سفينة القراصنة
فيصل علي
فيصل علي

لك الله يا يمن ولك الله يا شعبا اراد الخروج من التبعية للقرصان المأزوم الذي حول اليمن الى سفينة للقراصنة الراغبين في قتل كل ما هو جميل وتدمير ما ابقت عليه القرون من حضارة وفن وبشر يكابدون لاجل اليمن. بعد تسعة اشهر من ثورة التغيير السلمية يحاول القرصان خلط الاوراق واعادة ترتيب الصفوف التي تعادي الثورة وتجميعهم في بؤر متقاربة في مختلف المحافظات التي مازال يملك فيها اياد عابثة ليحولهم الى معسكرا واحدا ،وعندما ينجح في ذلك سيعلن الحرب وفقا لسياسات الواقع التي لا تعترف سوى بما هو مفروض على الارض ،وهنا سيجد اللاعبين الدوليين يصفقون له مرة اخرى برافو صالح عفارم عفاش .. ففي صنعاء وجههم الى السائلة يتجمعون ليرفعوا شعارات طبخت على عينه واهمها "يرحلوا جميعا" وفي تعز ينادي مناديهم بانا مستقلون ويا ثوار اخلعوا وتخلوا عن المعارضة وجيش الثورة وتخلوا عن فلان وعلان.. وفي صعدة عمران الجوف حجة وحتى المحويت هناك من يقول هذه لنا من دون بني قحطان ، في الخارج هناك من ينادي بـ"ارحلوا يا جن" مقابل فتات وتعينات في سفارات اليمن التي تشبه السماسر الخاربة ،والتي لا تؤي اليها سوى العناكب والوطاويط .. وهكذا تستمر حكاية خلط الاوراق حتى يُرهق الثوار ويعيدهم الى مربع الصفر .

في حديثه الى 24 الفرنسية يردد صالح عبارات قالها من قبله جيراليد فايرستاين عمدة اميركا في صنعاء في احاديثه للصحافة عن الالية وتزمينها وصراعا بين الطرفين .. فان تفهمنا موقف صالح دفاعا عن العائلة بعدما خلعه شعبه عن السلطة الى الابد هو وكل ذويه واقاربه فلسنا مستعدين لتفهم موقف العمدة الامريكي الذي يظن نفسه حاكما لليمن من سعوان عبر الورقة الامنية والتي حتى ان تفهمنها لكنها ليست بتلك الاهمية القصوى.. فماذا تعني لنا مصالح اميركا وامنها ونحن نرى القرصان ونشاهد قواته تقتل الثوار وتحرقهم في خيامهم ، وهنا يغمض جيرالد عينيه ويقول صراعا بين طرفين ويجب محاسبة طرفي النزاع .. كيف غابت هذه الثورة عن الاميركي الاشقر ذي العنيين الخضراويين والذي يذكرنا باحفاد رسول الله القادمين في القرن السادس عشر من على ضفاف طبرية.. ربما يكون هو الاخر ابنا للرسول لكنه يخفي ذلك خشية تاجيج الصراع الطائفي الذي يغذيه في شمال الشمال حيث كانت سفن بلده تسمح بتهريب الاسلحة عبر باب المندب واسمرة الى المتمردين الذين يميتيون امريكا واسرائيل في كل شعاراتهم ويحيونهما تارة اخرى عندما يتلذذون بقتل ابناء ابين والضالع وتعز وذمار ويقدمونهم كقرابين على طريق اخر المخلصين الذي اوشك زمانه على التجلي.

فايرستاين بكى عندما وصل الثوار الى جولة كنتاكي وصاح اوقفوا المسيرة وكانها ستصل الى البيت الابيض او ول ستريت، وهدد بعدم الاعتراف بشرعية هذه الثورة اذا استمر الثوار بالتقدم نحو السبعين.. هو ايضا عرض وقلل من مهمة المبعوث الاممي بن عمر وقال: "هناك سوء فهم في الاعتقاد بأن جمال بن عمر جلب أفكارا إلى اليمن" فهو بصريح العبارة يمثل بلده التي تركن العالم جانبا وتتصرف بمفردها كيفما تشاء وبعد ان تنهي علمها تشاور العالم العاجز عن تحريك اصبعه بلا او نعم ، انه القطب الاوحد في غابة العولمة الجديدة التي مكنت راعي البقر من السير وسط الحقول منفردا.

من حق سفير اميركا في صنعاء ان يبحث عن مصالح بلده لكن عندما تتعارض هذه المصالح مع دماء اليمنيين فاننا نقول اللعنة عليه وعلى بلده الحقيرة التي لا تنظر الا الى الفوائد والارباح التي ستجنيها الشركات العابرة للقارات.

السفير يرى ان الحل بيده هو وحده لا شريك له ،لذا فهو يحبذ ان لو استقاموا على الطريقة واتوا اليه مذعنين وقالوا انت ربنا الاعلى.. هناك فقط سيرضى ويقول على الطرفين ان يبداوا جولة جديدة من الحوار ،وتستمر حكاية الحوار والحوار الاخر الى ان تنهار اسنان العجوز فايرستاين وهو يقضم خيرات باب المندب ويسيطر على اهم ممر مائي على وجه الارض.. حينها سيدرك الثوار انهم راوا في امريكا مصدرا للحرية والديمقراطية والمدنية وهي في حقيقتها ليست سوى قوحطي " دودة خضراء تاكل اوراق الشجر" ياكل ويتبرز في نفس المكان.


في الجمعة 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 03:59:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=12379