الخارجية اليمنية:النظام الإيراني يتحمل كامل المسؤولية عن الانقلاب على مؤسساته الشرعية
وزير الدفاع الأمريكي يتفاخر: دمّرنا البرنامج النووي الإيراني وقضينا على طموحاتهم
محمد بن زايد يقود حراكا خليجياً بعد استهداف المنشآت النووية الإيرانية
البرلمان الإيراني يعلن موافقته على اخطر قرار في تاريخ ايران
تفاصيل لقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي بقيادات الأحزاب السياسية وهيئة التشاور والمصالحة
لم يكتفي بضربة اليوم.. ترامب يهدد ويتوعد إيران ويضعها أمام خيارين
قرار حوثي خطير يستهدف بنك الكريمي ومهلة 15 يومًا للمؤسسات المالية والصرافين ''وثيقة''
شاهد.. انبعاث حراري في مفاعل فوردو الإيراني وصور تظهر فوهات بعد الضربة الأمريكية
ماذا قال الحوثيون عن ضرب أمريكا نووي إيران؟ قائد سابق يحذرهم: ''واشنطن ستدمركم''
مباحثات يمنية سورية في إسطنبول
منذ انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية على الدولة، لم يرَ اليمن النور، وكأن البلاد قد غاصت في نفقٍ من الظلمات السياسية والعقائدية لا نهاية له، تقوده جماعة مسكونة بوهم الولاية ومرتهنة لمرجعيات خارج حدود الوطن، فلا مشروع لها سوى التبعية، ولا راية ترفعها إلا راية غير يمنية. الحوثي لم يأتِ ليبني دولة، بل ليهدم فكرة الدولة ذاتها ويستبدلها بكيان طائفي دخيل، يتنفس من رئة طهران ويهتف بلسان قم، متنكّراً لكل ما يمتّ لليمن وهويته بصلة، واضعًا الولاء لولاية الفقيه فوق كل اعتبار وطني، مُستنسخًا النموذج الخميني في تفاصيل الحكم والوصاية والتعبئة. ولم يكن ذلك مجرد انحراف سياسي، بل انغماسٌ كامل في مشروع أيديولوجي عابر للحدود، يتغذى من أدبيات الثورة الإيرانية ويعيد إنتاجها بلغة يمنية مشوّهة، كما لو أن صنعاء خُلقت لتكون ظلًا باهتًا لطهران، لا عاصمةً لليمنيين.
ومنذ اللحظة الأولى، تمددت الأذرع الإيرانية في جسد الجماعة المسلحة، فالسلاح لم يكن يمنياً، والتدريب لم يكن محليًا، والطائرات المسيّرة لم تُصنع في صعدة، بل جاءت في صناديق مغلقة من طهران وبيروت، ومعها قوالب الأيديولوجيا الجاهزة، وأدوات الموت التي تنقل النزاع من حدود اليمن إلى خاصرة الخليج والبحر الأحمر حتى تحولت الجغرافيا اليمنية، بفعل هذا الارتباط المشؤوم، إلى منصة تهديد إقليمي ودولي، إذ بات الحوثي أداة ضغط إيرانية في معادلات الأمن والملاحة، لا يملك قراره، ولا يتحدث بلسانه، بل يُملي عليه الولي الفقيه متى يصعد عسكريًا ومتى يفاوض، ومتى يشعل الفتنة الطائفية في الجبهة الداخلية.
وفي ظل هذا التماهي مع المشروع الإيراني، أخذ الحوثي يُفرغ صنعاء من روحها اليمنية، ويعيد تشكيلها كنسخة مشوهة من طهران؛ فالمناهج التعليمية حُشيت بمفاهيم الاستلاب العقائدي، والإعلام الرسمي صار أبواقًا تُمجّد المرشد وتكفر الخصوم بلغة مذهبية بغيضة، والمعالم الاجتماعية تمّ تشويهها بهوية هجينة تزرع الكراهية وتقتات على التفكيك. كل ذلك جعل من الولاء الخارجي لعنة تتساقط على سيادة اليمن، فالوطن لم يعد وطنًا، بل ساحة صراع تُدار بالريموت من خارج الحدود، والنسيج الاجتماعي لم يعد متماسكًا، بل ممزقًا بين خطاب تعبوي طائفي ومقاومة وطنية تبحث عن لحظة الخلاص.
وفي دهاليز السياسة، تحول الحوثي من طرف يمني إلى وكيل إقليمي بامتياز، يُعطّل المفاوضات كلما اقتضت الحاجة الإيرانية، ويُشعل الجبهات عندما يُطلب منه ذلك، لا خدمةً لقضية يمنية، بل تنفيذاً لاستراتيجية الممانعة التي لا ترى في اليمن سوى ورقة تفاوض قابلة للحرق في أي لحظة. واللافت أن الجماعة لا تملك مشروعًا وطنيًا جامعًا، فلا خطابها يتسع لكل اليمنيين، ولا رؤيتها تحتمل التعدد، بل هي حركة لا تعيش إلا في ظل العداء، ولا تتنفس إلا من خلال خنق الآخر، واضعة كل ما هو يمني تحت عجلات مشروع فارسي لا يرى في اليمن أكثر من حديقة خلفية للنفوذ.
وإزاء كل هذا، لم يعد السؤال عن يمنية الحوثي مطروحًا، فالحقائق الصلبة تقول إننا أمام كيان منسلخ عن الجغرافيا، غريب عن التاريخ، دخيل على الهوية، يمارس السياسة بلسان طهران ويحكم بالوكالة عن مرجع ديني في قُم، لا عن إرادة شعب في صنعاء، وما بين السلاح والشعار، واللطم والشعارات، يضيع اليمن بين كوابيس الماضي وأطماع الحاضر، في مشهد يندى له جبين الوطن ويستصرخ الضمير العربي والإنساني بأن الحوثي لم يكن يومًا سوى قفازًا في يد المشروع الإيراني، يتلو عقيدةً لا تعرف اليمن، ويخوض حربًا لا يعرف نهايتها، وكل ما يفعله هو وأد الوطن باسم الدين، ودفن السيادة تحت عباءة الولي الفقيه.