اليمن.. وصراع الإرادات
علي السيد
علي السيد

عاش اليمنيون طيلة 33عاما تحت وطأة الظلم والتجبر من قبل نظام دكتاتوري دموي مرتهن للخارج .. وفي نفس الوقت انتهج هذا النظام سياسة القمع والتسلط والاستبداد بحق أبناء شعبة سواء في الشمال أو في الجنوب .. ومن ثم حاول أن يقحم البلاد في أتون حرب أهلية فغذى الصراعات القبلية والمذهبية .. وتحولت اليمن إلى مسرح حرب أهلية يقودها النظام ضد الشعب لما من شأنه إشغال الشعب اليمني وإغراقه في هذه المشاكل والصراعات الداخلية .. لكي يتسنى له بعد ذلك أن يبقى في سدة الحكم وان لا يرى اليمنيون أفعاله القبيحة والمفسدة .. والتي هي في الأساس أعمال شيطانية تدلل على أن هؤلاء كانوا يبنون أنفسهم وأرصدتهم ولم يكفهم ذلك بل قاموا باختزال المؤسسات العسكرية والمدنية والحزبية لما تقتضيه مصالحهم الشخصية .. فنهبوا أموال الشعب ومقدراته واستحوذوا على كل ثرواته ومخرجاته ..

فهؤلاء هم من يتشدقون باسم الديمقراطية وأنهم من بنو نهضة اليمن الجديد واخرجوا الشعب من واقعه المظلم والحياة التعيسة التي كانوا يعيشونها في العقود الماضية التي كانت تحكم اليمن قبل \"مملكة آل الأحمر \" الأسرة الحاكمة التي عرفت في اليمن بأنها أسرة وزعت عليها المناصب والوزارات وكان لهم النصيب الأوفر في الحكم وبناء هذه المملكة على حساب الشعب اليمني ومقدراته .. فيا ترى هل الأسرة الحاكمة في اليمن \"آل الأحمر\" تستغفل اليمنيين أو تتجاهلهم ؟؟ .. وهل ما قامت به هذه الأسرة طيلة 33عام بحق أبناء الشعب اليمني من ظلم وجبروت وتغطرس وإثخان القتل فيهم سيمرر لهم بسهوله وسيغفر لهم التاريخ ما اقترفته أياديهم الظالمة والعميلة ؟؟..

ندرك جميعا أن تركيبة النظام اليمني التي بنيت على أسس العمالة الواضحة للأمريكان سيما المنظومات العسكرية التي يتبجح بها الأمريكيون ويتحدثون بصراحة أنهم بنو هذه المنظومات بتقنيات حديثة وتدريبات متطورة فهي تابعة لهم وفي نفس الوقت النظام اليمني وتركيبته الأسرية المعروفة انه نظام دكتاتوري اسري بحت .. فالقيادات العسكرية لهم وكذلك الحزبية لهم أيضا فمعروف عن الحزبية في اليمن أو كما يسمونها التعددية السياسية والحزبية أنها مختزله أيضا من قبلهم فعلي عبدالله صالح يترأس حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح يرأسه الشيخ / عبدالله بن حسين الأحمر ويخلفه الآن ابنه حميد الأحمر وكذلك مجلس النواب كان يرأسه عبدالله بن حسين الأحمر والآن يخلفه ابنه حمير الأحمر فما ابقوا للشعب شيء اخذوا كل شيء واستحوذوا عليه وكذلك اللواء علي محسن الأحمر اخذ قيادة المنطقة الشمالية الغربية وابنه محمد علي محسن الأحمر قيادة المنطقة الجنوبية الشرقية ومحمد صالح الأحمر قيادة القوات الجوية وعلي صالح يتسنم مناصب غير كونه رئيس وكذلك ابنه احمد علي عبدالله صالح قيادة الحرس الجمهوري وابن أخ الرئيس يحي محمد عبدالله صالح قيادة الأمن المركزي وأخيه طارق محمد عبدالله صالح قيادة الحرس الخاص ...الخ

