قوة الوطن .. الألم والأمل
بقلم/ توفيق الخليدي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أسابيع و يومين
الأحد 04 مارس - آذار 2012 05:42 م

من سنوات ونحن نسمع عن خلافات كانت توصف بالشرسة أحياناً بين وحدات القوات المسلحة المختلفة , وصل بها الحال -أحياناً- إلى رفع السلاح بين تلك الوحدات المختلفة وكنا نستغرب من أن يحدث هذا بين حماة الوطن ودرعه الحصين , لم نكن نعي –حينها- صراع القوى في تلك القوات والتي تم إعدادها فنياً وعسكرياً بل وروحاً بمعزل عن بعضها بل وغذيت بالاعتزاز بالانتماء لذات الفصيل إن صح التعبير , وعلى إثره لابد من أن يسعى الجندي أو الضابط لإظهار قوة هذا الفصيل وعدم السماح لأي فصيل عسكري آخر من البروز أو السيطرة , وحقيقة الأمر أن انقسامات الجيش عززت من روح التنافس الغير رشيد ما أدى إلى ما يشبه صراع وجود بين تلك القوى , بل وأقحم الجيش في صراع موظف لخدمة أقطاب سياسية بما يعد خروجاً عن الهدف المفترض لجيش يحمي السيادة الوطنية لا الشخصية.

في حروب صعدة الستة تحدث الكثير عن أحداث يجدر بنا التوقف حيالها وإعادة النظر في تلك الحروب وما جرى فيها , فقد كاد الجيش في بداية الأمر أن يسيطر على صعدة بحسب ماسمعنا حينها, فارضاً سيادة الدولة على كافة أجزائها ثم تأتيه الأوامر بالانسحاب , والأدهى من ذلك أن تأتي أوامر بترك السلاح في موقع معين بعد السيطرة عليه والانسحاب , بل ويجري الحديث عن ما يقال أنها نيران صديقة كان ضحيتها عدد من الضباط وجنودهم , فلم نعد نعلم ماذا جرى هناك وما حقيقة تلك الحروب الستة!! , بل ويدور الحديث عن أنها كانت ساحة تصفية لقوى سياسية وعسكرية مختلفة , الخاسر الأكثر فيها هو الوطن.

لا تكاد تجد منطقة قبيلة إلا وفيها صراع قبلي قد تشتعل ناره في أي لحظة ومن ثم نجد أطرافاً معينة في وحدات عسكرية متعددة تغذي تلك الحروب وتمد القبائل المتصارعة بالسلاح المتوسط والثقيل أحياناً بما يذكي جذوة الصراع ويشغل المجتمع عن واقعه بثارات تمتد لسنوات.

أما الكليات العسكرية فهي حلم بالنسبة لأبناء كثير من المناطق بل هي حق لمناطق محدودة فترى جميع إن لم يكن أغلب منسوبيها من تلك المناطق بما يوحي بعنصرية خطيرة تقول أن هناك من لا يمكن إلا أن يكون محكوماً وآخر حاكماً بناءً على أسس مناطقية لا تمت للوطنية بصلة.

وفي الجيش مثل هذا أيضاً فتجد أحدهم يضيف إلى اسمه لقب يوحي أنه من منطقة معينة ومبرره أن لهذه المناطق ميزة معينة في حين أن أبناء المحافظات والمناطق الأخرى يفتقدون لكثير من الحقوق -ربما الأساسية- بل إن بعضهم يستمر في الجندية حتى يبيض رأسه وأكثر وأمور كثيرة مؤسفة تحدث في جيش نظامي يفترض فيه الولاء للوطن ومنح الميزات والترقيات على هذا الأساس.

أما الفترة الماضية وما حدث فيها من انقسامات في القوات المسلحة وما تبعه من مصادمات عسكرية وإن كانت فيما يبدو طفيفة إلا أنها كانت على وشك إشعال حرب لا طاقة لليمن بها , إضافة إلى قصف المناطق الآهلة بالسكان وغيرها فهذا يؤكد خطورة هذا الوضع الحالي لهذه القوات.

هذا شيء مما يلاحظ على القوات المسلحة والأمن اليمنية مما ولد لدى الكثير من أبناء الوطن مشاعر سلبية تجاه هذه القوى بل وجعلت البعض ينظر إليها كمحرمات إلا على أبناء مناطق معينة مما فرق بين أبناء المجتمع وجعلهم ينظرون لبعضهم نظرة هيمنة يقابلها خضوع قسري لا ينبغي له أن يكون , عزز من ذلك استخدام أفراد تلك المناطق لتلك السلطة العسكرية لفرض وجودهم و إخضاع الآخرين لسطوتهم, بل وأصبح الكثير من أبناء المناطق الأخرى إذا أراد أن يستأسد فإنه يتحدث بلهجة تلك المنطقة مما يوضح أثر ذلك حتى على مستوى التعامل الفردي لدى أفراد القوات المسلحة مع هذا الشعب الطيب.

كل هذا يدعو لإعادة النظر في الجيش وقبل ذلك إلى إيجاد ما يشبه ميثاق الشرف أو لوائح وأنظمة تفصيلية تشرح كل ما يتعلق بموصفات المتقدم للعسكرية ومهامه والترقيات وآلياتها وكل ما يتعلق بالجيش والأمن بعيداً عما لا يتفق مع الوطنية وبما يحرم استخدام الرتب العسكرية لأغراض خاصة أو تجييرها لمصلحة أطراف معينة, إننا بحاجة إلى جيش وطني حر يعيد له مكانته ويعظم من شأنه, ينتمي للوطن متجرداً من كل الولاءات الضيقة ويمنح الفرصة لكل يمني للوصول إلى أعلى الرتب العسكرية بغض النظر عن انتمائه أو علاقاته الشخصية والأسرية وإنما لكفاءته ووفق استحقاقات عسكرية واضحة .

تغريدة..

إننا بحاجة إلى قوة يسكنها الوطن لا إلى وطن تسكنه عدة قوى .