بطالة إبليس
عمار الزريقي
عمار الزريقي

تَثَاءَبَ مَخْذُولاً عَلَى هَامِشِ النّجْوَى

كَمَا يَقْرَأُ النّسْيَانُ ظَرْفاً بلا فَحْوَى

وَأَطْلَقَ مِنْ أَقْصَى أَقَاصِيْهِ زَفْرَةً :

لَقَدْ أَوْرَثَتْنِي عَيْلَةً مِهْنَةُ الإغْوَا

أُفَتّشُ إِنْسَانِيّةَ النّاسِ ذَاهِلاً

فَأَلْقَى فُؤَادِي وَحْدَهُ سِدْرَةَ التّقْوَى

شَيَاطِينُ هَذِي الأرْضِ قَطْعاً تَفَوّقُوا

وصَارَ وُجُودِي بَيْنَهُمْ فَاقِدَ الجَدْوَى

أَلِيْ بَيْنَهُمْ شُغْلٌ؟! هُرَاءٌ، وَظِيْفَتِي

غَدَتْ في مَهَبّ الرّيحِ ، ما هَذِهِ البَلْوَى؟ !

تَطَوّرَ مَفْهُومُ الغِوَايَةِ هَاهُنا

فَأَيْقَنْتُ أَنّي لَمْ أَعُدْ بَيْنَكُمْ كُفْوَا

وأَصْبَحَ عِلْماً مَارِقاً عَنْ أُصُولِهِ

بِآلِيّةٍ أَهْدَى ونازِيّةٍ أَهْوَى

وشَرْعِيّةٍ ما حَازَ إِبْلِيسُ مِثْلَهَا

ولا راقَبَتْ يَوْماً صَنادِيقَهَا حَوّا

******

أَنَا حَائِرٌ مِنْ أَيّ وَجْهٍ سَأَبْتَدِي

وأَيّ قُوَى الطّغْيَانِ يَسْتَضْعِفُ الأَقْوَى؟

وأَيّ مَعَانِي الرّشْدِ أَهْدَى ضَلالةً

وأَيّ جِهَاتِ الغَيّ مِنْ أَيّهَا أَغْوَى؟

****

سَأَقْصُدُ هَذَا الدّارَ ذَا القُبّةِ الّتِي

تَكَادُ تَقُدّ الضّوْءَ أَحْجَارَهَا زَهْوا

إِلَيْهِ فُضُولِي كَانَ يَقْتَادُ خُطْوَتِي

وطَيْفُ يَقِيْنٍ فِيّ يَسْتَثْقِلُ الخَطْوَا

هُنا مَجْلِسُ النّوّابِ ، عِمْتُمْ ضُحَىً، أَنَا

رَسُولُ النّوَايَا البِيْضِ مِنْ هَيْئَةِ الطّغْوَى

تَفَضّلْ ، وكَانُوا دُوْنَ تِسْعِينَ شَارِباً

ثِخَاناً، ووَحْدِي كُنْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ نِضْوَا

وأَطْرَقْتُ حَتّى حاصَرَتْنِي بِمَقْعَدِي

وُجُوهٌ مِنْ الإسْفَلْتِ تُغْوِي ولا تُغْوَى

وقَدْ هَالَنِي مِعْشَارُ ما في ضَمِيْرِهِمْ

مِنْ الزّورِ والتّضْلِيلِ والإثْمِ والعُدْوا ...

تَخَشّبَ في حَلْقِي لِسِانِي ، ومَنْطِقِي

لأوّلِ يَوْمٍ صَارَ يَسْتَحْسِنُ الّلغْوَا

لأنّ أَكَادِيْمِيّتِي في مَقَامِهِمْ

غُثَاءٌ قَدِيمٌ في مِلَفّاتِهِ أَحْوَى

فَأَمْسَكْتُ عُكّازِي وأَزْمَعْتُ خَارِجَاً

وواللهِ مَا أَدْلَيْتُ في بِئْرِهِمْ دَلْوَا

****

سَأَطْرُقُ أَبْوَاباً وأَطْوِي شَوَارِعاً

وأَتْرُكُ هَذَا البَحْرَ في غَزْوَتِي رَهْوَا

وإِنْ كَانَ لا يَبْدو لِيَ الأَمْرُ مُقْنِعاً

فَإِفْسَادُ خَلْقِ اللهِ لِيْ غَايَةٌ قُصْوَى

وفِيْ جَوْفِ مُسْتَشْفَى الطّوَارِيْ وَجَدْتُ مَا

يَشِيْبُ لَهُ الوِلْدَانُ مِنْ أَبْشَعِ الأَدْوَا

زَبَائِنُهُ المَرْضَى يَمُوتُونَ عُسْرَةً

ومُخْتَبَرَاتٌ فَيْهِ تَسْتَثْمِرُ العَدْوَى

وعِنْدَ القَضَاءِ الحُرّ أَلْفَيْتُ قَاضِياً

بـ(2000) يَقْضِي دُوْنَ أَنْ يَسْمَعَ الدّعْوَى

 

