تغييرات ترامب.. إقالات مألوفة من رئيس يسعى لتنفيذ رؤيته دون معارضة
بقلم/ كلادس صعب
نشر منذ: أسبوعين و 4 أيام و 6 ساعات
الأربعاء 04 يونيو-حزيران 2025 05:30 م
 

يحرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إحداث تغييرات في إدارته بمجرد بدء الممارسة على الأرض.

بناءً على ذلك، يجري تقييم الشخصيات التي اختارها لتولي مسؤوليات معينة، وهذا الأمر ليس غريبًا عليه. ففي ولايته الرئاسية الأولى، أقال أو دفع للاستقالة عددًا كبيرًا من كبار المسؤولين. على رأسهم مستشار الأمن القومي جون بولتون في عام 2019 سبب خلافات عميقة في السياسة الخارجية، لا سيما بشأن إيران وأفغانستان. كما أقال مايكل فلين بعد أقل من شهر من توليه المنصب، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون عبر تغريدة على تويتر. كذلك، أقال جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي كان يحقق في صلات حملة ترامب بروسيا، وغيرهم من الأسماء.

في ولاية ترامب الثانية، حصلت إقالة اعتبرت مهمة تمثلت بإزاحة مستشار الأمن القومي مايكل والتز ونائبه أليكس وونغ وقد واجه والتز صعوبة في إيصال أولويات الرئيس للأمن القومي خلال المقابلات، وتبنى آراء أكثر تشددًا تجاه أوكرانيا وإيران وفق ما نقلته قناة “فوكس نيوز”. وعُين مكانه وزير الخارجية ماركو روبيو بالوكالة. تؤكد هذه الإقالات مجددًا أن الرئيس يتبنى أسلوبًا إداريًا قائمًا على السرعة في اتخاذ القرارات، وتوقع الولاء المطلق، وعدم التسامح مع من يخرج عن سياق أهدافه ومخططاته. هذه التحركات، وإن كانت تؤثر على الاستقرار في الإدارة، إلا أنها باتت “مألوفة” كجزء من أسلوب ترامب في الحكم.

تستعد إدارة ترامب اليوم لاستبدال مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بمبعوث آخر يتم تداول اسمه حاليًا وهو جويل رايبورن، رغم عدم صدور اي بيان رسمي باستثناء ما اوردته الصحافية ….

تُعرف مورغان أورتاغوس بأنها مؤيدة متحمسة للعلاقات القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد عملت على نطاق واسع لتعزيز السياسة الخارجية التي تدعم إسرائيل بشكل استراتيجي، مع الحفاظ على نهج صارم تجاه الدول التي تعتبرها معادية مثل إيران، وخاصة فيما يتعلق بالقضية النووية. فيما يتعلق بالملف اللبناني، أشارت تقارير إلى أنها تؤيد نزع سلاح حزب الله. وقد أثارت جدلاً بتصريحاتها في لبنان، بما في ذلك شكرها لإسرائيل على ما وصفته “بهزيمة حزب الله”، دون الإشارة إلى الضحايا المدنيين اللبنانيين كما ترى أن عدم وفاء لبنان بالتزاماته يعني أنه لا يريد الشراكة مع واشنطن، وغير مهتم بعودة الاستثمارات إليه.

الأسباب المعلنة لإقالتها وفق بعض المصادر لا تتعلق بالملف اللبناني، بل هي مهنية بامتياز وترتبط بطريقة تعاملها مع زملائها في الخارجية الأمريكية. في حين ربط البعض الآخر الخلاف بأولويات استراتيجية لإسرائيل، مشيرين إلى أن جوهر الخلاف لم يكن حول دعم إسرائيل بحد ذاته، بل حول كيفية هذا الدعم أو الاستراتيجية التي يجب اتباعها والتي قد تختلف عن رؤية ترامب لأهدافه ومخططاته.

أما خليفتها، جويل رايبورن، فوفقًا لتقارير نشرت في العديد من الصحف، سيتسلم ملف لبنان في وزارة الخارجية الأمريكية بعد الموافقة على تعيينه في لجنة الخارجية الأمريكية. بشكل عام، السياسة الأمريكية تجاه حزب الله هي سياسة تصنيف له كمنظمة إرهابية ومواجهة لنفوذه، وبالتالي، من المرجح أن يكون موقفه متماشيًا مع هذه السياسة. لاسيما وأنه معروف بمواقفه التي تُشير إلى معارضة النفوذ الإيراني في المنطقة. فقد دعا في السابق إلى محاربة النفوذ الإيراني، وأشار إلى أن الهدف الأول للإيرانيين كان الإبقاء على نظام الأسد في سوريا، ثم التموضع في سوريا ضد إسرائيل والدول العربية والنظام الإقليمي بقيادة أمريكا. كما ربط استمرار الأزمة السورية بالدعم الروسي والإيراني للنظام. هذا يدل على موقف حازم وناقد تجاه الدور الإيراني في المنطقة.

يُعرف رايبورن بتشدده في المواقف تجاه بعض القضايا الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بالنظام السوري والنفوذ الإيراني. فقد كان من أبرز مهندسي استراتيجية العقوبات المعروفة باسم “قانون قيصر” ضد النظام السوري، وعُرف بمواقفه المتشددة ضد بشار الأسد. كما تعهد بالمساعدة في رفع العقوبات عن سوريا ومحاربة النفوذ الإيراني. هذا يدل على تفضيله لنهج الضغط والعقوبات لمواجهة ما يعتبره تهديدات في المنطقة.

لرايبورن مواقف بارزة وعالية السقف ،أبرزها معارضته دعم مرشحين للرئاسة اللبنانية يُنظر إليهم على أنهم مدعومون من حزب الله، معتبرًا أن ذلك سيكون “عارًا كاملاً” بالنسبة للولايات المتحدة.

كما أشار إلى أن العقوبات الأمريكية تستهدف ليس فقط الدعم المادي لحزب الله، بل أيضًا التحالفات السياسية معه. واعتبر في تصريح آخر ان هناك “فرصة ذهبية” في لبنان لـ “تفكيك” أو “إضعاف” حزب الله، خاصة مع تراجع قوة إيران ونظام الأسد.

باختصار، فإن من يعتقدون أن تعيين جويل رايبورن سيجلب ليونة إلى الموقف الأمريكي قد يكتشفون أنهم مخطئون. فالرجل معروف بمواقفه المتشددة، ومن المرجح أن تكون كل خطواته منسقة تمامًا مع رؤية الرئيس ترامب، وهو ما قد يعني تطبيقًا أكثر صرامة للسياسة الأمريكية في المنطقة، وليس العكس.