تحذير قاتل من وزير الصحة.. اليمن يدخل مرحلة الخطر البيئي لقاتل
اجتماع خلف الأبواب المغلقة بين العليمي والدبلوماسي الصيني.. ما الذي يجري في البحر الأحمر
اليمن تعود إلى الواجهة الدولية.. وفد رسمي يشارك بفاعلية في اجتماعات مكافحة غسل الأموال بالبحرين
المبعوث الأممي يختتم جولة في الرياض وأبوظبي ويُحذّر من انهيار مسار التهدئة بسبب تعنت الميليشيا
سترات المشرفين وأجهزة لاسلكية: مشجعان يتنكران كأمن ويُطردان من الملاعب لثلاث سنوات
باكستان تُعدّل دستورها: تعزيز صلاحيات الجيش وتقليص نفوذ القضاء وسط تحذيرات من تقويض الديمقراطية
الإدارة الأميركية تفرض عقوبات على شبكات إيرانية لشراء مكونات الصواريخ والطائرات المسيرة
رئيس وزراء اليمن يستعرض مع الحكومة البريطانية دعم الإصلاحات الاقتصادية ومؤتمرات الصحة والطاقة
اليمن يطالب بالدعم الإقليمي والدولي للإصلاحات الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية
مبعوث الأمم المتحدة يتحدث عن حل سياسي شامل يمثل أولوية قصوى في اليمن
واقعة اغتيال الصحفي الفلسطيني ومراسل قناة الجزيرة أنس الشريف، إلى جانب عدد من زملائه في خيمتهم قرب أحد مستشفيات غزة، هي جريمة وحشية ستظل محفورة في ذاكرتنا كشهود ومتابعين عاجزين أمام يوميات المذبحة الدموية المتواصلة في قطاع غزة.
صحيح أن هذه الذاكرة مثقلة منذ ما يقارب العامين بمشاهد الموت والدمار التي لا تنقطع عن غزة، غير أن اغتيال أنس الشريف، الذي كان عينها للعالم، أضاف إليها ندبة غائرة يصعب أن تندمل، إذ لم يكن أحد يتخيل أن جسد أنس الممزق والمضرج بالدم سيغدو هو ذاته محور الكاميرا التي ظل يقف أمامها حتى ساعات قليلة قبل اغتياله.
لقد شكلت هذه الجريمة صفعة مدوية للرأي العام، وانتهاكا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية، فهي لم تكن نتيجة عمل عشوائي أو ظرف ميداني ملتبس كما جرت العادة في خطاب التبرير الإسرائيلي.
فقد سارع جيش الاحتلال على الفور إلى الاقرار والتباهي باغتيال أنس وزملائه، وجرى التعامل مع الجريمة الجبانة داخل هياكل حكومة الاحتلال المتطرفة وكأنها إنجاز عسكري غير مسبوق!.
هذه الجرأة في تقديم جريمة اغتيال صحفي كعمل مشروع تكشف بوضوح حجم الإفلاس الأخلاقي الذي وصل إليه جيش الاحتلال، وتدلل على حجم ومستوى العربدة التي سحقت في طريقها كل القواعد والأعراف التي قامت عليها أخلاقيات الحروب عبر التاريخ.
على امتداد شهور متواصلة كان أنس الشريف رحمه الله عين غزة ونافذتها للعالم، ظل يتنقل بين أحيائها المدمرة وأزقتها الضيقة، يوثق تفاصيل الإبادة الجماعية وسياسة التجويع الممنهجة التي حولت القطاع إلى أكبر مسرح مفتوح للموت الجماعي في العصر الحديث.
وما شدّ انتباهي هو ذلك الثبات الاستثنائي الذي تحلّى به أنس، وهو يواجه دعوات متكررة من أصدقائه وزملائه في الخارج لمغادرة غزة حفاظا على حياته، خاصة في ظل تصاعد التحريض والتهديدات العلنية التي وجهها ضده قادة بارزون في جيش الاحتلال.
لقد جسّد أنس الشريف في تمسكه بالبقاء على أرض غزة، رغم الخطر المحدق بحياته، جوهر الروح الفلسطينية التي صمدت خمسة وسبعين عاما في وجه التشريد والمجازر، متحدية آلة عسكرية لا تعترف بقانون ولا تلتزم بأي قيمة من قيم الحروب وأخلاقياتها.
غير أن للجريمة أبعادا أشد خطورة، إذ تزامنت مع إعلان حكومة نتنياهو المتطرفة خططها لاجتياح مدينة غزة، في إشارة واضحة إلى نية متعمدة لإسكات الشهود قبل توسيع عمليات القتل والتدمير، وهي استراتيجية بقدر ما تحمله من طابع وحشي، فهي تكشف فهما عميقا لدى الاحتلال بأن الصورة قادرة على نسف دعايته، وتقويض شرعية أفعاله أمام العالم.
وما يضاعف فداحة المأساة هو انهيار الرهان على الأسرة الدولية، التي تقف حتى اليوم عاجزة أمام مشهد الإبادة المتواصلة في غزة، فرغم فظاعة الجرائم، لم تستطع كبح إسرائيل أو إلزامها بوقف حمام الدم، وهو عجز بات يطرح تساؤلات جادة حول جدوى المنظومة الدولية ذاتها، ومعنى العدالة إن كانت تقف عاجزة عن التصدي لواحدة من أبشع المذابح في التاريخ الحديث، وأكبر مجزرة للصحفيين في مكان واحد وفق هيئات أممية.
