النظم العربية وعساس الشرطة اللااخلاقية
جمال محمد الدويري
جمال محمد الدويري

يقول الفيلسوف برنارد شو "إذا سقط المرء خلقيا أصبح شرطيا" في عصر كانت تقمع فيه الشعوب بواسطة الشرطة ورجال الأمن ولعله استوحى هذه القاعدة من الحديث الشريف "لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لكفتهم" ومعنى هذا ان الشرطي مليء بالذنوب لما يقوم به من هتك وتجسس ونهب، وعبودية مطلقة للأمر العسكري كما قيل علم حاشيتك كيف يكونوا عبيدا، كما كان يسمى هؤلاء بالعساس في دولة بني العباس ، وهنا تجد حالك في امرين وانت تشخص داء الشرطي في اليمن وليبيا وتونس ومصر وسوريا ...حيث لم يقتصر الامر على رجال الشرطة لعدم وجود التفريق الصحيح بين الجيش والحرس والامن والنجدة وغيرها فكل هؤلاء يمثلون عساسة بني العباس وشرطة برنارد شو ومكس الحديث، لأن العبرة بالمقاصد مهما تغيرت المسميات واختلفت الالوان وتشكلت التابعيات، بينما كان الجيش الاسلامي يسمون بالفاتحين والغزاة والمجاهدين بحكم وظيفتهم الحدودية ، اما في البلدان العربية فلا فرق بين مسميات الشرطة والامن السياسي والقومي والمركزي والنجدة و الجيش والحرس الخاص والجمهوري فالمسميات عديدة والجرم واحد.

ومن استقراء الخارطة المعاصرة نجد ان ام الفساد ياتي من خلال الحكم العسكري ولم تنجح تركيا كنموذج الا بعد ان حيدت المؤسسات العسكرية عن ادوارها المدنية بينما في اليمن وما شابهها من فرعونيات عربية واسلامية تجد من يعطيك شهادة الميلاد عسكريا وكذلك شهادة الوفاه وتجد الوزير امن دوله وكذلك نائبه وحاشيته ومسئول الرعاية الاجتماعية والمحافظ كذلك ، فالحكم العسكري فوق القانون ، كما قال حكام العربية انهم فوق القانون والنظام والدستور بالتعريض والتصريح في اكثر من فعل وخطاب.

وبالفعل تغير الدستور السوري لمنح اسد الشؤم اهليته في خلافة ابيه لدولة جمهورية وفي مصر اعتلى نجم جمال مبارك تمهيدا للتوريث وفي ليبيا سيف التدمير وفي اليمن احمد علي قائدا عسكرية وحكومة الظل الخفية ومد اذنيك وابحث ستجد في كل دولة حكما. يكون للحاكم السيادة على القانون "وما اريكم الا ما ارى".

فهل يعرف سيادة الرئيس انه شرطيا وابناءه واحفاده وانصاره واتباعه ووزرائه ونعاقه ومن يدعمونه قبليا رجال شرطة وكلها كما قال التجارة شطارة بالمعني العربي قطع طريق والحكم سياسية بمعنى القطع والمخادعة ، فكيف بمن يتخيل ان بيتا اساسه قوي وكل اعضاءه يقطعون السبيل ويسعون مفسدين ، اذا كان هذا بيتا فكيف بنظام مليء بالعسكر والشرطة ولا استطيع ان اقول بانه نظام اللاأخلاق واللاقيمة لن هذا الوصف لا يعبر عن حقيقة مصطلح الشرطة والعسكر فاكتفيت بالتعريض الفلسفي لانه اقرب الى واقعنا اليوم،

في اليمن الحكم شرطيا او عسكريا ما شئت من الاسماء ومرادفاتها وفي تونس ومصر والبحرين وسوريا وليبيا والاردن ...الخ كلها تنم عن مدينة اللااخلاق الفاضلة .

ونجد ان هذه النظم هي التى تهيئ بالأخير لعدة اشياء اولاها:

التمهيد للاحتلال الاجنبي تحت مزاعم الحماية والتحالفات العسكرية وبناء القواعد العسكرية للدول العظمى بشرعية دينية شعبية وهو ما تم فعله في حرب الخليج الثانية ولعبة احجار الشطرنج التى مارست فيها امريكا وحلفائها الدور الاول في صناعة الازمات بين النظم الجاهلة والجاهلية ومن ثم ادارة الازمات لصالحها والادارة بها لتحقيق مكاسبها في المنطقة.

استخدام ملف الارهاب والملفات النووية عالميا امريكيا وهو التهديد به لإخضاع النظم العسكرية والشعبية تحت مبررات التعاون مع الارهاب والسعي لاسقاط النظام وهو ما حصل في افغانستان والعراق وغيرها.

ادارة الثورات العربية و ذلك بدعم النظم العسكرية وهو ما لم تنجح به في ظل العرمرم الشعبي وهو ما ادت به الى دعم النظم عسكريا واطالة امد الثورة حتى يخضع النظام والمعارضة الشعبية للإملاءات الامريكية، وهو ما حصل في ليبيا من تحالف اعضاء المجلس الليبي مع حلف الناتو ، وفي اليمن تم صناعة المبادرة الخليجية لضمان المصالح الامريكية بها، وفي مصر وتونس يسعى التدخل الاجنبي الى عرقلة المسيرة التنموية للثورة وترويضها للقبول بالإصلاحات الامريكية الغربية.

وبما ان الخليج العربي والسعودية مليئة بالقواعد الامريكية الغربية وتخضع نظمها الحاكمة للإرادة الامريكية فلا خوف من المرحلة الحالية في ظل الثورات المهددة لنظم الامارات والملكيات ولا داعي لإثارة الخلافات الحدودية في المنطقة لضمان جسر التحالف الغربي الخليجي كما انه لا داعي لاستخدام التهديد النووي الايراني لضمان الولاء الخليجي السعودي للسيادة الامريكية.

وهنا نجد ان الدور الخليجي السعودي في الثورات العربية هو الشخصية الفوتغرافية التى تدار بالأصل الامريكي على الرغم من تواجدهما معا. وهذه المؤشرات تنذر بأمرين اساسين هما:

صوملة الثورات العربية ، او احتلال البلدان العربية لقصور نظمها الجاهلة وقصور الشعب في الوعي حتى يتعلم من الاحتلال القادم اساليب الحكم وادارة الدولة.


في الخميس 04 أغسطس-آب 2011 10:16:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=11235