رسائل إيرانية تتحدى السيادة وتعيد رسم المشهد اللبناني
بقلم/ كلادس صعب
نشر منذ: شهر و 19 يوماً
الأحد 28 سبتمبر-أيلول 2025 07:20 م
 

وسط مشهد سياسي لا يخلو من التوتر والرمزية، يعود علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى بيروت في 28 سبتمبر، بعد أقل من شهرين على زيارته الأولى في أغسطس 2025. هذه العودة ليست مجرد زيارة دبلوماسية، بل فصل جديد في كتاب النفوذ الإيراني، يُكتب على أرض لبنان وسط ضغوط دولية متصاعدة وتحديات داخلية متفجرة.

 

زيارة أغسطس وسبتمبر: رسالة لا تتبدل

 

في زيارته الأولى، اختار لاريجاني توقيتًا بالغ الحساسية، حيث كانت الضغوط الغربية تتصاعد على لبنان لتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام. لم يكن حضوره بروتوكوليًا، بل أشبه بإنزال سياسي استراتيجي، يحمل توقيع الولي الفقيه، ويؤكد أن دعم إيران للحزب هو “خط أحمر” لا يُسمح بتجاوزه.

 

أما الزيارة الثانية، فتأتي وسط أجواء أكثر توترًا، بعد أنباء عن منع طائرات إيرانية من الهبوط في مطار بيروت بسبب مخاوف أمنية تتعلق بتهريب أموال لحزب الله. لكن لاريجاني، في خطوة رمزية، يصر على الحضور عبر طائرة عراقية، ليؤكد أن الرسالة الإيرانية لن تتغير مهما كانت العوائق. مشاركته في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال نصر الله تضيف بُعدًا عاطفيًا واستراتيجيًا، وتكرّس حضور إيران في لحظة رمزية من تاريخ الحزب.

 

إيران وحزب الله: تحالف يتجاوز الحدود

 

الزيارتان المتتاليتان تكشفان بوضوح أن إيران لا ترى في حزب الله مجرد حليف محلي، بل ذراعًا تفاوضيًا وسياسيًا في ملفاتها الكبرى، وعلى رأسها الملف النووي. الدعم الإيراني للحزب ليس فقط عسكريًا أو ماليًا، بل جزء من استراتيجية إقليمية تهدف إلى إعادة تموضع طهران في المشرق العربي، في ظل خسائرها المتتالية على جبهات متعددة. ورغم تحذيرات الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام من المساس بسيادة الدولة، فإن الإصرار الإيراني لا يتزعزع، ما يضع لبنان أمام تحدٍ وجودي.

 

الداخل اللبناني: انقسام وتوترات

 

الزيارات الإيرانية فجّرت انقسامات داخلية حادة. فبين من يرى فيها دعمًا للمقاومة في وجه إسرائيل، ومن يعتبرها تدخلًا سافرًا في الشأن اللبناني، تتعمّق الهوة السياسية. الأصوات الوطنية التي تطالب بحصر السلاح بيد الدولة تواجه جدارًا من التشدد الإيراني، ما يزيد من تعقيد المشهد ويطرح سؤالًا مصيريًا: هل يملك لبنان قراره السيادي فعلًا؟