مساعي الرئيس فشلت .. وبوارج الغرب تتقدم نحو عدن
بقلم/ محمد عايش
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و يوم واحد
السبت 25 أكتوبر-تشرين الأول 2008 11:55 ص

منعطف خطير تمر به اليمن والمنطقة، وبدءا بيوم أول أمس الخميس 15 أكتوبر يمكن الحديث عن خروج باب المندب وخليج عدن من سيادة الدول المطلة، إلى مرحلة الوصاية الدولية.

7 بوارج حربية من 6 دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، عبرت، فجر الخميس، قناة السويس متجهة إلى خليج عدن والبحر الأحمر في مهمة عسكرية عنوانها هذه المرة "الحرب على القرصنة".

ونقلت وسائل إعلام عن مصادر داخل هيئة قناة السويس قولها إن القطع الحربية المارة ضمت المدمرة الاميركية "ذا سيليفانز" وحمولتها 9 آلاف طن، والفرقاطة الانجليزية "سمبر لاند" وحمولتها 5 آلاف طن.

كما عبرت القناة قطعتان حربيتان ألمانيتان الاولى الفرقاطة "كارلسروهه" وحمولتها 4 آلاف طن وسفينة الدعم "رون" وحمولتها 7 آلاف طن.

 

إضافة إلى: الفرقاطة التركية "جوكوفا" وحمولتها 5 الاف طن، والفرقاطة اليونانية "ميستوكليس"، والمدمرة الايطالية "ليجي جوراندل ديل" وحمولتها 6 آلاف طن.

سيتوزع هذا الأسطول الحربي مهام الانتشار في الممرات المائية بين باب المندب وخليج عدن، لملاحقة القراصنة الصوماليين وحماية سفن التجارة والاصطياد، وذلك في استجابة لطلب من الامم المتحدة كلف، الأسبوع قبل الماضي، حلف شمال الاطلسي بإرسال سفن من قوة مهام مكونة من مدمرتين و4 فرقاطات وسفينة دعم من 6 دول أعضاء في الحلف تشارك في العمليات ضد القراصنة.

وبينما قال المتحدث باسم الحلف الأطلسي جيمس اباثوراي، الأربعاء، ان مهمة هذه القوات القيام بعمليات مكافحة القرصنة، فقد أشار إلى مهمة أخرى لها هي "زيارة دول شريكة للحلف في المنطقة".

جهود اللحظات الأخيرة التي بذلتها اليمن لتحريك مواقف الدول العربية المؤثرة، تجاه الاستعدادات الأطلسية للتدخل العسكري، لم تنجح في الوصول إلى شيء، وبين هذه الجهود الزيارة السريعة التي نفذها الرئيس علي عبدالله صالح إلى كل من السعودية، مصر، والأردن.

ونقلت وكالة أنباء "شينخوا" عن مصدر يمني طلب عدم الكشف عن هويته أن زيارة صالح المفاجئة للأردن ومصر خلال الفترة من أول أكتوبر الجاري حتى الرابع من الشهر نفسه، وعلى رأس وفد رفيع المستوى يضم رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، تأتي على خلفية "تعاظم القلق اليمني مما يلوح في الأفق من مخطط أمريكي- أوروبي يستهدف تدويل البحر الأحمر. 

و أضاف أن الرئيس ناقش مع العاهل الأردنى عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك القلق اليمني المترتب على تكثيف التواجد العسكري الأجنبي المتعدد الجنسيات في المنفذ الجنوبي للبحر الأحمر، ومخاطر ذلك على الأمن القومي العربي، وهواجس اليمن بشأن ما قد يمثله ذلك من مقدمة لتمرير مشروع تدويل مياه البحر الأحمر الذي سبق أن اقترحته إسرائيل قبل سنوات، وقوبل برفض عربي شديد في حينه. 

وناقش الرئيس مع الزعيمين الأردني والمصري مقترحات لمواجهة الأزمة، كان قد تشاور عليها مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال زيارة قام بها للمملكة مؤخرا. 

