ماذا قدم الإصلاح للقضية الجنوبية
بقلم/ د.حسن عبدالله باسواد
نشر منذ: 11 سنة و شهر و 8 أيام
السبت 16 فبراير-شباط 2013 08:43 م

قبل الولوج إلى محطات الإصلاح مع قضية الجنوب يجب الإتفاق على تعريفِ يحصل على الحد الأدنى على الأقل من الاتفاق بين شعب الجنوب بالدرجة الأولى لأنه صاحب المصلحة الحقيقية ولنبتعد قليلا عن نخبه السياسية المختلفة غالبا و المتصارعة أحيانا.

ولأن التعريفات المستندة إلى الخلفيات السياسية لأصحابها متعددة فمنهم من يحددها بالظلم الذي وقع على الجنوب بعد حرب 94م، ومنهم من يبدأ من ساعة الالتفاف على اتفاقيات الوحدة عام 90م، ومنهم من نسبها إلى صراع 86م، وآخرين من بداية تفرد اليسار عام 69م، وهكذا لن تكون هناك حقبة متفق على أنها بداية الظلم الواقع على أبناء الجنوب.

لكنني أرى أن المواطن في الجنوب عانى كثيرا خلال تلك التواريخ أعلاه، وإن تنوعت المعاناة والمتسبب فيها، ولا أظن أن المواطن العادي تهمه كثيرا هذه التواريخ بقدر ما تهمه حالته المعيشية والصحية والتعليمية والأمنية، وزوال الظلم وسيادة القانون في بلده، وأن يصبح حرا في اتخاذ قراره، ممسكا بمقدراته وثرواته، فإن تأتى هذا أو حتى بعضه عادت له روحه وثقته بوطنه، وإن غابت هذه المعاني من حياته اليومية، فالعلة هي تدهور حالته المعيشية و...و...وهذا هو التعريف الذي يهم المواطن مع عدم اعتراضي على صحة التعريفات الأخرى.

أما محطات دعم التجمع اليمني للإصلاح من وجهة نظري للقضية الجنوبية فهي كثيرة منها:

أولا: معارضة الاصلاح لدستور الوحدة الذي طبخ على عجل، بسبب عجلة الأطراف الموقعة على اتفاقية الوحدة، وعرفت آنذاك بمعركة الدستور، ففي نشوة التوقيع ركز الجميع على الشكليات والكاميرات ونسوا أو تناسوا العقد الدستوري الذي سيحمي للجميع حقوقهم وواجباتهم، ولو أحسن الموقعون الصياغة الدستورية التي تحمي حقوق المواطن في الجنوب في الأولوية في إدارة شئونه وحرية التملك قبل غيره، لما وقعت فوضى النهب والسلب للأراضي للمتنفذين جنوبيين كانوا أم شماليين.

ثانيا: جلسات الصلح والتوفيق التي قادها الإصلاح بين الحزبين الحاكمين بعد ظهور خلافاتهم على السطح، في صنعاء وفي عدن، والتي أزالت بعض وجهات النظر المسبقة عن الإصلاح وقياداته لدى أطراف النزاع، لكن المتطرفين في الحزبين كعادتهم –حتى الآن- أفشلوا كل تقارب بدأت بعض ملامحه، وحرصا على مقدرات الجنوب والشمال حاول الإصلاح منع إندلاع المواجهات العسكرية، حتى بعد اندلاعها بعدة أيام لم ييأس الإصلاح من الصلح بين الطرفين، لكن المحذور وقع، واضطر الإصلاح للدفاع عن إرادة الشعب حينها في بقاء الوحدة.

ثالثا: الوقوف ضد كل الممارسات التي حدثت بعد الحرب في الجنوب إما بنهب المؤسسات والأراضي أو تسريح الموظفين أو في ما عرف لاحقا بخصخصة القطاع العام على غير أسس ولا معايير، أو التعيينات المفتقرة لأبسط شروط شغل الوظيفة العامة، ومن المفارقات العجيبة مشاركة كثير من الشخصيات الجنوبية المحسوبة الآن على تيار فك الارتباط في هذه السياسات، وكثير منهم يعلم أن الاصلاح في كثير من مناسباته حينها طالب بمعالجة آثار حرب 94م.

رابعا: حاول الإصلاح توسيع بهة المعارضة لهذه السياسات، فكان تشكيل اللقاء المشترك عاملا مساعدا لفضح سياسات الحزب الحاكم في عموم الوطن عموما والجنوب خصوصا، حتى صار عموم الشعب في العام 2006م يدرك حجم الفساد الذي يلفه، وأعلن أن حل القضية الجنوبية هو المدخل لحل جميع قضايا الوطن.

خامسا: إقناع المهندس فيصل بن شملان رحمه الله أن يكون مرشحا للقاء المشترك في انتخابات الرئاسة، وأبعاد هذا الترشيح في دعم قضية الجنوب وبث روح الأمل لدى كثير من أبناء الجنوب في أن التغيير قادم وعلى يد أحد أبناء الجنوب، وكاد الشعب أن يصنع ذلك التغيير المنشود من كل أبناء الوطن، لكن حجم التزوير كان كبيرا، وللمفارقة الثانية يقف كثير ممن تحولوا إلى دعاة فك الارتباط الآن، ضد مصلحة أبناء الجنوب حينها وذلك بتأييدهم الفج للمرشح المنافس.

سادسا: حدثت المواجهة الأخيرة بين نظام فاسد كان السبب الرئيسي في معاناة أبناء الجنوب والشمال على حد سواء، وبين الثوار والمشترك وشركائهم، نصرة للحق وإزهاق للظلم بكل صوره، فإذا بالمتباكين على القضية الجنوبية يقفون في خندق الظالم للجنوب وأهله ضد الثوار الذين دكوا عرش الظلم إلى الأبد.

خلاصة: هذه بعض محطات الدعم الذي لقيته القضية الجنوبية من التجمع اليمني للإصلاح خلال مراحل تطورها، وكلها تؤكد أن أصحاب المبادئ هم من يعول عليهم في صنع التحولات العظيمة في تاريخ الشعوب، أما المتقلبون فيصنعون أحداثا تخالها من بعيد كالجبال لكنها سرابا عندما تقترب منها.