آخر الاخبار

صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل اسطورة البلوجرانا وبطل العالم ميسي يفاجأ محبيه عبر العالم بتحديد موعد اعتزاله شاهد ماذا يحدث في جزيرة سقطرى اليمنية؟.. مهبط جديد للطائرات وعبارات داعمة للإمارات السفن الحربية الروسية تمر عبر باب المندب وتبدأ استعراضها المسلح في البحر الأحمر ... مخطط إيران الذي استخدمت فيه الحوثيين وجعلت من أحداث غزة ذريعة لتنفيذه

قارئ الفنجان
بقلم/ سام عبدالله الغباري
نشر منذ: 8 سنوات و 7 أشهر و 7 أيام
الخميس 20 أغسطس-آب 2015 11:57 ص
- في تعز اليمنية ، شارع قديم إسمه 26 سبتمبر كناية عن ثورة الضباط الأحرار على الحكم الإمامي في العام 1962م ، بعد إلتئام شطر اليمنين إلى يمن واحد ، صار إسمه شارع الحب ، لكثرة العشاق الذين يرتادونه ، يسمعون كل شيء يبعث على البهجة ، تلك كانت لغة الحياة في ثمانينيات القرن الماضي ، حيث الحلم الجميل يتقدم بأغانٍ انيقة وطربية ، ينضح الحب من أسوارها ، وتتقدم الورود والأزهار العبقة قبل رجال القبيلة ، تختصر العناوين أكثر ما يمكن افتداءه من حب الوطن ، وعلو المصابيح ، ورونق السعادة ، تخلت اليمن عن كل أيام الكآبة ، وتقدم الحلم الوطني بعناق الأشقاء في أكثر ملاحم الحب أسطورية وفداءً وتضحية ، رُفع العلم الجديد من عدن ، وخرجت اليمن ترقص ، خرجت النسوة والأطفال والرجال والشيوخ ، خرج الطلبة والأطباء ، تدافعت الفتيات إلى الشوارع وإلى الجنوب الذي صار بعضاً مِـنا ، بحثن عن وجه آخر لجنة عدن ، كنت صغيراً والوحدة تكبر ، علي عبدالله صالح يعانق البيض ، شارب الأخير الكث علامة مميزة للكنة الجنوبي الحضرمي ، الصحف كلها تقول أن اليمن يفاجئ العالم بوحدته ، وأمله الإستراتيجي يدفع العرب نحو المعرفة البصيرة بجماليات الحب ، والسمو ، والتفاؤل ، وكأي حورية مليحة خرجت اليمن إلى اليابسة ، تقرأ فنجانها ، وعبدالحليم حافظ يغني رائعته التي لم يسمعها الكثيرين ممن خلقوا بعد الوحدة ، يقول بأنغام لا مثيل لها ، وألحاناً اقتطعت من سحاب الله ، ومن مقام النهاوند ، يشدو كمن لم يتعثر بشيء ، ينساب صوته الصافي كشلالات بني مطر ، ويذهب مع أمواج المخا الهادرة إلى العمق ، يغوص في عمق البحر العربي ، ويرشدنا بأنه لم يعرف أبداً أحزاناً تشبه أحزاننا ، وقد حدث ذلك بعد أربعة أعوام من الوحدة ، كان القتال السبب الوحيد للمعركة ، الرغبة الجوفاء في النيل من اليمن الشمالي ، دفعت الإماميين إلى اختلاق قصة العداء بين أطراف العمل السياسي الجديد ، من يومها ونحن نتغذى على خيارات الوحدة أو الموت !.
- يعود حليم بالناي وتقاطيع وجه محمد الموجي ، وكلمات نزار قباني في رسالة لولده بتأكيد بقاء الحب كأحلى الأقدار ، يا إلهي ، حين ينتهي من آخر امتدادات القدر ، كيف يتغلغل اللحن في الدم ، يصل إلى القلب بلون الورد ، وببهجة العطر ، تشعر أن ما يجري في عروقه هو الرحيق الباريسي الفخم ، ويثور كل شيء حين تقتحم المرأة جزء القصيدة المذهل ، يُـسبّح "حليم" ربه ، ويستمر في وصف معشوقة السحر والسلام ، لو أن الحوثيين استمعوا لمثل هذه الأغاني ما رفعوا بندقية واحدة في صدورنا ، ولكان مؤتمر الحوار الوطني الذي عـُـقد قبل عامين في فندق "موفنبيك" بالعاصمة المحتلة صنعاء فرصة لممارسة الحب العلني ، إلا أن كل أعضاءه لم يكونوا سوى امتداد آخر لهمجية الشارع الذي يمور بالفوضى والزوامل القبلية وقصائد الثأر ، ولطميات أنصار الحوثي ، كان كل شيء مشحون في الصدور والنفوس ، وانتهى الأمر إلى أن صار الحب أطلالاً كما هو الحال في شارع تعز الشهير .
- اجعلوني رئيساً ، وقفوا احتراماً لكل تلك القرارات التي سأكتبها ، سألغي الجيش ، وانثر النساء الاسكندنافيات في كل الشوارع لضبط الأمن العام ، سأنصب صوامعاً طويلة وأثبت عليها مكبرات الصوت العملاقة لنقل أغاني عبدالحليم حافظ ، وسيلين ديون ، شاكيرا ومحمد عبدالوهاب ، سأمنع اللباس التقليدي ، لا جنبية لا زوامل ، لا سلاح ، لا ثياب ، لا أزياء رسمية ، أغنية نانسي عجرم : لون عيونك .. نشيدنا الوطني الجديد ، عند رأس كل شهر سأجعل الساحات العامة أماكناً للرقص ، والغناء ، وقصائد الغزل ، كل أعضاء حكومتي نساء جميلات من نيوزلندا ، سأنظم مسابقات لملكات الجمال ، وأمنع أي اعتراض يرفعه رجال الدين الذين سأشنقهم كلهم ، بلا استثناء ، سألغي كل مواد الدين والمذاهب وكتب التاريخ الإسلامي التراثي ، سأطبع الكثير من دواوين العصر الجاهلي ، وقصائد يزيد بن معاوية ، واقيم مدارس تحفيظ الغناء ، والفن ، سأجعل اللون الوردي منتشراً في كل مكان ، سأنثر العاطفة والحياة ، سأغني معكم كل الأغنيات ، ولن اسمح بأي اعتراض ، سأمارس ديكتاتورية الحب ، وغيرة الوطن .
- كل الذي تعلمناه وحفظناه منذ ألف عام لم يقدم لنا شيئاً سوى الكوارث والدماء ، كل النصوص التي نعتقد بقدسيتها ، جلبت لنا الحمقى والمقاتلين ، ستكون اليمن شيئاً آخر حين يغزوها الحب والقصيدة والغزل ، حين تترجم العاطفة سيختفي الإحتقان ، ظمأ القلوب أورث جفافاً قاسياً في كل شيء ، حتى الأبوة صارت مفقودة ، ذلك المعتوه من "بني حشيش" يقول لسيده الحوثي أنه سيقدم أولاده الستة قرباناً لعبوديته الأسيرة ، هذا هو الخلل المزمن في علاقتنا بالحب والسلام ، واعتباره عيباً يجرح الرجولة الموبوءة .
- أنا أقرأ الفنجان مع عبدالحليم حافظ في مساء يجمعنا معاً ، وقد انتهيت إلى ما أنتهى إليه في خاتمة معزوفته الشهيرة ، أن فاقد الحب مفقود .. مفقود .. مفقود .
-   .. وإلى لقاء يتجدد .