الولايات المتحدة الامريكية بين المبادئ والمصالح
المستشار / حمزة صالح مقبل

مأرب برس – أمريكا – خاص

كلنا يعرف ان الولايات المتحدة الامريكية حاليا صارت تتصدر التحالف الدولي في الحرب العالمية لمكافحة الارهاب والفساد وتبني عدد من الاصلاحات السياسية والاقتصادية كدعم الديمقراطية وقيم الحرية والتعليم والصحة والمرأه وغيرها في عدد من بلدان العالم

وبهذا الخصوص تثار عدد من الاسئله و الاستفسارات والتحليلات بين مؤيد ومعارض ومصدق ومشكك في تلك النوايا لكن مايبدو ان الولايات المتحدة في سياستها لاتغلب المصالح على المبادئ ولا المبادئ على المصالح حيث لوحظ ان الهدف السامي هوا ايج اد عالم خالي من الصراعات والدمار والظلم والفقر والجهل ,مجمتع يعيش فيه الجميع في امان ورخاء ومع كل ذلك فان هذا التصرف المبدئي الانساني يخفي وراءه حافز او دافع مصلحي .لان هذا البلد الذي وصل الى درجة عالية من التطور صار اشبه مايكون برجل متعلم غني يملك بيت فاخرا واموال وسيارات وعقارات واولاده خريجي جامعات لكنه يشعر ان حياته في اطار المدينة او القرية التي يعيش فيها باتت غير مستقرة وغير مريحة بسبب حالة الفقر والجهل التي يعيشها جيرانه مما يسبب له الاذى فكلما مرت سيارته في الحي قام ابناء الحارة برميها بالحجارة وتارة ترمى نوافذ منزله الزجاجية الانيقة وتارة اخرى يرى القمامة مرمية في حديقته الجميله ولهذا يجد نفسة مضطرا للتعامل مع هولا المحيطين به لتشجيعهم على دخول المدارس والبحث لهم عن عمل الخ لكي يتحضروا ويتطوروا فيكفوا عن الاذى وهذا هوا باعتقادي ما ينطبق على ما عملته الولايات المتحدة الامريكية وغيرها من الدول المتطورة في الظرف الراهن وربما ذلك هوا الدافع الرئيسي وراء نشاطهم وقرارهم إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدول المتخلفة في العالم الذي اصبح اليوم أشبه ما يكون بقريه.

واذا ما لاحظنا نشاط التحالف الدولي لمكافحة الارهاب ونشر الديمقراطية بقيادة الولايات المتحدة في عدد من البلدان التي تعتبر وكرا للارهاب والفساد تلك المحكومة من قبل الانظمة الدكتاتورية لوجدنا ان هناك توازن بين المصالح والمبادى التى تتعامل بها امريكا وعلى سبيل المثال العراق هذا البلد الذي اذا ماسلمنا جدلا بالاطروحات التي تقول ان امريكا وبريطانيا جائتا الى العر اق طمعا في النفط لكننا نجد ان هناك موقف مبدأي انساني وهوا مساعدة الشعب العراقي في اسقاط نظام دكتاتوري طاغي وتحرير الكويت ,وهكذا الحال بالنسبة لافغانستان التي ليس للولايات المتحدة اي مصلحة في هذا البلد الفقير سوى احلال الامن والسلام ومكافحة الارهاب والتطرف وغيرها كثير من الامثلة على هذا النحو .

وعلى هذا الاساس يبقى السوال الموجه لصانعي القرار بالحكومة الامريكيه هو كيف يتم التعامل مع مشروع الشرق الاوسط الكبير هل تم تطويعه من مشروع مبادى الى مشروع مصالح وهل رضخت امريكا بالفعل امام ضغط وممانعة الانظمة الدكتاتورية في الشرق الأوسط مما ادى الى تطويع المشروع لصالحها بدلا من ضدها بسبب تكاتفها في وجه ذلك المشروع وخلق الصعوبات امام الولايات المتحدة الامريكية بالذات من خلال التشجيع او الرضى او غض الطرف عن الارهاب والصراعات المذهبية في العر اق وعودة حركة طالبان للمقاومة بعد اخمادها وعدم امتثال ايران للتفتيش عن منشأتها النووية ونيتها امتلاك السلاح النووي كل هذه المشاكل مجتمعة ظهرت كرد فعل على المشروع الامريكي الأوربي الذي تم التطبيل له دون ايجاد الارضية الملائمة والضامنة لتنفيذه مما ادى الى مواجهتة والتكالب عليه من قبل تلك الانظمة والجماعات المتطرفة مما جعل امريكا وحلفائها اليوم في حالة دفاع على ذلك المشروع وليس في حالة هجوم وهنا يبرز السوال ما العمل ؟

