لكنه جرح تلك اللوحة الفنية الايمانية بقوله انه استيقظ من نومه متأخر وبالطبع فأن المؤمن بطبيعته نشيطا لا يمكن ان يكون نئوم الضحى كما يقال لكن هذه (راحت عليه),واخشى ما اخشاه ان تكون صلاة الفجر ( راحت عليه كمان)

مرة اخرى ما علاقة الظاهر بيبرس بعلي عبد الله صالح بن ابي طالب وما علاقتهما بقطز وما علاقة هذا الاخير بكليب ابن ربيعة ؟

في الواقع احتشدت برأسي مئات الحكايات والأفكار وأنا اتابع ما كتبه العواضي فالحقائق تقود احيانا الى نقيضاتها ,فقطز عندما اغتيل لم يوص بإشعال حرب بعده تماما كما فعل علي عبد الله صالح مثلما يريد ان يفهمنا الاخ ياسر اعني انهما تناقضا بشكل كامل مع كليب ابن ربيعة الذي وصى كما تحدثنا كتب التاريخ بالأخذ بثأره بأي وسيلة كانت هكذا كان علي قطز عبد الله صالح بن ابي طالب ...

 
في الأحد 06 مايو 2012 04:20:53 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=15413