إنقاذ المؤتمر من الحوثيين!
رياض الأحمدي
رياض الأحمدي

ليست القضية هنا ثورة؛ القضية تتعلق بمؤسسات وإمكانيات حزب، حكم لعقود، واستمد قوته من الدولة، ومازال الآن يسيطر على نصف مقاعد الحكومة وأغلبية المسؤولين ومدراء العموم في الوزارات والأجهزة الأمنية والعسكرية، ومع ذلك فهو بحاجة إلى إنقاذ؛ لأنه يلعب مع صديق ثعلب يوشك أن يجهز عليه ويوهمه بالدفاع عنه.

يعتقد البعض أن الحوثيين، وبعبارة أدق: الإماميين، خسروا في اليمن الجديد عندما وضعوا أنفسهم كمعارضة، ووقفوا في معاداة مباشرة مع قوى الثورة المقربة من المستقبل كالتجمع اليمني للإصلاح والمشترك بشكل عام.

 ويبدو هذا من جهة ما صائباً؛ فهم اختصروا على الشعب كثيراً عندما خرجوا من الثورة مدانين. لكن هناك الكثير من الجوانب التي يجب أن ينتبه إليها أيضاً، والتي من شأنها أن تخفف أضرارهم، وتنقذ آلاف المؤتمريين في المدن البعيدة من الثعلب.

الإماميون ليسوا كما نعتقد فقط، إنهم لوبي أكبر من ذلك، ونحتاج لإجابةً للسؤال: هل هم الآن في المعارضة أم في السلطة..؟ مع المبادرة الخليجية أم ضدها؟.. إنهم في كل شيء في المؤتمر، هم الآن المشروع الوحيد أو الأقوى لجسد حزب رئيس انتهى عهده وانتهى مشروعه على الأقل. وهم في المشترك بحزبين هما: “الحق” و”اتحاد القوى” ، وموقعون على المبادرة.

 وهم الآن القوة الأبرز لعائلة حكم سقطت. وهم أيضاً قوة مسلحة تسيطر على أكثر من مدينة وتحكم بالحديد والنار كمعارضة.. وهم أيضاً في المعارضة الاحتياطية عن طريق حزب الأمة.. إنهم في كل شيء يعملون بروح الفريق الواحد والهدف الواحد بجبهات متعددة ولديهم خطوط رجعة للتعامل مع أسوأ الاحتمالات.

رغم ذلك فهم ليسوا أفضل حظاً من السابق، فالثورة جاءت لتكشف أوراقاً كثيرة إلى السطح، وهل كان الحوثيون أو الإماميون كقوة مدانة في الماضي إلا من الأوراق التي نمت واستمدت قوتها من سياسات النظام السابق وضعف الشعب؟ وأحلام الشعب تكبر وتتجه إلى دولة تتعارض مع فكرة “السيد” و”الشعوذة”.. وهناك الإصلاح اقترب من الحكم والحوثيون يعرفون ماذا يعني الإصلاح بالنسبة لهم..؟ لكن الخوف هنا هو لتقليل الأضرار وإنقاذ حزب لم يعد لديه أحلام وقوة تتحالف معه إلا “الحوثي”.

لا داعي لنختلف.. هل هي ثورة أم مؤامرة؟.. نريد مساعدة المؤتمريين وعليهم التفهم.. ليس حباً في المؤتمر ولا في أعضائه، إنما لأن أكثرهم كان ضحية كغيره لمشروع خُدعنا به جميعاً.. ولأن من يقوم الآن بالسيطرة على المؤتمر ليس الشعب ولا المؤتمرون.. إنه مشروع مضاد لمصالح اليمنيين جميعاً وهو المشروع الإمامي.

النتيجة الطبيعية لثورة ضد المؤتمر ولخروج الكثير من القيادات الوطنية منه وانضمامها إلى الثورة كانت أن يحتاج المؤتمر إلى قوة تقف إلى جانبه وتسنده في معارضة المعارضة (أو السلطة).

المهم أن العدو الجاهز للإصلاح والمشروع الجمهوري هو المشروع الإمامي، والمشروع الإمامي - كما أوضحنا - لديه خطوط رجعة مع كل القوى، ولديه مشروعه الخاص البعيد عنهم جميعاً.

