عشية اليمن الجديد.. بيان التدشين
رياض الأحمدي
رياض الأحمدي

على هذا التراب نبتت أجسادنا وأحلامنا، وعلى صفحات تاريخه كشفنا أسرار أشواق أكبادنا المتلهفة إلى الفجر.. وفي حلبة الصراع بين واقع العجز المسيطر الذي لا يمت لإرادتنا بشيء، وحلم الشعب الذي يريد لليمن الحياة والعيش بمكانته لائقة ودورٍ جدير... شقت الآمال والآلام والعزائم جلود الأيام لتصبح عملاً واقعاً ونقوشاً عظيمة في الساحات والميادين؛ حبرها حشد الشعب العظيم.

سمها ما شئت!.. تفاعلت الأقدار والرياح والعزائم والمظالم وجراح الكبرياء والأزمات، لتكون ثورة يمنية عظيمة.. بنت سبتمبر وأكتوبر، اجتمع فيها: الشعب والجيش، اليسار واليمين، الحلم والتذمر، الخارج والداخل، المدينة والقبيلة.. إنها ثورة.. كلها تقول: هذا شعب عظيم، لا يقبل بالحياة الدنيئة ولا يريد للعالم إلا كل خير.. وسيذهب الماضي كالدخان، لا نرى له أثراً..

اليوم أصبح اليمن بين أيدينا جميعاً.. لم يعد حكراً على أحد، أصبح الحلم ممكناً، والأهداف التي ناضل لأجلها اليمنيون ستينيات القرن الماضي وقدموا عشرات الآلاف من الشهداء جنوباً وشمالاً، أصبح تحقيقها ممكنا، وأصبح بإمكان أي يمني، أن يحلم.. 

عشية اليمن الجديد، نرفع أيدينا إلى السماء: لك الحمد يا الله.. لقد عبرنا إلى هذا اليوم خلال عام من الثورة على حقول من الأخطار والأهوال. ود أعداؤنا لو نموت جميعاً، واستنفروا استنفاراً، من كل نقطةٍ سوداء في تاريخ الحياة، لملموا شرورهم وأشلاءهم وجاءونا بأقنعة من الزيف والحقد، وها نحن نحتفل ويكاد أحدهم ينفجر غيظاً. يعلمون أن حيثما مصلحة الشعب لا مكان لهم. فلم تشهد الدنيا اجتماع الليل والنهار. فلا نهار إلا بغياب الليل، والعكس.

عشية اليمن الجديد؛ نعلن للتاريخ، أننا عدنا من جديد، وطوينا صفحة سوداء. نعلن للعالم أن الحياة رغم أنفها أصبحت ممكنة.. الأحلام التي في القلوب، الآلام التي أدمت قلوبنا، الهتافات التي انطلقت من حناجرنا، والحشود التي تلملمت في ميادين النضال، الدموع التي سكبناها في الظلام، الدماء التي روينا بها ترابنا، الأجساد الطاهرة التي غرسناها قرباناً لليمن الحلمْ.. كلها استجاب لها التاريخ، وها نحن نصنعه بأيدينا.. وكان أول قرار أصدرناه هو إخراج من حاولوا مصادرتنا، وعاثوا بأرضنا إلى مزابل التاريخ..

عشية اليمن الجديد، نهتف "يا فجر ما أجملك".. ما أجمل فجرنا ونحن صف واحد، ما أجمل أيامنا ونحن نرى هذا التغربل الذي يكشف الحق من الباطل، الصديق من العدو.. ما أعجز الحروف وهي تكتب في يوم قد لا يتكرر..

عشية اليمن الجديد، نعلن للتاريخ أننا عبرنا إلى هذا اليوم، وأنجزنا خطوة في طريق حلمنا، لا تراجع، لا مهادنة، نريد بلدنا الحلم. نريد أن نعيش حياة كريمة. لن تقف أمامنا المشاريع الصغيرة لتكشف عن نفسها، وتذهب بمجرد الانكشاف.. نقدم عظيم التحايا لهذا الشعب العظيم، وللشهداء المجد والخلود، ولكل رجاله المخلصين تحية وطنية عظيمة.. والله ولي التوفيق.

"هذه الأرض التي سرنا على صهوات العز فيها وأتينا

وملكنا فوقها أقدارنا، ونواصيها فشئنا وأبينا

أبداً لن تنتهي فيها انتصاراتنا إلا اذا نحن انتهينا"

(الفضول)


في الثلاثاء 21 فبراير-شباط 2012 11:07:23 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=13949