كارثة مالية تضرب اليمن: الريال ينهار مجددًا أمام العملات الأجنبية وسط صمت قاتل!
في خطوة مفاجئة الزحف النووي يبدأ : حاملة الطائرات العملاقة الأميركية تشق طريقها نحو الشرق الأوسط وسط نذر حرب شاملة!
ليلة الرعب في تل أبيب.. إيران تبدأ حرب اغتيالات ضد قادة إسرائيل وتضرب قلب السلطة!
النفط يقفز أكثر من 5 في المئة بفعل التصعيد بين طهران وتل أبيب
زلزال بحري عالمي يهزّ الاحتلال: ألف سفينة تتجه نحو غزة لكسر الحصار.. وماليزيا تشعل فتيل المواجهة!
الموساد يتلقى ضربة دامية في قلب طهران... إيران تُعدم جاسوساً إسرائيلياً في مشهد علني يُرعب تل أبيب!
الذهب يشتعل فوق لهبه: الأسواق ترتجف وسط قرع طبول الحرب بين طهران وتل أبيب!
جحيم فوق إيران: .. طوفان ناري إسرائيلي يمزق 4 مدن إيرانية ويشعل الشرق الأوسط!
غارات مزلزلة تهزّ قلب طهران: الطيران الإسرائيلي يدكّ مقار الحرس الثوري وقيادات فيلق القدس وسط العاصمة الإيرانية
صحيفة أمريكية شهيرة تتحدث عن تصفية محمد علي الحوثي بغارة إسرائيلية
منذ أن تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية، اعتدنا ألا يمر يوم إلا وهو يخرج علينا بتصريح صادم يثير الجدل. «يجب السماح للسفن الأمريكية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجانا عبر قناتي بنما والسويس، هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية.. طلبتُ من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر على الفور». ذلك هو نص المنشور الطازج الذي كتبه ترامب على أحد منصاته، والذي يمكن تفكيك مكوناته على هذا النحو:
أولا: استهل الكتابة بصيغة «يجب أن»، وهي تعبر عن حالة التعالي وسياسة الجبر، التي يرى ترامب أنه يمتلك مقومات العمل بها، فطالما أنه رئيس الدولة الأقوى في العالم، فيحق له أن يطالب أوكرانيا بثرواتها، ويحق له أن يعلن عن رغبته في ضم كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ويحق له أن يمتلك قطاع غزة، التي سُئل بشأنها: بأي حق ستمتلك قطاع غزة؟ فأجاب: سأمتلكه بالسلطة الأمريكية، فهو يرى أن القوة كفيلة بأن يمتلك ما لا حق له فيه، بما لا يختلف عن شريعة الغاب.
ثانيا: المنشور لم يكن مجرد ثرثرة أو تعبيرا عن أحلام مستقبلية، لم تغادر مخيلة ترامب، بل اقترن بإجراءات فورية عملية بتكليف وزير خارجيته بتولي هذا الملف، بما يدل على أن الموضوع في بؤرة اهتمام إدارته وخضع للدراسة سابقا، ولمزيد من التأكيد على هذا أعاد مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، مشاركة هذا المنشور على منصة إكس، قائلا إن الولايات المتحدة ينبغي ألا تدفع لعبور قناة تدافع عنها.
ثالثا: زعم ترامب أنه لولا الولايات المتحدة الأمريكية لما كانت هناك قناتا السويس وبنما، فأما قناة بنما ذلك الممر المائي ذو الأهمية الاستراتيجية الذي تمر من خلاله 40% من حركة الحاويات الأمريكية سنويا، فقد أتمت أمريكا بناءها في أوائل القرن العشرين، ومنحت بنما السيطرة عليها عام 1999، ويريد أن يستردها الآن بالقوة. ولم يكن طلب مجانية المرور من القناة وليد اللحظة، فسابقا طالب وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، خلال زيارته لبنما بإعادة إحياء قواعد عسكرية لضمان أمن قناة بنما، لضمان عدم سيطرة الصين عليها، مطالبا بمرور سفن بلاده بالمجان.
