بلطجة التعيينات وصراع المصالح
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: شهر و 25 يوماً
الأربعاء 17 سبتمبر-أيلول 2025 05:00 م
  

أُصيب القانون اليمني بحالة إغماء شديدة بعد الرفس والطرق والضرب المبرح الذي تعرّض له من بعض منتسبي المجلس الانتقالي عقب صدور قرارات عشوائية مخالفة للدستور والقانون.

وعندما أفاق من غيبوبته، وجد مجموعة من الأشخاص يتحلقون حول طاولة متنقلة عليها خرائط ومعدات لقياس المساحات وتحديد الأراضي والأحواش المناسبة للسكن والتجارة والسياحة. فسألهم: "لماذا تضربونني؟ وما هي جريمتي؟"
فرد أحدهم: "أنت من أمرت المدعو سالم العولقي بطرد أصحابنا من وظائفهم."
فأجاب: "لا، أبداً. لا أعرف هذا الاسم من قبل. كل ما سمعته أن رجلًا من شبوة جاء مسرعًا من عتق، وجمع مجموعة من ناهبي الأراضي والأحواش."

تدخل آخر قائلاً: "يا جماعة يمكن أننا غلطنا، والخبير ليس هو." ثم سألوا: "إذن من أنت؟"
فأجابهم: "أنا قانون الخدمة المدنية. مهمتي تنظيم العمل الإداري وما يتعلق به من الوظائف، ولا علاقة لي بمكافحة الفساد. أما الذي أمر العولقي بطرد أصحابكم فهو قانون مكافحة الفساد، ورقمه (39/2006). إن كان لديكم شجاعة، فاذهبوا لمحاسبته."

لكن ما أن استرد أنفاسه، حتى وجد نفسه تحت ضرب أشد من السابق. ولما أفاق، رأى أمامه مجموعة أخرى يحملون الأقلام والمذكرات وآلات التسجيل وكاميرات التصوير. قالوا له: "أنت عدني وتخلّيت عن جنوبيتك ولم تؤيد التعيينات الجديدة."
فأقسم لهم أيمانًا مغلّظة أنه من مواليد صنعاء، وتحديدًا من حي دار الرئاسة. ثم استدرك قائلاً: "لستم محقين. لست عدنيًا ولا جنوبيًا، لكن عقد زواج أهلي وحفل العرس كان في عدن، والدخلة في صنعاء. أنا من أوائل مواليد ذلك الزواج المبارك، بتاريخ ٥ رمضان ١٤١١هـ، الموافق ٢١ مارس ١٩٩١م. اسمي قانون الخدمة المدنية، ورقمي في السجل (19/1991). شهادة ميلادي كتبها علي عبدالله صالح، وبشهادة الدكتور ياسين سعيد نعمان، وحيدر أبو بكر العطاس. لا أستطيع تأييد التعيينات الجديدة لأنها ببساطة مخالفة لما أنا عليه ولما ينص عليه القانون."

وأوضح: "سلطتي في تعيينات وظائف الإدارة العليا، الفئة (أ + ب)، محصورة بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص، وفي صيغة قرار جمهوري. ولا دخل لعيدروس الزبيدي فيها أبدًا."

ثم أردف: "حتى لا تعتدوا عليّ مرة أخرى، أحب أن أوضح لكم أصحاب هذه الوظائف:

  • الفئة (أ) : وكيل وزارة، وكيل محافظة، رئيس مجلس إدارة، رئيس مصلحة أو هيئة أو مكتب، نائب رئيس مجلس إدارة، مدير عام مؤسسة عامة، مدير عام شركة.
  • الفئة (ب) : وكيل وزارة مساعد، وكيل مصلحة أو هيئة أو مكتب، مدير عام مساعد مؤسسة عامة أو شركة عامة أو مختلطة.
    أما تعيينات الفئة (ج) فهي من اختصاص رئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء وترشيح الوزير المختص. وما دون هذه الفئات، يكون بقرار من الوزير المختص."

سألوه: "هل تعرف شيئًا عن هيئة الأراضي؟"
فقال: "نعم، يعرفها القرار الجمهوري رقم (35) لسنة 2006، الذي قضى بإنشاء الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني. نص القرار على أن يكون لها رئيس يُعيَّن بقرار جمهوري يحدد درجته، وهو من يتولى إدارتها وتنفيذ سياساتها. ولا تنسوا أن القرار الجمهوري لا يصدر إلا بتوقيع الرئيس ورئيس الوزراء والوزير المختص. لكن يبدو أنكم من بلاطجة العصر الحديث، الذين يتجاوزون الدستور والقوانين عندما تعارض مصالحهم."

وختم كلامه قائلًا: "قولوا لعيدروس إن منصبه عضو في مجلس القيادة الرئاسي فقط، ولا يملك صلاحية التعيين في هذه الوظائف أبدًا. وتذكروا أن خالي حيدر أبو بكر العطاس، رئيس الوزراء يوم جئتم صنعاء جائعين ومتعطشين للفلل الفخمة والسيارات الفارهة، هو من وقع على شهادات وفاة جميع إخوتي المولودين في عدن، بموافقته ورضا الجميع."