هنا يحق لنا كيمنيين أن نتسأل لماذا هذه الأسرة أثقلت كاهل الشعب وامتصت ثرواته وأثخنوا القتل بحق أبنائه وحكموا البلاد بالنار والحديد ؟؟

كما أن النظام اليمني أشعل فتيل الحرب في عام 94م على الجنوب واستخدم خلالها كل الأوراق والأساليب الماكرة والشيطانية التي يمتاز بها هذا النظام الدموي .. وفي نفس الوقت كان قائد الحملة العسكرية على أبناء الجنوب اللواء علي محسن الأحمر يردف هذه الحملة الظالمة فتوى ومرشدين تابعين لحزب الإصلاح وعلى رئسهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي أفتى بالجهاد ضد الجنوبيين وفتاويه لا زالت إلى اليوم ولا ينكرها احد وكذلك الشيخ عبدالله الأحمر و أولادة من جانبهم تجميع القبائل المرتزقة وإرسالهم إلى الجنوب لنهب وسرقة أبناء الشعب اليمني في الجنوب هكذا اقتصرت الأدوار على عصابة العملاء والظالمين \"آل الأحمر\" في هذه الحرب ..فكانت الذريعة \" انفصاليين\" فصار ضحية هذه الحرب الآلاف القتلى والمصابين ودمرت البيوت ونهبت ما تبقى منها .. فتحولت الجنوب إلى منطقة مستعمرة من قبل هذا النظام الأسري العميل ..

وبعد انتهاء حرب الجنوب تقاسموا الأراضي والثروات في الجنوب بين هذه الأسرة \"آل الأحمر\" كلا على دورة ومنصبه .. وأصبح المواطن الجنوبي ضحية لهذا الظلم والجبروت والاستبداد .. فتحرك الإصلاح وانتشر في الجنوب لنشر الدعوة السلفية وإرغام الجنوبيون اعتناق مذهبهم الوهابي التكفيري .. الذي من أولوياته الدعوة إلى طاعة ولي الأمر وانه لا يجوز مخالفته ..

هنا بعد ما أن انتهوا من تقسيم الكعكة في الجنوب تحولوا إلى الشمال ففي أوائل 2004م تحرك النظام صوب المناطق الشمالية بكل أبواقه الإعلامية والحزبية والعسكرية ليمارس نفس الدور الذي قام به في الجنوب من قتل وتشريد ونهب ففي الشمال المشهد يختلف عما في الجنوب فالسلطة صورة للعالم وللناس أن الحوثيون متمردون وخارجين على الشرعية الدستورية حسب قولهم وبالتالي أبناء المناطق الشمالية تحركوا بطريقة حضارية في التعبير عن استيائهم للسياسة الأمريكية والموقف الأمريكي تجاه الشعوب العربية والإسلامية .. فتمثل موقفهم في ترديد شعار \" الله اكبر .. الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل .. اللعنة على اليهود .. النصر للإسلام \" وكذلك مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية ودعوة الناس إلى الرجوع إلى القران الكريم واعتباره المنهج والحل في إخراج الأمة الإسلامية من وقعها المظلم والمزري ..

فبعد ذلك كثف الرئيس علي عبدالله صالح زياراته إلى واشنطن والتقاء بالقيادات الأمريكية ليخبرهم بما يقوم به السيد / حسين بدرالدين الحوثي من نشاط ثقافي يناهض الولايات المتحدة الأمريكية وينتقد سياستها العمياء التي تنتهجها في العالم بأسره وبالأخص في الدول العربية والإسلامية ..