ولكن ماذا عن قناة السويس المصرية؟ ماذا يعني قول ترامب أنه لولا بلاده لما كانت هذه القناة؟ ما الذي يستند عليه ترامب في تقرير ذلك؟
قناة السويس تعد أقصر الطرق البحرية التي تربط بين دول أوروبا في حوض المتوسط مع دول الخليجين الهندي والهادئ، وتتحدث التقارير أن فكرتها قديمة تعود لفرعون مصر سنوسرت الثالث، ولكن بدأ العمل فيها عام 1854 في ظل حكم محمد سعيد باشا، الذي وقع امتيازا يمنح السياسي الفرنسي فرديناند ديليسبس إنشاء شركة تشرف على المشروع، الذي يربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وتم افتتاحها عام 1869، وأدارتها الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، التي تأسست بنظام الأسهم، امتلكت مصر أكثر من نصف الأسهم، وبقيتها كانت لعدة دول كبريطانيا وروسيا والنمسا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فعادت ملكيتها كاملة إلى مصر بعد قيام الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بتأميم الشركة وتعهد بتعويض المساهمين.
إذن، ليس لحديث ترامب عن علاقة أمريكا بإنشاء القناة سند، ولم تكن أمريكا سوى أحد أصحاب الأسهم مع عدة دول أخرى، ومن ثمّ فإن دعواه مهدمة من أساسها، ولكن يبدو أن ترامب لا يعبأ في تصريحاته بالتوثيق، يكفي أن يقذف ما في مخيلته ويخرج ما بحافظة أطماعه فحسب. ما يرمي إليه ترامب وما يفعله، إنما هو نسف لفكرة سيادة الدول، فهو يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط، ويستند إلى القوة المجردة، ويعيد العالم إلى همجية القرون الوسطى. ترامب الذي يعتبر نفسه في حلبة مصارعة، وتنكر لدور الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، جعل نفسه سقفا للبشرية، وجعل القوة وحدها معيارا للعلاقات بين الدول، وهو بذلك يفتح الطريق أمام الدول العظمى الأخرى لاتباع النهج ذاته. وفقا لهذه المعايير الفوضوية التي يرسيها ترامب، سيحق للكيان الإسرائيلي أن يتمدد على حساب دول الجوار، بلا رادع، والأمر نفسه مع الصين وروسيا، فلكل منهما أطماعه التوسعية، وربما كانت التصعيدات الهندية الأخيرة ضد باكستان – والتهديدات بوقف تدفق مياه نهر السند إلى باكستان ـ تأتي في هذا السياق، خاصة أن الهند حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية.
أطماع ترامب في مرور مجاني من قناة السويس المصرية، لا تنفصل عن أحلامه بتهجير الفلسطينيين من غزة وامتلاك القطاع، فبالإضافة إلى طمعه في الغاز، فإن غزة جزء أساس من المخطط الصهيوني لإنشاء قناة بن غوريون، التي ستنافس قناة السويس، كما أنها تُضاف إلى سجل العربدة التي يمارسها في سواحل اليمن لعسكرة البحر الأحمر. تصريح ترامب الصادر بشأن قناة السويس، لم يصدر تجاهه رد رسمي حتى الساعة، لكن كل الإعلاميين والنخب الثقافية والسياسية في مصر واجهوا تلك التصريحات باستنكار شديد، ففضلا عن كون قناة السويس مصدرا رئيسيا لمصر في توفير العملة الصعبة، وأن التصريحات قد أطلقت في ظل أزمة اقتصادية طاحنة تعيشها مصر، فالأمر كذلك يتعلق بالمساس بسيادة دولة لها تاريخها وأهميتها في المنطقة والأمة العربية والإسلامية.
قناة السويس ممر مائي مصري، هي ملك للشعب المصري، والاستثناء في دفع رسوم المرور، الذي يسعى إليه ترامب هو أحد أشكال القفز على مفهوم السيادة للدول الذي يظهر من سياساته أنه ينسفها، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون