اليمن بين فكي ايران
بقلم/ احمد رناح
نشر منذ: 11 سنة و شهر و 16 يوماً
الجمعة 01 مارس - آذار 2013 05:10 م

تستغل ايران مناطق النزاع في الوطن العربي لتتبنى أحد الأطراف وتدعمه ، في اليمن وجدت ضالتها في الشمال استطاعت أن تبني جيشا عقائديا تخرج مشائخه من قم في ايران ، وبدأ في الانتشار بشكل كبير تحت مسميات تعليمية ، دعمها الرئيس السابق لمواجهة تيارات اسلامية يعتقد أنها ستعارضه يوما ما .

أفرط في الدعم والتسهيل لهذا الكيان حتى انتشر واستشرى في مناطق الشمال اليمني ، ولم يجد نظام صالح وقتها بد من الدخول معه في حرب ، غير أن هذه الحرب أراد منها تدمير عدو حاضر بعدو يراه قادم مستقبلا ، ويخشى منه على كرسيه وهو الجيش ، ولذا لم يخلص في حربهم ، وقد أُصابه ما كان يخشاه .

انتشرت الحركة الحوثية بقوة السلاح والمال في مناطق الشمال ، وبدأت تتخذ بعدا سياسيا طائفيا تحت تلويح السلاح الايراني الذي ما انفك يدخل البلد بين الفينة و الأخرى مستغلا هشاشة الدولة وضعف الرقابة الأمنية وأيضا الامتداد الطويل للسواحل اليمنية . وما سفن الأسلحة التي تم القبض عليها مؤخرا إلا خير شاهد ودليل على ذلك .

يمشي الحوثيون في اليمن على نفس الخطى والأساليب التي يعملها حزب الله في لبنان ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، اضعاف الوجود الحكومي في المناطق التي يسيطر عليها ليجعل منها مناطق مغلقة عليه ، التمدد نحو المناطق الاستراتيجية كالبحر ومناطق الثروة والموارد الطبيعية ، ايضا التحرك بشكل سريع على الأرض ومحاولة التوسع في كل مناطق اليمن مستغلا القبائل التي تدعي انتماءها الى ال البيت ودعمهم بالمال والسلاح وبعض الكتب التي تدعو الى الفكر الاثنا عشري تحت غطاء زيدي ، ويهدف من ذلك الى الظهور بشكل كبير على الساحة اليمنية ليصبح رقما يصعب تجاوزه مستقبلا ، ثم ينادي بعدها بالمحاصصة السياسية أو يراها فرصته للانقضاض على السلطة بالقوة في ظل وجود تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية ومخابراتية أقامها مؤخرا مع أطراف شريكة في الحكم ولا زالت تمسك بمفاصل الدولة في كل النواحي وتحت دعم وتدريب ايراني .

بدا مفعول الدعم الايراني في التوسع الحوثي ليشمل المناطق الشمالية الشرقية لليمن في محافظة الجوف ويمر بالمعقل الرئيسي للحوثيين في صعده ويمتد ليصل مناطق واسعة من محافظة حجة وعمران باتجاه العاصمة صنعاء ، كما يوجد لهم نفوذ كبير في المناطق الشمالية الغربية في محافظة الحديدة باتجاه البحر الأحمر .

أما من الناحية الجنوبية فيتمثل الدور الايراني في الحراك المسلح الذي يتبع لنائب الرئيس السابق علي البيض والمقيم حاليا في بيروت . والذي يتلقى بدوره دعما ماليا واعلاميا كبيرا من ايران ، كما يقدم حزب الله الدعم الاعلامي والتدريب العسكري لكوادر هذا الفصيل من الحراك . ظهر ذلك جليا في تصريحات ادلى بها البيض واعترف فيها بالدعم الايراني ، كما ان القناة الاعلامية التي تدعم حراكه المسلح تدار من بيروت تحت رعاية اعلامية كبيرة من حزب الله . برزت علامات الدعم الايراني في الفوضى العارمة التي اجتاحت بعض مناطق الجنوب خلال الاسبوع المنصرم ، حيث برز فيها القتل العمد والنهب والتقطع واحراق ممتلكات أبناء المناطق الشمالية القاطنين بالجنوب والاعتداء على مرافق الدولة . و ينتشر حراك البيض المسلح والمدعوم ايرانيا في المناطق الجنوبية كعدن ولحج وحضرموت .

في مناطق الوسط اليمني ، استطاع الحوثي أن يستقطب بعض القيادات اليسارية والقبلية وأرسالهم الى ايران ولبنان لإقامة ولاءات وتحالفات جديدة ، وحظيت هذه القيادات بدعم مالي سخي ، وقد ظهرت نتائج هذه الاستقطابات في اقامة فعاليات شيعية كالاحتفال بالغدير والمولد في مناطق الوسط اليمني على غرار الأعياد الشيعية التي تقام في ايران والعراق ولبنان..

تحاول ايران أن تطبق قبضتها على اليمن لتسيطر على مضيق باب المندب وخليج عدن ذوو المواقع الاستراتيجية والهامة . كما تحاول أيضا الانتشار عن طريق المال وشراء أراض واسعة في الجنوب عن طريق تجار حوثيين لكي يتم من خلالها ايجاد مقرات ثابتة لهم ، يستطيعون من خلالها تمرير اجندتهم من دعم الحراك ودعم القبائل المنتمية لآل البيت كما يقولون .

هذه بعض التحركات الايرانية التي تعمل في المقام الأول على عدم استقرار الاوضاع في اليمن ، وايضا تسعى لإفشال مؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع اقامته في مارس القادم ، كما سعت الى افشال المبادرة الخليجية من قبل ، غير أنها لم تفلح ولن تفلح أن شاء الله ، فمشروع الوطن له رجاله ، ومشاريعهم الرخيصة ستنتهي قريبا كما بدأت .