إذن، هل يساند الحوثيون المؤتمر أم يسيطرون على إمكانياته؟ أقول على “إمكانياته”؛ لأن لديهم أحزابهم الخاصة ويعرفون أن حزباً حاكماً قامت عليه ثورة ونزل من السلطة لم يعد مطمعاً مستقبلياً، وسيكونون أول من يحتفل بسقوط المؤتمر.. وحينها سيأتون إلى المشترك والنظام الجديد للحصول على مكافأة، ويعتبرون إجهازهم على المؤتمر تكفيراً لذنوبهم بالوقوف ضد الثورة.. وسيكون ذلك بعد أن استغلوا كل إمكانيات المؤتمر التي هي إمكانات الدولة لإسناد صفوفهم الخارجية.

كيف أستطيع إقناع المؤتمريين من قيادات وقواعد من أبناء القبائل والمزارعين أنني الآن أدافع عنهم وعن مصالحهم.. رغم اختلافي معهم ووقوفهم مع علي عبدالله صالح؟.

هذا حزب وهناك عشرات آلاف المستفيدين منه لا ينبغي أن يكونوا مستقبلاً كالأحزاب الحاكمة سابقاً، تم إقصاؤهم من الوظائف وعادوا فقراء إلى بيوتهم.. ستكون البلاد أمام أزمة جديدة لمن تعودوا على الاستفادة من حزب الدولة السابق.. وهم مواطنون يمنيون، ولا يوجد يمني يرضى لأي يمني يعيش ذليلاً، لكن هناك من يجاملهم ويقودهم إلى الخسارة، وهو لا يريد الخير لأحد.

كيف أستطيع إقناع أنصار علي عبدالله صالح أنه الآن يعمل مع أقاربه ضدهم؟.. كثيراً ما كتبنا هذا كشعب واحد متضرر من نظام الفساد، لكن المسألة الآن مختلفة تماماً، وأرجو أن يتفهموا ذلك.. المسألة لم تعد ثورة ولا اتهام لعلي عبدالله صالح بخيانة أنصاره.

كيف يستطيع المؤتمري الوطني تصديق أن رئيس المؤتمر بالإمكان أن يدعم الحوثيين أو يتحالف معهم..؟ الكثير من المؤتمريين العاطفيين لا يريدون الحوثي، لكنهم غير قادرين على تقبل حقيقة صادمة عمن يعتقدون أنه حامي الوطن!..

على افتراض أن علي عبدالله صالح يحب ويريد الوفاء مع كل مواطن صادق أحبه وعمل معه.. هل بالإمكان أن تكون مصالحه الآن مضرة بأنصاره الصادقين؟.

 نعم ذلك بالإمكان.. هو الآن بحاجة لأن يدعم أي جماعة تقف ضد الأحزاب والقوى التي أخرجته من السلطة وظلت على مدار عام في الشوارع تهتف ضده. وهذه القوة الوحيدة هي الحوثي.

هو يعرف أن الحوثي مشروع إمامي غير وطني، لكنه المسألة بالنسبة له، هي أنه بحاجة إلى الثأر لنفسه وتنغيص العهد الجديد وإثبات أن اليمن لا يستقر بدونه ولو تحالف مع الشيطان.

 وتحالفات وثارات علي عبدالله صالح وعائلته هي مجمل مصالحه الجديدة التي تتعارض مع مصالح محبيه وأنصاره الوطنيين الذين مازال المستقبل مفتوحاً أمامهم، وليس من مصلحتهم قطع الكهرباء ولا دعم الحوثيين، كما أنهم لا يستطيعون التصديق بأن من يحبونه يمكن أن يعمل ضدهم..

نعم.. مؤسسات وممتلكات المؤتمر يتم الآن استكمال السيطرة عليها من قبل الإماميين، ومازال لدى الحزب نصف الحكومة يستغلونه.. ولايزال أقارب صالح يسيطرون على أهم الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويقومون بتمكين الحوثيين في المواقع الحساسة في كثير الإدارات والمصالح الحيوية؛ لأنهم يثقون بحقدهم على الإصلاح وعلى الشعب اليمني.. وها نحن نرى الإعلاميين والناشطين الإماميين قد تصدروا معركة التصدي للمشترك.

 وفي لحظة ما سيثبتون أنهم ثوار أكثر من غيرهم من خلال الإجهاز على المؤتمر ونفوذ أقارب صالح في الدولة بعد أن يكونوا استثمروهم جيداً. والمؤتمر وكل قوى الشعب المغلوب على أمره هم ضحية هذا اللوبي السلالي الذي يستغل طيبة الآخرين.
في الإثنين 26 مارس - آذار 2012 05:37:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=14779