اخذ النظام في اليمن الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية لشن الحرب على أبناء المناطق الشمالية تحت غطى دولي وتكتيم إعلامي رهيب ودعم لوجستي كبير .. ومن ثم تحرك النظام بكل تركيبته وأركانه في العزم على خوض المعركة وتحركوا بكل إمكاناتهم الإعلامية والعسكرية والفتوى الشرعية التي تشرعن للنظام الحرب ضد المواطنين في الشمال فكانت الذريعة \" متمردين \" على الشرعية الأسرية فدارت رحى الحرب في الشمال وكان قائد الحملة العسكرية اللواء علي محسن الأحمر يد النظام الضاربة والإجرامية الدموية .. وكذلك بروز موقف حزب الإصلاح المرادف للنظام في الاصطفاف والتخندق معه ضد ما يسمونه \"الروافض\" فأطلقوا الفتوى التكفيرية ودعوا إلى القتال واجتثاث هؤلاء الروافض .. وفي نفس الوقت الشيخ عبدالله الأحمر و أولادة يقومون بدعوة القبائل للمشاركة في الحرب وعرفوا باسم \"البشمركه\" أو الجيش الشعبي الذي تزعمه حسين الأحمر .. فقتل خلال الحرب الآلاف من المواطنين وجرح آخرين ودمرت البيوت ونهبت المزارع وحولوا المناطق الشمالية إلى أطلال ودمار فادح ..

هنا لم يستسلم لهم أبناء المناطق الشمالية فدافعوا عن أنفسهم ولقنوا المعتدين دروس في الهزائم خلال ست سنوات في ست جولات من الحروب الضروس التي أكلت الأخضر واليابس .. لن يكتفي النظام وأزلامه من تحريض السعودية وتخويفها من الحوثيين ليقحموها بعد ذلك في الحرب المعروفة بالحرب السادسة وبعد أن فشل الجيش السعودي واليمني من حسم المعركة تدخل الأمريكيون مباشرة في الحرب وشنوا عمليات جوية سميت بالعمليات الدقيقة والمضبوطة حسب ما تحدثت به دراسة راند الأمريكية .. والتي كشفت التدخل السافر على أبناء المناطق الشمالية في اليمن فكان ضحية الحرب السادسة من المواطنين العزل ألف قتيل وكثير من الجرحى والمعاقين جراء القصف الجوي الأمريكي السعودي اليمني المشترك .. فهذا ما يتباهى به \"آل الأحمر\" في تاريخهم وسجلهم الحافل بقتل اليمنيين وارتكاب أبشع المجازر بحقهم وانتهاك واضح للحقوق الإنسان والكرامة والحقوق التي كفلها الدستور الإلهي وتردد الكثير من آيات القران الكريم ..

ومن الملحوظ أيضا أن احتقانات كبيرة وانشراح واضح بداء يفكك أسرة آل الأحمر حين تردت أخبار أن علي صالح يريد أن يورث الرئاسة لابنه احمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري ..هنا بدأت مؤشرات صراع الإرادات في الأسرة الحاكمة \"آل الأحمر\" لا نتعاضهم الكبير من أن يخلف احمد والدة .. فبدا كل طرف يهاجم الطرف الآخر ويحاول أن يكسب أي ورقة أو تحالف قبلي أو سياسي لكي يحقق بعد ذلك مكاسب سياسية في المستقبل ..

لكن الله يمهل ولا يهمل فعصر الطغاة والجبابرة والعملاء لليهود بدأ يقترب فهذا الزمن هو زمن الشعوب المستضعفة الواعية التي تسعى إلى إسقاط هؤلاء العملاء والجبابرة فما يعرف بالربيع العربي والثورات والصحوة الإسلامية فاجأت هؤلاء الزعماء وهذه الأسر الحاكمة .. وأقضت مضاجعهم وباتت تشكل عليهم عبئا كبيرا .. وفي نفس الوقت أزعجت أمريكا وإسرائيل ودول الاستكبار العالمي لأنهم يعرفون أن الشعوب المستضعفة الواعية ستسقط عملائهم ومشاريعهم الشيطانية في المنطقة ككل ...

