|
الصدامات التي حدثت عصر الجمعة الماضية بين شباب الثورة وشباب الحراك الجنوبي وكان جزء من الشارع الرئيسي بالمعلا (شارع مدرم) بمدينة عدن شاهداً على أحداثها وفصولها، وعلى الحقيقة التي تاهت في زحمة الاتهامات التي تبادلها الطرفين، تلك الصدامات لم تكن مفاجئة، هي نتاج طبيعي للتوتر الذي ساد علاقة تلك الأطراف، وما شهدته من تصعيد إعلامي وجماهيري ساد المشهد منذ فترة، في ظل غياب دور واضح للعقلاء من الطرفين. ما حدث فعل مدان ومرفوض اياً كان سببه ومن كان المتسبب فيه، لأنه بحد ذاته مؤشر خطير لقادم سيء، إذا لم يتم تدارك الأمور ووضع حداً لها، وعلى شباب الثورة ان يعوا ان ثورتهم ليست في مواجهة القضية الجنوبية وحراكها السلمي، كما على قيادات ونشطاء الحراك الجنوبي ان يصححوا الفهم المغلوط الذي روّج له البعض بأن ثورة الشباب خطراً داهم على القضية الجنوبية.
ليس من حق أي طرف احتكار الفعل الثوري لنفسه وتجريد الآخر منه وتسفيه ما يقوم به والانتقاص منه تحت أي ذريعة او مبرر، كما لا يملك أي طرف وصاية على المكان او الزمان، إلا أن الجميع يملك "عقل" يستطيع من خلال استخدامه "درء المفسدة" وهي المقدمة على جلب المصالح المتوقع تحقيقها. المضحك المبكي ان العقل تم تعطيله، و "الجنان" هو الآخر لم يعد يخارج، والبحث عن أداة ثالثة وسط كومة الأخطاء البشرية المتعمدة بات ضرباً من ضروب الخيال، وفعلاً عبثي غير مجد.
المشكلة القائمة ان هناك تغييب للعقل، لمصلحة الكسب السياسي، وان جاء هذا الكسب على حساب دماء تراق هنا او هناك دون ثمن او نتيجة نستطيع من خلالها الاعتقاد بان تلك الدماء لم تذهب هدراً.
المشهد السياسي في الجنوب تطل من شرفاته تحذيرات جمة، كما تقرع أصوات الجرس بصورة يومية محذرة من قادم ربما يعيد إنتاج احد فصول الماضي غير الجميل.
على الجميع التسليم بأن "الجنوب لكل وبكل ابنائه" إذ انه لم يعد طرف ما يملك أدوات الإقصاء، او مقدرات القوة التي يمكن ان يستند اليها للإنفراد بالقرار وتقرير مصير هذا الشعب بمعزل عن التشاركية الشعبية والسياسية.
ايضاً على الجميع الإعتراف بأن هناك تزايد ملحوظ للاعبين على ملعب الجنوب، وكل لاعب يملك أجندة خاصة لخدمة أهداف تتعارض مع الآخر، وبين هؤلاء اللاعبين استطاعت "قوى مضادة" ان تعمل على تلك التناقضات وتمرر مشاريعها، وما حدث يوم الجمعة الماضي ان "عاد شي عقل" لم يكن أطرافه شباب الحراك وشباب الثورة فقط، فهناك أطراف أخرى لعبت لعبتها، واستغلت حالة التصعيد بين الطرفين وسجلت أهدافاً في مرمى كل طرف ومضت لحال سبيلها.
الوضع الأمني في عدن يسوء بصورة يومية، وعملية "التسليح" المنظم تنتشر كالنار في الهشيم، ويتكاثر القائمون عليها – وان اختلفت أهدافهم- إلا أنهم في النهاية يلتقون عند "مفترق" الانفلات الأمني و"نقطة" الفوضى، وتفتيت النسيج الاجتماعي والسياسي داخل المدينة فهل تعي أطراف العملية الثورية في الجنوب هذه الحقيقة وتعمل على تفويت الفرصة أمام هؤلاء وسد جميع المنافذ المؤدية إلى الصراع والدماء؟ والبحث عن نقاط التقاء وتقارب وتفاهم على طريق حق الشعب في الجنوب في تقرير مصيره دون وصاية من زيد او عمرو؟!
في الأربعاء 08 فبراير-شباط 2012 07:05:34 م