سلاح النكتة في ثورة مصر
بقلم/ د. علي صالح موسى
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 26 يوماً
الإثنين 21 فبراير-شباط 2011 11:37 ص

 لا تغيب النكتة عن الشعب المصرى في أصعب الظروف و أحلك لحظات حياته وأشدها قسوة يعبر من خلالها عن حجم معاناته ونقده اللاذع للممارسات الخاطئة .. والنكتة المصرية ذكية لاذعة تتجاوز ظاهر الاحداث لتصيب قلب الموضوع وتسبر أغوار التغيرات التي تطرأ على الحاكم وزيف أعتقاده بأنه رسول العناية الإلهية وتبرز الكوارث البشرية التي تأتي من تصرفاته وأفكاره وقراراته الخاطئة كما تسخرمن محيط المنافقين الذين يحجبون الحقيقة و يمنعون عنه كل الآراء الصريحة التي تحمل نقداً له .. والنكتة يهتم بها الحاكم في مصر ويقوم جهاز أمن الدولة بجمعها من خلال أجهزة تحليل وقياس الرأي العام، لا سيما النكت السياسية وكان عبد الناصر وبعده السادات يتلقيان تقارير عن أهم اتجاهات الرأي العام، ويضم أهم النكت السياسية وتحليلها وتتخذ أحيانا قرارات لتجاوز حالات القصور التي تنتقدها . . وهناك كتاب صدر منذ سنوات بعنوان كيف يسخر المصريون من حكامهم للكاتب والصحفي عادل حموده وهو رئيس تحرير جريدة الفجر الاسبوعية رصد فيه أهم النكت السياسية خلال حكم عبد الناصر والسادات ..

 إنتعشت روح الفكاهة لدي ثوار25 يناير الشباب في ميدان التحرير خلال أيام الثورة وقبلها و ظهرت العديد من المواقع على الفيس بوك لنشر النكت والطرائف والافكار وتحديد مواعيد وأماكن تحرك الشباب وكان هذا الموقع الاجتماعي والذي أسسه مارك زوكربرج عام 2004م "ولد في 14 مايو 1984 ولم يكمل دراسته الجامعية في علم النفس " كان الموقع أحد أسباب نجاح ثورة تونس وتربع عرش تصدير الثورة ومثل جيشا حقيقيا تحرك في مختلف الاتجاهات واسهم في تحقيق الانتصار ومد شباب الثورة بكم هائل من المعلومات والوسائط وملفات الفيديو وكسر المعادلة القائمة على الارتباط بين النظام السياسي والمنظومة الإعلامية والتحكم بها وأصبحت الاموال الضخمة التي تنفق على المؤسسات الإعلامية الرسمية وغيرها التي تخدم النظام السياسي غير ذي جدوى ... وكان ايضا للصحافة الالكترونية والمكتوبة والمدونات دورأسهمت من خلاله في نجاح الثورة لكن لم تكن أكثر قسوة في مواجهة النظام وأشد فعالية بماهو عليه الفيس بوكس كما يحلو للبعض تسميته وليس الفيس بوك .

وعندما يتابع القارئ النكت السياسية والطرائف التي جمعتها في هذه المقالة سواء من الفيس بوك اوالصحافة الالكترونية اوالمطبوعة اوسماعها من المواطن يلمس قوة دلالاتها على نقد الوضع السياسي والسخرية منه والدعوة الى تغييره ، فقبل الثورة كتب أحدهم: إن وجه الشبه بين لاعب الكرة مجدى عبد الغنى وحسنى مبارك أن الأول يذلنا بضربة الجزاء التى أحرزها فى هولندا، والآخر يذلنا بالضربة الجوية.

 وسخر المواطن من نتائج إنتخابات برلملن العام الماضي حيث أن "صعيدى طلب يتعين فى مجلس الشعب قالوا له انت اهبل ! قال لهم يعنى لازم الشرط ده؟؟"

 وكتب أحدهم أن مجموعة من الجراحين الألمان المهرة سيتوجهون إلى مصر لفصل التوأمين الملتصقين: مبارك والكرسى. واحتاط ثالث من تكرار هذا الأمر مستقبلا فقدم النصيحة التالية: اقترح على الشعب فى الانتخابات القادمة انتخاب رئيس صينى لأنه "بالكثير حيقعد دورتين ويبوظ".

 وأراد الرئيس أن يعرف حجم مكانته بين شعبه فاستدعى رئس الوزراء أحمد نظيف وطلب منه ان يجيب بصراح وبصدق عن كل سؤال يوجهه اليه .. وكان السؤال الاول من أشجع هو ام الرئيس عبد الناصر؟ فكان الرد طبعا مبارك فعبد الناصر كان يخاف من الاميريكان وهو مايخافش منهم والسؤال الثاني من اشجع هو ام السادات ؟ فكان الرد هو فالسادات كان بيخاف من الروس وهو لايخاف منهم .. والسئوال الثالث هو ام عمر بن الخطاب؟ فكان الجواب طبعا هو وعندما ساله الرئيس ازاي ؟ كان الرد عمر بيخاف من الله وانت ماتخافش . . . واصبح الفساد بين النخبة السياسية والاسرة بشكل لايتصوره احد فقد زار الرئيس مدينة 10 رمضان وعند الزياره قال له المرافقون هذه شقة جمال ابنك .. واليوم الثاني زار 6 اكتوبر وهي تبعد عن الاولى حوالي 50 كيلو متر وقال له المرافقون هذه شقة جمال إبنك ولانه من حقه كمواطن ان يوصل بين الشقتين في المدينتين فهذه المسافة حوال خمسين كيلو صرفناها له .