فبعد نجاح ثورة تونس ومصر تحرك الشعب اليمني نحو التغيير بإرادة صلبه وعزيمة قوية .. وخرج إلى الشوارع ليهتف ارحلوا أيها الظالمون فكان الغضب الشعبي مسيطرا على الشوارع والمدن اليمنية في الشمال والجنوب .. وكان السخط الشعبي على النظام وعلى أمريكا كبيرا .. في المقابل واجه النظام الشعب بالقوة والقمع والقتل لكي ينحني الشعب عما يطلبه وخرج لآجلة .. فالثورة الشعبية كانت قوية وناجحة هزت عرش النظام وأزلامه فكانت كفيلة بإسقاطه في أول وهلة للثورة فجمعة الكرامة وما حصل في تعز كان خير دليل على بداية السقوط المدوي لهذه الأسرة \"أل الأحمر\" لولا بعض الإرهاصات والمعوقات التي واجهت هذه الثورة الشعبية ..

هنا تجلى التدخل الأمريكي السعودي المرادف للنظام طيلة 33عام وهو يخدم المشروع الأمريكي مثله كغيره من الزعماء العرب عملاء أمريكا .. فسقوط مبارك وابن علي شكل عليهم عبئ كبير وتلخبطت أوراقهم فهم لا يريدون أن يفقد علي صالح كما فقدوا غيره من عملائهم .. ومن ثم تحركت أمريكا بحفاوة وجد وأعدت الخطط والمؤامرات لإحباط الثورة واحراف مسارها الصحيح ..

في المقابل إعلان اللواء علي محسن الأحمر تأييده للثورة وحمايته المعتصمين وكذلك حزب الإصلاح الذي يتزعمه حميد الأحمر فيعلن تأييده أيضا للثورة الشعبية .. وكذلك بعض المنشقين من المؤسسات العسكرية والحزبية ليحولوا بعد ذلك الثورة السلمية إلى صراع مسلح ومليشيات مسلحة وصراع إرادات وتصفية حسابات .. لما من شأنه الالتفاف على الثورة واحراف مسارها الصحيح ومن ثم تتدخل أمريكا بين الطرفين المتنازعين وتقول لا بد من حلحلت الأزمة السياسية وليكن هناك وفاق ومحاصصة الحقب الوزارية والحكومة ولنعد إلى المربع الأول فنحن اليمنيون لم نستفد شيء سرقوا الثورة وحولها إلى صالحهم وتزعموها أركان النظام الذي خرج الشعب اليمني يهتف ضده ويطالب بإسقاطه ..

فيا سبحان الله كيف أصبحت الأمور وتقلبت الأوضاع فمن كانوا أركان النظام بل النظام نفسه يتحول إلى ثوري وحر ويتزعم قيادة الثورة .. وفي المقابل من اكتوى بنيران النظام في الشمال والجنوب تتنكر لهم الثورة وأصبحوا حلفاء للنظام للمواجهة وعرقلة الثورة هذا والله انه من خبث اليهود ومن صنائعهم الماكرة والشيطانية في تلبيس الباطل بلباس الحق وتقديمه للناس كحق واحرافهم عن الحق وأصحاب الحق الحقيقيون ..

ولكن نقول لهم مهما تأمرتم فلن تستطيعوا أن تحجبوا الحقيقة على الشعب اليمني لأنه بات يعرف الخطر المحدق به ويعرف المتآمرون على الثورة حتى وان قدم نفسه انه وطني وأعلن تأييده للثورة الشعبية .. فالشعب اليمني قد سئم هؤلاء طيلة 33عام فلابد من إسقاطهم جميعا وإسقاط المشروع الأمريكي الإسرائيلي الاستعماري في اليمن لان الشعب بات يدرك الخطر الكبير من أعداء الإسلام والقران ونبي الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ..

عليهم أن يدركوا جميعا أن الثورة الشعبية في اليمن ستنتصر بأذن الله الواحد المقتدر شاءوا أم أبوا فهذه سنة الله في أرضه فلن تجد لسنة الله تبديلا ..


في الجمعة 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 08:22:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=12381