عن لقائي بالرئيس السابق
بقلم/ عادل الاحمدي
نشر منذ: 10 سنوات و 6 أشهر و 20 يوماً
الجمعة 06 سبتمبر-أيلول 2013 04:27 م

ثارت زوبعة لا بأس بها، إثر نشر العديد من المواقع اليمنية خبر لقاء جمعني أمس الأول الأربعاء بالرئيس السابق علي عبدالله صالح مشفوعا بصورة لكلينا أرسلها بريد مركز نشوان الحميري الذي أديره، مع صيغة الخبر، لإيميلات المواقع.

ومثار الزوبعة لم يكن عنوان الخبر الذي كنت أتوقع أنه سيحوز على جزء من الاهتمام نظرا لأهمية مدلولاته في حمأة الجدل السياسي الراهن، لكن الأضواء تركزت على الزيارة نفسها، كوني ممن وقفوا في العام 2011 مع مطالب التغيير ضد علي عبدالله صالح، إذ التبست الزيارة على كثيرين بين من اعتبرها تراجعاً في موقفي، ومن رأى فيها مؤشراً على حدوث نوع من التواصل والتقارب بين فصيل ثوري بعينه والرئيس الذي ثار عليه، إضافة إلى رأي ثالث ذهب إلى أن غرض الزيارة وساطة لإقناع صالح بالتمديد لهادي! وتفسيرات أخرى لا يخلو بعضها من الطرافة، وبالطبع لا يخلو بعضها الآخر من إيلام محض.. وهذه الزوبعة كانت متوقعة بالنسبة لي، لكنْ ليس بالحجم الذي حدث؛ إذ باتت الصورة والزيارة هي الموضوع الأبرز في مواقع التواصل الاجتماعي بين معارض ومؤيد، وكان من الصعب بطبيعة الحال، متابعة كل تلك النقاشات فضلا عن تعذُّر الرد عليها في مواضعها، ولذا وجدت لزاما الانتظار حتى ينجلي غبار الزوبعة، ومن ثم كتابة مثل هذا المقال لتوضيح دوافع الزيارة وإزالة بعض اللبس الحادث.

وأؤكد بدايةً، أن الزيارة لا تعكس تغيُّراً في الموقف السياسي الشخصي ولا ينبغي فهمها على هذا النحو، خصوصا بعد مرور فترة كافية لمغادرة العمل وفق مقتضيات التأليب التي كانت توجب نوعا من "المفاصلة"، وكذلك بعد بروز جملة من التحديات الكبيرة على مشارف انقضاء الفترة الانتقالية تقتضي تنسيق نوع من التفاهم والتقارب بين أطراف العملية السياسية التي توافقت في الحكم وجلست على طاولة واحدة للحوار، وذلك بعيداً عن تخندقات 2011، وهو رأي أعلنته مرارا عبر مقابلات تلفزيونية في قنوات "السعيدة" و"سهيل" و"اليمن" و"اليمن اليوم" و"يمن شباب"، ومقالات في صحف "الجمهورية" و"مأرب برس" وموقع "نشوان نيوز" ومواقع أخرى. وقبلها كتبت في أوائل 2011 في صحيفة "الناس" مؤيدا تغيير الرئيس علي عبدالله صالح ومؤكداً أنني أنتظر اليوم الذي ألتقيه فيه وهو رئيس سابق، كصحفي يبحث عن أسرار 33 عاما من الحكم. مؤمنا أن إزالة التخندق هو الخطوة الأولى السليمة فور نجاز التغيير.

ولا شك أن الانهماك طيلة الأشهر المنصرمة من العام 2013، في تقليب عواقب الخيارات المصيرية المحتملة لمؤتمر الحوار، لا شك أنه أذاب لديّ العديد من اعتبارات "المفاصلة"، ودفعني وآخرين للبحث عن قائمة مشتركات بين أطراف العمل السياسي تجنّب اليمن الاستسلام للحلول المعلَّبة، وعلى رأسها اجتهادات تغيير شكل الدولة. ولأنّ توضيح خطورة بعض هذه الخيارات لا يمكن أن يتحقق عبر منشور أو مقالة فقد قمنا في مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام بإقامة مجموعة فعاليات لخبراء ومختصين يُدعى إليها المهتمون ووسائل الاعلام. ثم قمنا بتقليص هذه الفعاليات والتوجه إلى إنجاز وطباعة دراسات وبحوث تحاول أن تضع أمام السياسيين بعضاً من وجهات النظر التي يُتحاشى إثراؤها في جلسات موفنبيك بقصد أو بدونه. وبدأنا بدراسة عن الوضع المستقبلي لتنظيم القاعدة وفقا لتوجهات الحوار، ثم دراسة أخرى تناقش الفدرالية ومؤشرات فشلها في اليمن، وحددنا قائمة زيارات يقوم بها أعضاء الهيئة الإدارية للمركز، لأبرز قادة القوى السياسية في اليمن لوضعهم أمام نتائج هذه الدراسات والأبحاث وحثهم على نقاشها داخل أطرهم.. كل هذا وسط إحساس ضاغط بالسباق مع الوقت.

وهكذا مثلما تم الحديث في هذه الزيارة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح بصفته رئيس المؤتمر الشعبي العام لمدة نصف ساعة فقد استغرق اللقاء مع د. ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني في منزله قرابة ساعتين ونصف، بينما تأخرت عن موعد محمد اليدومي رئيس التجمع اليمني للإصلاح واعتذرت في منتصف الطريق طالبا موعدا جديدا وهو ما وعدني به الأستاذ اليدومي، واليوم بمشيئة الله أنتظر رد سلطان العتواني أمين عام التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حول موعد اللقاء.. كل ذلك عدا عن سلسلة لقاءات تم إجراؤها مع قيادات وسطى لهذه المكونات وغيرها، وأعضاء في مؤتمر الحوار ومسؤولين في الرئاسة، وكذا مقابلة السفيرين السعودي علي الحمدان والأمريكي جيرالد فيرستاين كأبرز الأطراف الراعية للحوار.

الفارق هو أننا في كل تلك الزيارات باستثناء زيارة صالح، لم نكن نهتم بالتوثيق الخبري عكس الزيارة للرئيس السابق التي حرصنا على نشر خبر عنها قطعا للتفسيرات المتربصة التي كانت ستنداح بضراوة أكثر مما حدث، فيما لو تم نشر خبر الزيارة من مصدر آخر وكأنها سر تم كشفه. ولهذا طلبت من الرئيس السابق أثناء توديعه لي بالوقوف لالتقاط صورة أرفقها مع خبر أنتوي نشره عن هذه الزيارة.

لا أجد ما أقوله غير ما سطّرته أعلاه توضيحا لسياق الزيارة التي أخذت أكبر من حجمها رغما عني، سائلاً الله جل وعلا أن يجمع كلمتنا وأن يمنّ بالتوفيق والسداد لقادة هذا البلد وللقوى المتحاورة، وأن يلهمهم جميعا اختيار ما فيه الخير لليمن حاضرها ومستقبلها وكل أهلها.. إنه وليُّ ذلك.