 وعندما طالت الاحتجاجات وصدرت العديد من البيانات في ميدان التحرير ولم يطرأ أى جديد يذكر على الساحة السياسية ، وجهت للمتظاهرين فى ميدان التحريررسالة من طالب في المرحلة الابتدائية ، حيث قال: "أعزائى المتظاهرين فى التحرير، بخصوص الثورة اللى شغالة عندكم ما تنسوش إنها حتدخل التاريخ، والتاريخ إحنا اللى بنحفظه، فاختصروا".

 ومئات النكت والطرائف سخرت من مواقف الأحزاب السياسية للثورة وإنتهازيتها ومنها : لا تأكلوا الكبدة من عربات رجب هلال حميدة " عضو مجلس الشعب انشق على حزب الغد بقيادة ايمن نور لصالح النظام وتوجه الي المانيا حيث يعاني من سرطان وتليف كبدي بمراحل متأخرة ، لاستكمال المرحلة الثانية من علاجه علي نفقة الدولة ، وهى عبارة عن حقن الكبد بخلايا جذعية " لأنه صاحب أفكار فاسدة. والآخر: دعوة لعدم ركوب المراجيح فى مولد السيد البدوى " رئيس حزب الوفد المعارض لانه كان كل يوم في موقف مختلف من الثورة " والثالث: تصريح للسيد صفوت الشريف "الامين العام السابق للحزب الوطني " يقول فيه: إن ثورة الشباب فى 25 يناير قد نجحت بتوجيهات ورعاية الرئيس مبارك.

.. وهذا الخبر حقيقة وليس نكتة : متصلة بالتلفزيون المصرى الرسمي : أنا ساكنة في ميدان التحرير وأؤكد أن كل اللى في الميدان أخوان مسلمين. المذيع : عرفتي ازاي؟ قالت : شفتهم بعيني بيتوضوا و بعدين يصلوا.. ومن التعليقات الطريفة "منك لله ياحسني خليتنا نحب بعض" و "الأخوة الوزراء طلب صغير بعد إذنكم ممكن مليار جنيه سلف؟"..." وحدد أحدهم الفرق بين سحرة فرعون ولجنة السياسات " المكتب السياسي في الحزب الوطني " أن السحرة ملأوا الأرض «ثعابين» ولجنة السياسات ملأت الأرض بلطجية .. " و"مجلس الشعب يفوض الرئيس فى شراء السلاح والرئيس يفوض مجلس الشعب فى شراء الأصوات". و"عقد الريس جلسة مع وزير الداخلية السابق حبيب العدلي، قا له محتدا : منعت الحشيش يا فالح أهو الشعب صحصح."

و أطرف إعلان عن وقفة احتجاجية هو إعلان المثقفين عن وقفتهم الاحتجاجية بتحريف أغنية نجم وإمام الشهيرة، ونصه: "وقفة احتجاجية للمثقفين غدا: بينى وبينك سور ورا سور وأنا لا جابر ولا عصفور" نسبة الى وزير الثقافة جابر عصفور الذي إستقال من حكومة أحمد شفيق ومحسوب على النظام بعد إسبوع من تعيينه "

وبعد انتصار الثورة وتنحي مبارك كان التعليق «عاجل من ميدان التحرير إلى إخواننا فى الدول الشقيقة: حد عنده ريس مزعله قبل ما نروح؟».... ومن نتائج الثورة المصرية أن "إجتماع القمه العربيه اللى جاى هيبقى جلسة تعارف بين الروءساء علشان هيكونوا كلهم جداد "ووصف احدهم خطابات مبارك وتأكيداته على قيم الحرية بقوله :"ظل الرجل يديها كمان حرية وكمان وكمان حرية حتى بلغت (٧٠) مليار" .. و" جمال عبدالناصر حبيب الملايين.. وجمال مبارك حبيب المليارات. . " كنا نتمنى أن يكون عندنا رئيس سابق فأصبح عندنا رئيس سابق وابنه. و" الملايين في ميدان التحرير يرفعون لافتة يقولون فيها : إرجع ياريس كنا بنهزر معاك .. توقيع الكاميرا الخفية" " و"مبارك بعدما مات قابل السادات وعبد الناصر سألوه :هاه .. سم ولامنصة ؟ رد عليهم بحرقة وقال فيس بوك " "و "راكب تاكسي يسأل صاحب التاكسي عن الثلاث الصور الملصقة في زجاج سيارته من الداخل وهي لعبد الناصر والسادات ومبارك فيقول له الاولى للرئيس الاسبق عبد الناصر والثانية للرئيس السابق السادات أما الثالثه فهي لشريكي في التاكسي"..