****

تَوَجّهْتُ نَحْوَ القَصْرِ أَجْتَرّ خَيْبَتِي

أَنُوْءُ بِأَسْفَارِي وَأَجْأَرُ بِالشّكْوَى

عَسَى هَاهُنَا أَنْ يَقْضِيَ اللهُ حَاجَتِي

وَأَظْفَرَ بِالمَطْلُوبِ في آخِرِ المَثْوَى

فَأَبْصَرْتُ كَهْلاً رَأْسُهُ عِنْدَ فَخْذِهِ

وَعَيْنَاهُ تَبْتَزّانِ زُوّارَهُ عَدْوَا

يَصِيحُ بِأَعْلَى الصّوْتِ إنّي إِلَهُكُمْ

ويَضْرِبُ طَبْلاً وَهْوَ مِنْ طَبْلِهِ أَخْوَى

فَخَامَتُهُ مَثْقُوبَةٌ مِنْ قَذَالِهَا

وأَهْدَابُهُ في الصّحْوِ لا تَعْرِفُ الصّحْوَا

يَصُبّ كُئُوساً مِنْ دِمَاءٍ ويَحْتَسِي

ومِنْ حَوْلِهِ حَشْدٌ مِنَ الأُمّةِ النّشْوَى

****

سَأَقْصُدُ سُوقاً خَامِسَاً عَلّ سِلْعَتِي

تَرُوجُ وأَلْقَى بَعْدَهَا المَنّ والسّلْوَى

هُنَا مَجْلِسُ الشّورَى ، صَبِيٌّ أَشَارَ لِيْ

يَسَاراً، تَرَى مِنْ خَلْفِ أَسْوَارِهِ بَهْوَا

أَلا تَبّ هَذا الدّارُ قَصْدَاً دَخَلْتُهُ

فَأَخْرَجَنِي فِي فَرْثِ أَحْشَائِهِ عَفْوَا

خَرَجْتُ ورَأْسِي دُونَ رَأْسِي، ولِحْيَتِي

مُمَرّغَةٌ في لَحْظَةٍ تُشْبِهُ الفَسْوَا

وفي جَبْهَتِي آثَارُ رَفْسٍ وفي فَمِي،

وذاكِرَتِي كَالأَرْضِ مَدْحُوّّةٌ دَحْوَا

****

إِلَى الهَيْكَلِ الصّخْرِيّ هَذا الّذِي أَرَى

أَمَامِي لَعَلِّي عِنْدَهُ أَبْلُغُ الرّجْوَى

سَأَسْأَلُ ذَا الشّرْطِيّ مَا هَذِه البُنَى؟

- قِيَادَةُ أُمِّ الجَيْشِ في ذَلِكَ المَحْوَى

وفَاجَأَنِي أَدْهَى لُصُوصٍ عَرَفْتُهُمْ

مِنَ القَائِدِ الأَعْلَى إِلَى الحَارِسِ البَوّا ...

فَقَدْ فَتّشُوا أَخْفَى مَسَامِي وَأَوْغَلُوا

بِسِرْوَالِيَ السِّرِّيِ واسْتَمْرَأُوا السّطْوَا

وقَدْ كَسّرُوا نَظّارَتِي ثُمّ قَرّرُوا

خُرُوجِي عَلَى آثَارِ أَقْدَامِهِمْ حَبْوَا

وبَعْدَ اعْتِقَالِي وَظّفُونِي مُراسِلاً

أَقُصّ إِلَى بِلْقِيْسَ عَنْ مَا نَوَتْ أَرْوَى

****

أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ مِنْ آدَمِيّةٍ

رَمَتْ تَحْتَ عَيْنِ الشّمْسِ أَخْلاقَهَا سَهْوَا

ومِنْ شَرِّ حُكّامٍ غِلاظٍ بِلا هُدَىً

يَثُورُونَ مِنْ أَعْلَى وَيُرْدُونَ بِالفَتْوَى

أَمَا هَذِه الأَرْضُ الّتِي قِيْلَ إِنّهَا

قَدِيْمَاً حَوَتْ فِي سَفْحِهَا جَنّةَ المَأْوَى؟

فَمِنْ أَيِّ بَابٍ جَاءَهَا رِيْحُ نَحْسِهَا

لِيَرْكُضَ فِيْهَا المَوْتُ كَالنّاقَةِ العَشْوَا

إِذَا (بَنْشَرَ) القَانُونُ فِي أَيِّ دَوْلَةٍ

هَوَتْ واسْتَبَدّتْ بَعْدَهُ سَطْوَةُ الأَهْوَا

*******

صنعاء -11 / أكتوبر 2011


في الخميس 13 أكتوبر-تشرين الأول 2011 01:45:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=11942