واجب لم يؤدى بعد بقلم
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 4 أيام
الأربعاء 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2006 07:04 ص

مأرب برس - خاص

أحيانا يأتي إليك صديقك وانت في حالة ضجر ،تريد ان تصمت فثمة سويعات تتمنى أن يكون العالم من حولك في حالة سكون..كي تصغي إلى حديث داخلي مع نفسك،لكنه يشوش عليك هذا الحديث ويستفزك بتعليقاته المندلقة كألسنة اللهب..

تستعر فيك أحاسيس شتى..وتمور فيك دوامة عارمة من الأماني والإحباطات والخيبات المتتالية..

تستسلم لعجزك استسلاما محكما..وتجلس مشلولا حتى عن تحريك شفتيك.. تقول في نفسك ليتني جزء من هذا العدم الذي يقطن مساحة الأشياء الصامته ... الزمن يسرقك يأتي على جسدك فيحيله إلى حطام سينقل ذات مساء حزين إلى مقبرة النسيان ..لكم أدمنت الألم ولكم استساغت ذاتك التلذذ بالجرح القاطن في اعماقك ، أنت الذي ما عرفت يا صديقي من أنت؟ وماذا تريد وكيف تفكر؟؟ عش ما بدى لك ، تموج وتسرب وانحت سكونك في صخب هذا العالم المائر بما استجد من الأشياء وبما تفتق من مواهب ..عش كما انت خارج سرب الحياة وابقى كما انت في قلب هذا الثبات البليد هنا في هذه اللحظة قطع شروده خالد قائلا له: -ماذا بك ؟ ولما كل هذا الوجوم؟ -دعني يا صديقي اخوض فيما انا فيه من بحر عميق..

- ستجُن...

- الجنون راحة يا صديقي وتصالح مع الذات وتجاهل لما يجري من تناقض هنا..دعني يا صديقي وإذا ما أصابني مس أو جنون لاتكلف نفسك غير ان تأخذني إلى أقرب مصحة عقلية وهو أقل واجب تؤديه نحوي وسأكون هنا شاكرا لك صنيعك. انصرف في هدوء دون ان ينبس بكلمة.. بينما قام يلم أوراقه المنثورة ويجمع شتات ما تفرق منه لحظة تساقط قلم حين تطبق عليه ليلة بليده من الألم الجارف يلجأ إلى الكتابة إلى القراءة ..إلى مبضع تشريح النفس وتصفيتها من أكدارها(القلم) ليضمد بالكلمة ما ينزف منه. أخذ ورقة كان قد كتبها أخوه الأكبر أثناء ذهابه لتأدية خدمة الدفاع الوطني عام 2000م-2001م جاء فيها ((بسم الله الرحمن الرحيم

 ((ومن يتقي ويصبر فإن ذلك من عزم الأمور))

الأخ الشقيق بكل معاني الأخوة المتعددة أحييك بتحية الإسلام

وبعد:

إعلم أن عليك واجبات ولك حقوق ..بل لك حقوق وعليك واجبات يجب أن تؤديها..

وإذا كان هناك نقص في حقوقك أوحقك..فدينه للحي القيوم ...

واحذر أن يكون النقص من نفسك أما ماكان نقص ٌمن الآخرين فالله القاهر سيعوضك عنه .. وأما واجباتك فلا تتوانى عنها..... نعم يا أخي... حقك إذا نقص من تلقاء نفسك فخسارة خسارة...

حقك إذا نقص أو أنقصه الاخرون أيا كانوا فليس خسارة...كيف يكون خسارة وأنت مدينه للحي الذي لايموت القاهر فوق عباده... أما واجبك فيجب أن تؤديه على أكمل وجه... واجبك نحو نفسك هو واجبك نحو المجتمع بشكل عام ..واجبك في اتجاه الحق هو واجبك أمام الله ثم ختم تلك الرسالة القصير بالآية الكريمة(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم))

جلس على مقعد متهالك من الخشب القديم كان ما كتبه أخوه عبارة عن وصايا وضع ذقنه على يد اليسر المتكأة على الطاولة ثم قال أظن اختيار هذه المهنة(الصحافة) كن سعيا خفيا دونما قصد مني من أجل تأدية واجبي تجاه الله والناس ونفسي كذلك.. ولكني أحس أن هذا الواجب لم يؤدي دوره بعد ولم استطع الوفاء به.. أحيانا تختار لنا الأقدار مسؤلياتنا تجاه الحياة متى أحست أننا لانستطيع تحديد ما نريده بدقة .. القدر جزء منك وهو الحاسة التي تحدد فيك مكمن القوة والإرادة لذا لاتستطيع أن تتجاهله أبدا.. ظل واجما صامتا يردد في نفسه (القدر هو انت ،أنت من يصنع القدر الفريد ..أنت من يشكل اللحظة ويكثف فيها طاقة القدرة والإرادة) لكن النوم كان قدرا آخر لابد منه استسلمت عيناه له دون ان يشعر ولم يفق إلا على صوت

المؤذن وهو يقول (الله أكبر)

كاتب/محمد الشبيريذكريات قبيلي في الخرطوم !
كاتب/محمد الشبيري
مشاهدة المزيد