وأوضح المصدر أن زيارات الرئيس استهدفت تنسيق مواقف الدول المطلة على البحر الأحمر في مواجهة أي تداعيات دولية محتملة تتخذ من مواجهة القرصنة البحرية ذريعة لتدويل البحر الأحمر، ومضيق باب المندب والجزر المحيطة به. 

ومن غير الواضح سبب ما يبدو أنه "حياد" تحافظ عليه هذه الدول الـ 3 تجاه تطورات القرصنة والإجراءات الدولية بشأنها، وهو الحياد الذي دفع الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية إلى إطلاق تحذير للدول المطلة على البحر الأحمر، مؤكدا، في حديث صحفي الأسبوع قبل الماضي، أنه "يجب على الدول المطلة على البحر الأحمر وبحر العرب تحمل مسؤولياتها وتنسيق الجهود في ما بينها لمكافحة أعمال القرصنة، وعدم الاعتماد على الدول الأجنبية في ذلك".

وفي تطور لافت، يشير إلى خيبة المساعي الرسمية اليمنية لدى جيرانها العرب، أعلن في صنعاء، الخميس، عن تأجيل المؤتمر الإقليمي لمكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح على السفن، الذي كان مقررا انعقاده في اليمن في 27 أكتوبر الجاري وتشارك فيه دول المنطقة. واكتفى وزير النقل خالد الوزير، بتبرير هذا التأجيل بالقول إنه جاء بناء على طلب من المنظمة البحرية الدولية.

إحكام القوات الدولية السيطرة على مجالي اليمن الحيويين، جنوبا وجنوب غرب، لن يلبث أن يبدأ في فرض حقائق سياسية وأمنية جديدة خصوصا على دول بعينها، هي الدول المرتبطة بسلسلة إخفاقات ومشاكل على صعيد علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي، وعلى رأسها السودان واليمن. ففي الأخيرة تصاعدت حدة المشكلة المرتبطة بالإرهاب والسياسات الحكومية لمكافحته. ومع تفجير 17 سبتمبر المنصرم، الذي استهدف السفارة الأمريكية بصنعاء، استعاد سياسيون ومعلقون غربيون الخطاب الذي يحمل الحكومة اليمنية مسؤولية التنامي المستمر لأنشطة القاعدة في البلاد، كما اتسع حجم الانتقادات التي تتهم الرئيس صالح بالارتباط بعلاقات مع التيارات الدينية المتطرفة في البلاد وبعض زعمائها المشتبه بعلاقاتهم بالإرهاب.

ومن شأن التواجد العسكري المكثف لأمريكا وحلفائها في المجال الحيوي لليمن، جنوبا وجنوب غرب، أن يضيق الخناق على هامش المناورة الذي ظل الرئيس صالح يحتفظ به في تعامله مع واشنطن كحليف لها في الحرب على الإرهاب. إن من شأن هذا التواجد أيضا أن يستبق "فشل الدولة" في اليمن وفقا لما باتت عديد تقارير دولية تتوقعه بشكل يشبه المسلمة خلال السنوات الأخيرة. وهو الفشل الذي سيحول البلاد إلى رقعة جغرافية مفتوحة على الفوضى والمزيد من انتشار العنف المهدد للمصالح الغربية.

مصدر حكومي كان تحدث لـ"الشارع"، في وقت سابق، عن أن "السواحل والعمق اليمني أحد الأهداف المحتملة بقوة خلف مشكلة القرصنة والحرب عليها".

المملكة العربية السعودية ظلت منزعجة من النشاط الرسمي لصنعاء في الصومال والقرن الأفريقي، وبالمثل لم يكن خط العلاقة الذي فتحه الرئيس صالح مع تيار المحاكم الإسلامية واستضافته للحوار بين زعماء المحاكم والحكومة الانتقالية في مقديشو، محل ترحيب من قبل واشنطن التي يعتقد مسؤولوها العسكريون أن المحاكم الإسلامية نفسها تقف خلف القرصنة، وأن العائدات المالية الكبيرة التي يجنيها القراصنة من عملياتهم تنتهي إلى رصيد هذه الجماعة الدينية.