 اعتقد انه يمكن الاستمرار في تنفيذ المشروع بدء من الحلقة الاضعف (اي الانظمة الدكتاتورية الضعيفة )وليس الاقوى ومن الداخل وبمساعدة الخارج فقط من خلال التوجه لقوى التحديث في كل بلد لاعادة تنظيمها في كل بلد ودعمها بكل قوة كي تستطيع ان تخوض معركة التحديث وترسيخ الديمقراطية الحقيبقية وقيم الحرية والقضاء على الارهاب والتطرف والفساد وتحقيق السلام والوئام الاجتماعي والقضاء على الفقر والامية وغيرها . ولكي يعيش الجميع تحت مظلة السلام والعدل والامن ولاستقرار ولاثبات مبدئية ومصداقية الولايات المتحدة فانني اعتقد ان بداية الحلول لذلك هو حل بؤر التوتر بالعالم بدء بالشرق الاوسط وبالذات القضية الفلسطينية الاسرائيلية بالتشاور والاشراك لكل الحلفاء في صنع القرارات الدولية كما ينبغي اطلاق حملة دولية لتعزيز ثقافة السلام والقضاء على ثقافة العداء المتنامية بين الحضارات والديانات تلك التي تكاد تتحول تدريجيا الى صراع الحضارات بدلا من حوار الحضارات , اننا بحاجة الى ثورة ثقافية عالميه تهدف الى التسامح والمصالحة والمصارحة والقبول بالاخر والاعتراف والاحترام والتعزيز للحقيقة التاريخية التي تقول اننا جميعا اولاد ادم وحواء وان الانبيا جميعهم مرسلين من عند الله واننا جميعا نؤمن بالله ونحن بحاجة الي ان نتعايش مع بعضنا البعض ,ولهذا فانه لازال امام الولايات المتحد ه الامريكية والدول الكبرى الاخرى مشوار طويل في هذا الاتجاة يتوجب عليهم ان يسيروا فيه حتى النهاية ويكونوا القدوة الحسنة في كل شي ,لكن الوضع الذي تبدو عليه الولايات المتحدة بالذات في الظرف الراهن يبعث على التساؤل ويثير القلق لدى قوى التحديد وعاشقي الحرية والديمقراطية في إرجاء المعمورة فلقد قراءة ذات مره في كتاب تحت عنوان امريكا والفرصة التاريخية مقوله للرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نكسون التي تقول :( ان امريكا هي الدولة الوحيدة التي وصلت الى المجد دون ان تسعى اليه )ولهذا فاننا نخشى ان تسقط من ذلك المجد دون ان تحافظ عليه وبذلك

   ينطبق عليها المثل الذي يقول ما جاء بالسهولة يذهب بسهوله ,نقول ذلك لان هناك موشرات غير ايجابية في السياسة الخارجية الامريكية كونها صارت ترجح جانب القوة على الجانب الدبلوماسي مما ادى الى ظهور علامات فشل في سياستها الخارجية خلال هذه الفتره فالمؤشرات غير مشجعة والارتباك صار وارد والتجاذب في صنع القرار صار واضح من خلال بروز الخلاف بين الجمهورين والديمقراطين حول كيفية تسير السياسة الخارجية وعدم اتخاذ القرارت المناسبة في اللحظة المناسبة بل ان الملفت للنظر هوانها صارت توسع من رقعة العداء لها مع عدد من الانظمة دون ان تحسم وضع اي منها مما ولد ردود افعال سلبية على عملية السلام وعلى الولايات المتحدة نفسها وهذا ماجعل الحرب العالمية على الارهاب تتقدم ببط بل تتراجع في بعض الاحيان في الوقت الذي تظهر بؤر إرهابية جديدة اكثر خطورة بسبب التمادي وضياع الوقت وبالتالي يصعب كسر شوكة هذه القوى مما يجعلها يوماً عن يوم اكثر استعصاء وتتطلب ثمن اغلى واغلى مما كان عليه سابقا مما سينعكس سلبا على كل القوى المحبة للسلام والديمقراطيه والحرية

اذا هل ستعمل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في الحر ب العالمية على الارهاب على تغليب المبادى على المصالح وتقيم الوضع الراهن تقييما دقيقا يمكنهم من الكشف عن مكامن الخلل والقصور كي يتمكنوا من اتخاذ الإجراءات السليمة والحاسمة والسريعه اليوم وليس غدا وذلك قبل ان يتاكل ذلك التحالف في حال بروز مستجدات وظهور مصالح جديدة مغرية تطغو على المبادئ

 

  
  • المستشار حمزة صالح مقبل معارض يمني مقيم في الولايات المتحدة الامريكية

في السبت 10 فبراير-شباط 2007 07:21:26 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=1133