وفي الإعلام الغربي بدأ الحديث عن القراصنة يتسع ليتجاوز الصومال إلى اليمن، وبشكل يفتقر إلى الدقة قال مركز "بلوووتر" لاستعلامات البحارة، وهو مركز ألماني مرموق، إن "القراصنة في اليمن اعتادوا منذ القدم العيش على مهاجمة السفن"، لكنه أشار لمعلومات خطيرة عن قيام أشخاص بزي رسمي على السواحل اليمنية بالتعرض للسفن والمراكب وإخضاعها لإتاوات نقدية وأحيانا عينية "بضائع، كهربائيات، وأدوات أخرى".

الدول المطلة على البحر الأحمر الأوسع؛ 8 دول: اليمن، السعودية، مصر، السودان، إرتيريا، جيبوتي، الأردن، وإسرائيل.

ولم تجر الدول المشاركة في الحملة العسكرية ضد القراصنة، أية مشاورات مع دول المنطقة قبل حشد قواتها وبدء تنفيذ العملية. وكان مجلس الأمن أصدر في أغسطس قراراً تقدمت به فرنسا، يدعو دول العالم إلى استخدام "جميع الوسائل اللازمة" بما فيها القوة من أجل مكافحة أعمال القرصنة قبالة سواحل الصومال.

ومن حينه بدأت الحكومة، في صنعاء، بالإعلان عن سلسلة إجراءات "استباقية" تهدف إلى مواجهة القرصنة، داعية المجتمع الدولي إلى دعمها، لكن مسؤولا في مصلحة خفر السواحل في عدن قال لـ"الشارع" مساء الخميس، إن تلك الإجراءات ظلت "مجرد مقترحات" ولم ينفذ منها شيء، وبينها ما أعلن عن خطة حكومية لنشر 1000جندي على السواحل اليمنية بهذه المهمة وإنشاء مركز للرصد والمراقبة.

القوات الغربية التي وصلت خليج عدن والبحر الأحمر، ستمكث مدة زمنية تمهد لاستقرار اسطول حربي أوروبي بشكل دائم في المنطقة.

وقال الناطق باسم الحلف الأطلسي ان اسطولا صغيرا من الاتحاد الاوروبي سيحل محل هذه السفن على الارجح في ديسمبر المقبل.

واعلن الاتحاد الاوروبي، الخميس، ان اسطوله المتكون من سفن من ألمانيا وبلجيكا وقبرص وإسبانيا وفرنسا وليتوانيا وهولندا والسويد وربما بريطانيا، سيكون تحت إمرة مساعد الاميرال البريطاني فيليب جونس من المقر العام في نورثوود على الساحل الانكليزي.

لكن ذلك ليس كل شيء، فهناك جدل في الإعلام الغربي حول مشاركة شركات الأمن الخاصة في هذه العمليات وفي القيام بمهام توفير الحماية للسفن في البحر الأحمر وخليج عدن، شركة بلاك ووتر الأمريكية التي اكتسبت سمعة غير جيدة من خلال أنشطتها الداعمة للقوات الأمريكية في العراق، تستعد الآن للاضطلاع بهذه المهمة، التي ستكون أول مهمة بحرية لسفينتها العسكرية التي أنشأتها منذ مدة بتكلفة عالية ولم تستثمرها بعد.

مواجهة إيران ومحاصرة نفوذها في المنطقة والحد من وصولها إلى دول شرق أفريقيا هي، وفقا لمراقبين، ضمن أجندة التحرك الجديد للحلف الأطلسي. بينما معالم تنافس القوى الدولية على النفوذ في هذه المنطقة واضحة عبر الإعلان الروسي الذي أعقب وصول القوات الأطلسية إلى خليج عدن، وهو الإعلان الذي أطلقه، من صنعاء، رئيس المجلس الفيدرالي بروسيا الاتحادية سيرجي ميرونوف الذي يزور اليمن حاليا، وقال فيه إن سفينة حربية روسية ستصل إلى ميناء عدن قريباً، للقيام بمكافحة الإرهاب وأعمال القرصنة وتحرير السفينة الأوكرانية المحتجزة لدى القراصنة على السواحل الصومالية، اذا استدعى الامر ذلك